أحب أن أتوقف قليلا عند التحركات السياسية الأخيرة للرئيس ترامب .
ترامب ليس ضد اسرائيل بل هو يرى أن معاندة ناتنياهو أصبحت غير مقبولة من وجهة نظر مصلحة كل من الولايات المتحدة واسرائيل , وهو في ذلك يقترب من المعارضة الاسرائيلية في نظرتها لسياسة نتنياهو تجاه غزة خصوصا والسياسة الخارجية الحربية عموما باعتبارها لاتعبر عن مصلحة أمن اسرائيل بمقدار ما تعبر عن مأزق شخصي لنتنياهو تجد دعمها ضمن تيار ديني يميني متطرف لاتحبه الادارة الأمريكية .
في أحد جوانبها ترسل التحركات السياسية الأخيرة لترامب خاصة عقده لصفقة مع حماس من فوق نتنياهو رسالة دعم للمجتمع الاسرائيلي الذي يعارض قسم هام منه نتنياهو ويرغب في سقوطه . وتضع فوق الطاولة الخلاف االذي حاول بايدن سابقا حله من تحت الطاولة بين الولايات المتحدة وسياسة اليمين الاسرائيلي .
تمتلك الولايات المتحدة استراتيجية متكاملة للمنطقة العربية أحد أهم عناصرها تسوية الصراع العربي – الصهيوني بصورة تامة والانتقال للتطبيع بين الدول العربية التي لم تطبع مع اسرائيل حتى الآن , والعنصر الآخر الذي يخالف الاستراتيجية القديمة المبنية على ادارة الحروب هو استقرار المنطقة من أجل التفرغ للهم الأكبر الذي يمثله خطر التفوق الاقتصادي والعسكري الصيني والذي يمكن أن يصيب الهيمنة الأمريكية العالمية بضرر بالغ .
وضمن تلك الرؤية فقد أسفرت حرب غزة فيما أسفرت عن وضوح محدودية القوة الاسرائيلية , وبالتالي عن عدم واقعية النظر لاسرائيل كحامية للمصالح الغربية في المنطقة دون أن يعني ذلك انتهاء دورها في المنطقة بصورة تامة .
لابد من أخذ تلك الحقيقة بالاعتبار في تفسير ذلك ” التنمر” الأمريكي غير المعهود والذي استطاع السباحة بعيدا نسبيا عن تأثير اللوبيات الصهيونية القوية في واشنطن .
يمكن تمثيل الموقف الأمريكي الحالي كالتالي :
يقول لسان حال الادارة الأمريكية : ” سيد نتنياهو لقد خضت حرب إبادة ضد غزة ومع ذلك دعمناك خلال كل تلك الفترة الطويلة بالمال والسلاح وفي الأمم المتحدة , لكن تلك الحرب طالت كثيرا , وأنت تتخبط في رمال غزة دون استراتيجية واضحة وتخرب علينا استراتيجيتنا للمنطقة , ورغم نصائحنا المتكررة مضيت في حربك ووضعت نصائحنا وراء ظهرك , ينبغي لهذا المسار العبثي أن يتوقف “
المصدر: صفحة معقل زهور عدي
