
بعد أيام من الإطاحة بنظام الأسد، نقل موقع الخدمة الروسية في “الحرة” الأميركية، طلب ست قرى درزية جنوب سوريا الانضمام إلى إسرائيل. لم يذكر الموقع في 13 كانون الأول/ديسمبر المنصرم أسماء القرى المعنية، لكنه أشار إلى أنها طلبت من إسرائيل ضمها إلى أراضيها وبسط سيادتها عليها. وأضاف، أن الدروز يخشون ملاحقتهم من قبل الإسلاميين الذين سيطروا على السلطة في دمشق. وطالب سكان تلك القرى، في اجتماع لهم، إسرائيل باحتلال المنطقة المحايدة.
يطالب الغرب حكام سوريا الجدد باتخاذ خطوات تطمئنه إلى انفصالهم التام عن الفصائل الإرهابية التي كانوا ينتمون إليها، وذلك كشرط للاعتراف بشرعيتهم وإقامة علاقات طبيعية مع سوريا. لكن إسرائيل ناصبت هذه السلطة العداء منذ البداية، بذريعة الخوف على أمنها من إسلامية سلطة دمشق. وتستخدم هذه الذريعة لتبرير توسيع احتلال الأراضي السورية والغارات العدوانية الجوية، حتى على الأهداف المحيطة بالقصر الجمهوري السوري. ولم تتوانَ عن استخدام العلاقة القلقة والمرتبكة لدروز سوريا بالسلطة الجديدة، وتستغل الأحداث الدموية الأخيرة في ضواحي دمشق ذات الأغلبية الدرزية، لشن حرب جديدة على سوريا، وفتح جبهة أخرى تضاف إلى جبهة غزة، كما يشير الإعلام الإسرائيلي.
موقع detaly الإسرائيلي الناطق بالروسية نقل في 4 الجاري عن صحيفة هآرتس نصاً بعنوان “إسرائيل تسير نحو التصعيد في غزة وسوريا”. كاتب المقال، المعلق السياسي في الصحيفة، Amos Harel، استهل نصه بالإشارة إلى أن الإعلام ينشر كل بضعة أيام تقارير عن هجوم إسرائيلي مزعوم على المنشآت النووية الإيرانية. ومع تقدم المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، تزايدت التهديدات الإسرائيلية المبطنة بتنفيذ مخططاتها، حتى من دون الحصول على الضوء الأخضر من الرئيس دونالد ترامب.
يقول المحلل إنه، وعلى الرغم من بعض الاستعدادات العملية، فإن احتمال توجيه ضربة إسرائيلية إلى المواقع النووية الإيرانية، هو عند أدنى مستوى له. وفي هذا الوقت ينشغل ترامب بالمبادلات في إدارته، وتتوالى تصريحاته بالأمل في توقيع صفقة جديدة مع إيران، لا تختلف كثيراً عن السابقة. وينقل المعلق عن “واشنطن بوست” قولها السبت المنصرم، إن من بين أسباب إقالة ترامب لمستشاره للأمن القومي مايكل والتز، محادثاته السرية مع نتنياهو حول إمكانية توجيه ضربة لإيران.
يرى الكاتب أن نتنياهو لا يستطيع أن يتخلى علناً عن راية ضرب المشروع النووي الإيراني التي يحملها منذ 30 عاماً، حتى لو كان موقف ترامب الحالي يتناقض بشكل مباشر مع فكرة الهجوم الإسرائيلي. ولكن نظراً للوضع الهش داخل الائتلاف الحاكم والشعبية الشخصية المنخفضة للغاية، فمن الأهمية بمكان أن يحافظ نتنياهو على أجواء الحرب على أكبر عدد ممكن من الجبهات، سوريا إضافة إلى غزة.
يقول الكاتب إن نتنياهو نشر صورة من الأرشيف تجمعه مع شيخ عقل الطائفة الدرزية في إسرائيل موفق طريف، حين وعده بدعم دروز سوريا. ويشير إلى أنه بعد سقوط الأسد تعززت العلاقات بين الدروز الإسرائيليين والسوريين. وفي تأكيد لهذا التوجه بين دروز البلدين، يعدد الكاتب الخطوات التي قام بها الطرفان لتعزيز هذا التوجه. لكنه يشير إلى أن دروز إسرائيل منقسمون بين مؤيد للشيخ طريف، وبين من يرى أنه بالغ في تعزيز هذه العلاقات، ما أثار حفيظة النظام في دمشق.
يرى الكاتب أن الحكومة الإسرائيلية تعاني من صعوبات جديدة في رسم سياسة واضحة بشأن سوريا. ويقول إن نتنياهو عقد سلسلة اجتماعات في الأيام الأخيرة حول الوضع في سوريا وغزة. ويتصاعد قلق الأركان العامة الإسرائيلية حيال خطوات نتنياهو في الاتجاه السوري، والتي يمكن أن تجر إسرائيل إلى صراع جديد يعقد العلاقات مع تركيا أكثر مما هي معقدة.
