غارات إسرائيلية على ريف حماة ودمشق: رسالة للقيادة السورية

شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي، ليل أمس الخميس، سلسلة غارات جوية استهدفت مواقع عسكرية في محيط العاصمة دمشق وعدة مناطق جنوب سوريا، وسط تحليق مكثف للطيران الحربي في أجواء عدة محافظات.

واستهدف الطيران الإسرائيلي محيط العاصمة دمشق بـ7 غارات، شملت مناطق في حرستا، الكسوة، وتل منين، بالإضافة إلى استهداف الفوج (41) قرب مستشفى حرستا العسكري. كما دوّت انفجارات قوية في أنحاء العاصمة بالتزامن مع تحليق الطيران الحربي الإسرائيلي.
وفي جنوب سوريا، استهدفت غارتان محيط مدينة إزرع في ريف درعا، إحداهما طالت الفوج (175)، وسط تحليق للطيران في أجواء القنيطرة ودرعا.

وفي ريف حماة، أعلنت وكالة “سانا” الرسمية، إصابة أربعة أشخاص جراء استهداف محيط قرية شطحة غربي المحافظة.

وفي وقت سابق، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس، صادقا على تنفيذ هجمات جديدة ضد أهداف في سوريا، بهدف إيصال رسالة مباشرة إلى القيادة السورية الجديدة.

سياسة تصعيدية

ووفق الهيئة، فإن القرار يأتي ضمن سياسة تصعيدية تسعى من خلالها تل أبيب إلى التأكيد على ما تصفه بـ”الخطوط الحمراء” في الملف السوري.

ولم يصدر حتى الآن تعليق رسمي من دمشق على هذه المزاعم، فيما لم تُعرف طبيعة الأهداف التي قد يشملها هذا التصعيد.

وكانت رئاسة الجمهورية العربية السورية أدانت “بأشد العبارات”، في بيان الجمعة، عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القصر الرئاسي في دمشق.

وقالت الرئاسة السورية، إن القصف الذي تعرّض له القصر الرئاسي “يشكل تصعيداً خطيراً ضد مؤسسات الدولة وسيادتها، وإن هذا الهجوم المدان يعكس استمرار الحركات المتهورة التي تسعى لزعزعة استقرار البلاد وتفاقم الأزمات الأمنية ويستهدف الأمن الوطني ووحدة الشعب السوري”.

غوتيريش قلق

من جهته، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن قلقه العميق إزاء “التقارير عن أعمال العنف في ضواحي دمشق وفي جنوب سوريا، بما في ذلك التقارير عن سقوط ضحايا من المدنيين واغتيال شخصيات من الإدارة المحلية”.

وجاء ذلك على لسان الناطق الرسمي باسمه ستيفان دوجاريك، خلال المؤتمر الصحافي اليومي الذي يُعقد في مقر الأمم المتحدة الرئيسي في نيويورك.

وأشار دوجاريك إلى إدانة الأمين العام لجميع “أعمال العنف ضد المدنيين، بما فيها تلك التي تهدد بتأجيج التوترات الطائفية”. كما أدان “انتهاك إسرائيل لسيادة سوريا، بما في ذلك الغارة الجوية الأخيرة قرب القصر الرئاسي في دمشق”، مشدداً على ضرورة “أن تتوقف هذه الهجمات، وأن تحترم إسرائيل سيادة سورية ووحدتها وسلامة أراضيها واستقلالها”.

ودعا الأمين العام جميع الأطراف المعنية، بشكل قاطع، إلى وقف جميع الأعمال العدائية، وممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب المزيد من التصعيد. وأعرب، في الوقت نفسه، عن ارتياحه “للجهود السورية الداخلية المبذولة لتهدئة العنف والحفاظ على الأمن والاستقرار”، وناشد السلطات السورية التحقيق بشفافية وعلانية في جميع الانتهاكات. وشدد على ضرورة دعم عمليات انتقال سياسي ذات مصداقية ومنظمة وشاملة في سوريا، بما يتماشى مع المبادئ الأساسية لقرار مجلس الأمن رقم 2254 للعام 2015.

تحذيرات من أعمال العنف

وفي سياق متصل، كانت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا قد أصدرت بياناً تحذر فيه من تصاعد أعمال العنف والاشتباكات المميتة “ذات الأبعاد الطائفية” في الفترة الأخيرة بالقرب من دمشق، ووصفتها بالمقلقة “لمسار سوريا نحو سلام مستدام يحترم الحقوق”. وأشارت إلى تقارير حول “مقتل أكثر من مئة شخص في الاشتباكات، بمن فيهم المدنيون، في القتال الذي امتد إلى محافظة السويداء”.

يُشار إلى أن اللجنة الأممية تم إنشاؤها عام 2011 من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وتتمثل ولايتها في التحقيق بشأن كل الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان المرتكبة في سورية منذ عام 2011.

وحذرت اللجنة كذلك من “تزايد خطر تفاقم التشرذم وإلحاق الضرر بالمدنيين بسبب استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية في جميع أنحاء الأراضي السورية”. ولفتت الانتباه إلى أن “الغارات الجوية الإسرائيلية والتهديدات بمزيد من التدخل العسكري، مع الاستمرار في توسيع احتلال إسرائيل للجولان السوري، فضلاً عن محاولاتها لتقسيم مختلف المجتمعات السورية، تهدد بمزيد من زعزعة الاستقرار في سوريا”. وشددت على أنه “ينبغي أن يكون تاريخ سوريا الحديث بمثابة تذكير بأن التدخلات الخارجية غالبًا ما أدت إلى زيادة العنف والنزوح والتشرذم”.

خطاب الكراهية

وحذر البيان من أن “انتشار التحريض التمييزي وخطاب الكراهية، بما في ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يُؤجج العنف ويهدد التماسك الاجتماعي الهش في سوريا”. كما حثت اللجنة الأممية “جميع الأطراف المشاركة في التصعيد الحالي على وقف الأعمال العدائية فوراً، والسعي بجميع السبل المتاحة إلى وقف التصعيد والانخراط في الحوار”. وأكدت “ضرورة إعطاء الأولوية لحماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، ومنع المزيد من النزوح”.

ولفتت اللجنة الانتباه إلى أنه “وفي ظل الوضع الذي ما زال متقلباً، وقد تم التوصل إلى اتفاق بين قادة بارزين في السويداء والسلطات في دمشق، بحسب ما أفادت التقارير، فإن اللجنة تؤكد أن الحكومة المؤقتة لا تزال مسؤولة عن ضمان حماية جميع المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها”.

وأشارت إلى أن “الإفلات من العقاب عن الانتهاكات الجسيمة في الماضي كان محركاً للنزاع في سوريا، ويجب عدم السماح باستمراره”. وأكدت كذلك أن “سوريا لا يمكن أن تبدأ بإعادة بناء الثقة بين مجتمعاتها المنقسمة إلا من خلال دعم سيادة القانون، وضمان العدالة، والمساءلة، وتقديم التعويضات للضحايا وعائلاتهم”.

المصدر: المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى