خمسون الحرب اللبنانية (3)

غازي العريضي

عندما أقرّ اتفاق الطائف تمّ تفويض سوريا بإدارة الشأن اللبناني انسجاماً مع الصفقة الأميركية العربية والموافقة الاسرائيلية والمقايضة بين قبول حافظ الأسد المشاركة في التحالف الدولي لإخراج الجيش العراقي من الكويت، وإخراج ميشال عون من بعبدا. مع تحقيق هذا الهدف بدأت مرحلة جديدة في لبنان والمنطقة تميّّزت بالتالي:

– توحيد الجيش اللبناني ودمج ألويته.

– 1 أيار 1991 حلّ الميليشيات وبدأ تسليم السلاح. الحزب التقدمي الاشتراكي وحركة أمل سلمّّا سلاحهما للجيش وأعادا سلاحاً إلى سوريا. القوات اللبنانية لم تسلّّم السلاح وشكلت لجنة وزارية للتفاوض معها (الوزيران البير منصور ومحسن دلول) وأخذت وقتاً ثم نالت موافقة مجلس الوزراء على بيع السلاح إلى الخارج والسماح باستخدام مرفأ بيروت لهذه الغاية.

– مع وجود القوات الأميركية في المنطقة خرجت نظرية تقول: “لقد جاء الأصيل فتراجع دور الوكيل “. أي جاءت أميركا مباشرة فدور إسرائيل إلى تراجع وانكفاء. كنت يومها ضد هذه النظرية بالكامل وكتبت أكثر من مرة: “لقد جاءت أميركا لتثبيت دور الوكيل، الأصيل الوحيد الثابت في المنطقة كدولة متفوقة: إسرائيل”. للأسف هذا ما حصل ولا يزال يحصل حتى الآن. إسرائيل التزام وأمانة أميركا بلا منازع.

– 15/7/1991: القمة الصناعية في لندن تدعو إلى إسقاط المقاطعة العربية لاسرائيل.

– 30/10/1991: انعقد مؤتمر مدريد. هذا تطوّر مهم. وقع لبنان في إشكالية. سوريا تريد مشاركته. ولبنان يعتبر نفسه غير معني بالقرارين 242 و 338. فالقرار 425 الصادر بتاريخ 19/3/1998 هو الذي يعنيه ويدعو إسرائيل إلى الانسحاب من أراضيه المحتلة من دون قيد أو شرط. لكن ميزان القوى وتفويض سوريا بالبلد لم يكن لمصلحة مقاطعة لبنان. قبل الدخول إلى المؤتمر أعلن الرئيس جورج بوش ووزير دفاعه ديك تشيني: “أميركا ستبقى على التزامها أمن إسرائيل القوية في المنطقة”. وفي كلمته لم يأت الرئيس الأميركي على ذكر مبدأ الأرض مقابل السلام وقراري الأمم المتحدة 242 و338 علماً أنه كان وبعد حرب الخليج أكد مراراً أن النظام الدولي الجديد يقوم على دور أساس للأمم المتحدة ومع ذلك رفض أن تلعب المنظمة الدولية دوراً فاعلاً في يوغوسلافيا.

– 10/12/1991: أي بعد اقل من شهر ونصف الشهر على انعقاد المؤتمر دفعت أميركا في اتجاه الغاء القرار 3379 الصادر عام 75 والقاضي باعتبار الصهيونية شكلاً من اشكال العنصرية !! وأكدت التزامها بمضمون الرسائل التي ارسلها الرئيس فورد إلى إسرائيل عام 1975 والتي تؤكد “حقها بالتمسك بالجولان كمنطقة استراتيجية حيوية لأمنها”. فأين الأرض مقابل السلام وعن أي أرض يتحدثون وعن أي سلام ؟؟

– مع هذه السياسة كانت أميركا تقاطع لبنان فعلياً. فمع الطائف أقرّ إنشاء صندوق دعم عربي ودولي لإعادة إعمار البلد. وعد عدد من الدول العربية بالمساعدة. وحدّّد بعضها المبلغ ولكن لم يصل شيئ وتبين أن اميركا لم تعط الإشارة. ذهب وفد رئاسي كبير إلى واشنطن وطالب بتحقيق هذا الوعد ولم يحصل شيئ.