يشير الكاتب إلى أن الاتجاه السوري تعمل عليه الآن عدة مؤسسات: الاستخبارات العسكرية، وقيادة المنطقة الشمالية في الجيش، والأركان العامة للإدارة المدنية، وكذلك الموساد والشاباك.
ينهي الكاتب نصه بالإشارة إلى خروج دروز إسرائيل إلى الشارع مطالبين الحكومة بمساعدة أشقائهم في سوريا، وتوقفت احتجاجاتهم بمجرد أن أصدر نتنياهو أوامره بالرد العسكري.
موقع ZAHAV الإسرائيلي الناطق بالروسية، وينقل إليها مدونات ونصوص مواقع الإعلام الإسرائيلي والعالمي، نشر في 3 الجاري نص مدونة الشاعر والإثنوغراف والناقد الأدبي الإسرائيلي المقيم في مستوطنة بالضفة الغربية Velvl Chernin. عنون المدون نصه بالقول “عن الحرب الجديدة في الشمال”، وأرفقه بآخر ثانوي مطول ” لقد وعد رئيس وزرائنا بحماية الطائفة الدرزية في سوريا، وإذا لم نحمهم فإن الإسلاميين سوف يعتقدون أن تهديداتنا لا قيمة لها. لذلك ليس لدينا الحق في التراجع”.
يشير المدون في مطلع نصه إلى أن حزب الله قد هُزم، ولم تعد الجبهة اللبنانية تمثل مشكلة خطيرة في الوقت الراهن، ولكن مع سوريا، “ربما يكون كل شيء قد بدأ للتو”. ويقول إن ساسة إسرائيل يعلنون بصوت مرتفع عن استعدادهم لحماية الأقلية الدرزية التي تعيش في سوريا، والتي، مثل غيرها من الأقليات العرقية والدينية، تتعرض لهجمات من قبل “الإسلاميين السنة الذين استولوا على دمشق ومعظم أنحاء البلاد”.
يشير المدون إلى أن وسائل الإعلام ذكرت أن الجيش الإسرائيلي أقام نقاط تفتيش على مداخل قرية حضر الدرزية الكبيرة التي تبعد كيلومترات عن الحدود، “ولن يسمح للإسلاميين بالدخول”. ويؤكد أن إسرائيل بإمكانها ضم حضر بحكم الأمر الواقع، “ولن يستطيع أحد أن يوقفنا”. ويشير إلى أن ما يحول دون إقامة نقاط تفتيش على حدود السويداء، كما على مداخل حضر، هو وجود درعا التي “يتعين السيطرة عليها”.
يرى المدون أنه إذا لم تقدم إسرائيل مساعدة حقيقية للدروز السوريين، فسوف يشعر الإسلاميون بالضعف الإسرائيلي، ويدخلون قواتهم إلى السويداء. وتقديم مساعدة فعلية، سوف يؤدي إلى نشوب حرب حقيقية. لقد وعد “رئيس وزرائنا” بتقديم المساعدة للطائفة الدرزية السورية، وإذا لم تحمها إسرائيل، فسوف يعتقد الإسلاميون أن “تهديداتنا” لا قيمة لها. “لذلك ليس لدينا الحق بالتراجع”.
يقول المدون إن البعض سيعترض، ويقول إن هذا ليس من “شأننا”، وليعمل السوريون من كافة الطوائف على تسوية الأمور فيما بينهم. وقد يعترض آخرون ويقولون إن نتنياهو مهتم بعدم انتهاء الحرب مما يضمن احتفاظه بالسلطة. ويقول إنه سيرد على هذه الاعتراضات بالقول إن دوافع نتنياهو ليست مهمة، كما ليس مهماً موقفه أو موقف أي إسرائيلي آخر من نتنياهو، “نحن جميعا يهود وإسرائيليون”. فإذا “تركنا” الآن الدروز السوريين تحت رحمة الإسلاميين، “فإننا جميعاً سنكون مذنبين، سواء أولئك الذين يؤيدون بيبي أو أولئك الذين يعارضونه”.
وفي هذا السياق، يقول المدون إنه لم يصوّت لنتنياهو في الانتخابات الماضية، ولن يصوت له في المقبلة. لكنه يقول إنه انتخبه في العام 1999 ضد إيهود باراك الذي فاز حينها، وسحب القوات الإسرائيلية من المنطقة الأمنية في جنوب لبنان، وخان “حلفاءنا”، جيش لبنان الجنوبي، الذي قاتل جنباً إلى جنب مع الجيش الإسرائيلي. ولم يكن عديد الجيش الجنوبي يتشكل من الموارنة فحسب، بل ومن بعض الدروز والشيعة اللبنانيين. ولقد تبع ذلك على الفور تقريباً الانتقام من هذه الخيانة في شكل الانتفاضة الثانية. “وأنا شخصياً، اعتبرته عقاباً من الله، وهو ما نستحقه جميعاً”.
المصدر: المدن