– إحدى الإشكاليات الأساسية التي واجهت تطبيق الاتفاق أيضاً هو رفض إسرائيل الانسحاب من الأراضي اللبنانية فرفضت سوريا بطبيعة الحال سحب قواتها. أما المقاومة فقد استمرت في دورها وكانت قد تحولت إلى “المقاومة الاسلامية” ولم يعد ثمة دور فعلي لـ”جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية” بقرار سوري، علماً ان الجبهة قدمت عدداً كبيراً من الشهداء من الأحزاب الوطنية وكان لها دور فاعل في تحرير الأرض. القرار يأتي في سياق الإدارة السورية للعبة في لبنان، ولشبكة مصالحها في المنطقة مع إيران والعرب، وفي ظل الدعم الأميركي المفتوح والمفضوح لاسرائيل والضغوطات في مدريد وما بعده. قبل المؤتمر بأشهر أعلن رئيس حكومة إسرائيل شامير: “لا مكان لتقديم تنازلات تتعلق بالأراضي. يضغط علينا لترك اراض لكن إسرائيل ليست قارة. إنها بلد صغير – هذا ما يقوله ترامب اليوم – لا يمكن ان تتقسّم أكثر. عام 1917 وعدونا بكل فلسطين ثم أخذوا منا عام 1922 الضفة اليسرى لنهر الأردن وهذا يكفي”. وبعد المؤتمر أصدر الكنيست قراراً أكد فيه: “الجولان أرض اسرائيلية”.

وبدأت إسرائيل تعدّ الخطط والمشاريع للمنطقة الجديدة في مجالات الزراعة والسياحة والنقل والاقتصاد والتكنولوجيا المتطورة في حقول الطب والمعلوماتية واستخدام اليد العاملة العربية والتركيز على موضوع المياه الذي قال عنه شيمون بيريز في تركيا: “إن المياه كالغيوم، هل يمكن لدولة أن تدّعي ملكيتها “؟؟ قبل ذلك الوقت كتبت: “إذا استمر الوضع على حاله الآن، يصح القول: إنه عصر إسرائيل الذي سيتحول فيه العرب إلى أجراء وموظفين وعاملين حسب الخطط والمشاريع الاسرائيلية المعدّة” (13-12-1991 كتاب: لبنان الثمن الكبير للدور الصغير- صفحة 61 ). أليس هذا ما يحصل اليوم؟

– 16/2/1992: إسرائيل تغتال الامين العام لحزب الله السيد عباس الموسوي والسيد حسن نصرالله يستلم الامانة العامة للحزب.

– 6/5/1992: استقالة حكومة الرئيس عمر كرامي على وقع مظاهرات عمالية شعبية وارتفاع في سعر الدولار الأميركي لامس ال 3000 ليرة لبنانية تقريباً. أجريت الانتخابات النيابية في ظل مقاطعة مسيحية كبيرة وكان تشكيك في صحة التمثيل المسيحي في لبنان، بعد تعديل اتفاق الطائف وزيادة عدد النواب من 108 إلى 128 ووجود ميشال عون في المنفى، والرئيس الجميل خارج لبنان، وشعور المسيحيين بالإنكسار. وفي ظل الضغوطات الأميركية الاسرائيلية الغربية التي تمارس على سوريا ولبنان، والمقاطعة الفعلية للبنان من قبل الأميركيين، أدرك حافظ الأسد خطورة الأمر فقبل برفيق الحريري رئيساً للحكومة في سياق محاولة إبقاء علاقاته جيدة مع السعودية والاستفادة من حضور الحريري الدولي وإمكاناته المالية لاستيعاب الوضع في البلد وتجنّب انفجاره في وجهه.

– تحرك الحريري بدينامية وأطلق عناوين مشاريع كبيرة. لكن الرصد الأميركي – الإسرائيلي لكل حركة في لبنان قائم. لا قيامة للبنان ولا إحياء لدوره دون موافقة أميركية قائمة على قياس إسرائيل الدولة القوية المتفوقة في المنطقة ولبنان عنصر قلق كبير لها في الأساس، كدولة تنوع وحريات وديموقراطية وانفتاح على العالم، وكمقاومة تلحق بالجيش الإسرائيلي خسائر كبيرة مؤلمة ويتصاعد دورها! هنا التحدي الكبير المستمر.

– 7/12/1992: أبعدت إسرائيل المئات من الفلسطينيين إلى لبنان. اتخذ في مجلس الأمن فوراً القرار 799 بالإجماع الذي يدعو إلى “إعادة المبعدين وأشار إلى القدس كمدينة محتلة”. رفضت إسرائيل الإنصياع. لوّح أمين عام الأمم المتحدة دوكويار باتخاذ “عقوبات بحق إسرائيل” فانتفض هنري كيسنجر قائلاً: “كيف يمكن للأمين العام ان يخاطب إسرائيل بهذه اللهجة”؟ أما شيمون بيريز فقد قال لوزير خارجية مصر عمرو موسى: “أرحناكم منهم. لم نبعدهم إليكم. لديكم ما يكفيكم”. اليوم لدى مصر ما يكفيها ويزيد واسرائيل تريد إبعاد مئات آلاف الفلسطينيين اليها. المشروع هو هو ولا يزال مستمراً، واضاف بيريز نظرية أخرى إلى ما سبق فقال : “إن عملية الإبعاد تخدم أهداف السلام. حين اسكتنا السلاح فتحنا الطريق أمام مواصلة عملية السلام بين العرب واســرائيل ولو لم تلجأ حكومتنا إلى الإبعاد لكان التهديد بالعنف طغى على المفاوضات”!

النظريات ذاتها تطرح الآن باسم السلام والازدهار. والفلسطينيون يواجهون خطر الإبعاد من كل فلسطين واسرائيل على مشارف تحقيق حلمها: إسرائيل الكبرى والعرب غارقون في أوهامهم ورهاناتهم الخاطئة.

– 4/1/1993: إقرار قانون إنشاء وزارة المهجرين، وكانت الاتصالات بين الزعيم الوطني وليد جنبلاط ومرجعيات مسيحية قد بدأت قبل صدور هذا القانون تمهيداً للعودة وقد اتخذت إجراءات عملية على مستوى عدد من القرى.

– إسرائيل تتحدث عن غليان “أصولي” في العالم العربي وتحذّر أميركا وأوروبا من تنامي تداعياته.

– اتصالات عربية- غربية مع القيادة الفلسطينية للدخول في مفاوضات مع اسرائيل.

– 25/2/1993: وزير خارجية أميركا وارن كريستوفر يزور بيروت بعد جولة في الخليج يعلن خلالها في الكويت: “ابلغت الشيخ جابر بأن عليهم وقف مقاطعة إسرائيل ولم أسمع كلاماً مرضياً (بعد تحرير الكويت) وهذا يسيئ إلى العلاقات بيننا”. بعد ذلك تلقت إسرائيل وعداً من كلينتون بأن يطرح الأمر على قمة الدول الصناعية التي ستعقد في 7 تموز وقد حصل ذلك لاحقاً لممارسة ضغط على العرب.

– 25/7/1993: حرب الأيام السبعة في الجنوب بين إسرائيل والمقاومة. كانت تغطي المفاوضات الاسرائيلية – الفلسطينية في أوسلو التي فاجأت الجميع بالتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وقّع لاحقاً في البيت الأبيض بحضور رابين وعرفات وكلينتون وبيريز وشخصيات عالمية وكان ذلك بتاريخ 13/9/1994 .

– في هذا الوقت كنت في واشنطن والتقيت قبل التوقيع بمسؤول في وزارة الخارجية وأبلغني ما سيحصل. سألت: “ماذا عن موقف سوريا”؟ لأن الجميع فوجئ بالاتفاق. فقال: “لقد ابلغنا الأسد أنه ضد الاتفاق لكنه يلتزم بعدم تحريك الشارع ضده”! ما حصل هو أن الشارع في لبنان تحرك ونظمت مظاهرة كبيرة على طريق المطار بدعوة من “حزب الله” لكن الجيش أطلق النار عليها وسقط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى والجيش في ذلك الوقت كان يأتمر بأمر السوري فعلياً. فالتزم الأسد بتعهده!

– مع توقيع الاتفاق وتداعياته السريعة بدأت مرحلة جديدة تتقاطع فيها الحسابات من فلسطين إلى سوريا مروراً بلبنان إلى كل المنطقة، وأميركا واسرائيل للتذكير ليستا مرتاحتين لاطلاق مشروع الإعمار في لبنان ومحاولة استعادة دوره ولاستمرار عمل المقاومة ضد قواتها في الجنوب.

– ضغط خارجي على البلد وتناغم من قبل المعارضة وعمل جدي في أروقة المؤسسات الأميركية ضد سوريا وتركيبة الحكم في لبنان والمقاومة وإيران التي تدعمها. ومعارضة شرسة في إسرائيل للاتفاق مع ياسر عرفات الذي يحضّر لبناء “دولته” من الشكل الذي كان يركّز عليه كثيراً إلى المؤسسات التي لن تقبل بها إسرائيل وكانت أميركا ترصد كل شيئ. ودولة إسرائيل العميقة تريد الابتزاز في كل شيئ. في حساباتها: لا يمكن قيام دولة فلسطين. وعلى وقع التجاذبات الداخلية في مواجهة “مشروع الحريري” الذي قبلت به سوريا ولكنها تخشى دوره وتمدّده وتحرك معارضة ضده آخذين بعين الاعتبار الأخطاء التي ارتكبت واستغلت من قبل الآخرين. كتبت في ذلك الوقت: “يخطئ من يعتقد ان دور لبنان الجديد قد تحدّد نهائياً في اتفاق الطائف”. (كتاب: لبنان الثمن الكبير للدور الصغير – ص 120 ). “المرسوم للبنان بعد الحرب ليس ما أقرّ في اتفاق الطائف، فالمنطقة مقبلة على تغيرات ولبنان جـزء منها، ثمة إعادة رسم أدوار وخرائط”. (الكتاب ذاته صفحة 128)

– 21/1/1994: وفاة باسل الأسد في حادث سيارة وبدء مرحلة جديدة في سوريا. باسل كان يحضّر خليفة لوالده. اليوم تغيرت الحسابات.

– 9/9/1994: مصالحة الباروك في الجبل.

– 17/10/1994: إعلان وادي عربة. الاتفاق بين الأردن واسرائيل.

– 27/10/1994: الرئيس بيل كلينتون يزور دمشق ويلتقي الأسد في محاولة للوصول إلى اتفاق بين سوريا واسرائيل.

– 4/2/1995: اغتيال اسحق رابين الذي وقّع اتفاقية “السلام” مع عرفات. تطور كبير ومرحلة جديدة معاكسة لكل آمال الهدوء والرهان على الاتفاقات مع اسرائيل.

– معركة داخلية في لبنان بين مؤيدين للتمديد للرئيس الياس الهراوي وآخرين يسستعجلون وصول العماد إميل لحود إلى الرئاسة بدعم فريق سوري مؤثر. انتهى الأمر في 19/10/1995 بالتمديد 3 سنوات لتبدأ مرحلة جديدة من التوترات الداخلية على وقع ما يجري في المنطقة والحسابات السورية الداخلية مع الاستعداد لتسليم السلطة لنجل الاسد بشار بعد وفاة شقيقه الأكبر باسل.

– 15/10/1995: مصالحة معاصر الشوف.

– 1996: عام الانتخابات النيابية والحريري ينوي الترشّح. معركة معادلة جديدة وضغوطات أكبر ستمارس ضده.

– 4/4/1996: الرئيس الفرنسي جاك شيراك في بيروت ألقى خطاباً في مجلس النواب قال فيه: “… ولا بد بعد انسحاب اسرائيلي كامل أن يكون الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي الضمان الوحيد لفرض سلطة الدولة على التراب الوطني كاملاً، بحيث يشعر بلدكم كما تشعر إسرائيل والبلدان العربية في المنطقة بأمان تام وهي مسؤولية أساسية يتعين على لبنان ان يضطلع بها بثقة في إطار اتفاق سلمي وسوف يسمح الوضع الجديد وأنا لا اشك بالأمر للقوات السورية بأن تنسحب بعد الاستتباب التام للسلام”. كلام ترك انعكاسات كبيرة في لبنان، إذ ربط خروج القوات السورية بالسلام في المنطقة في وقت تشهد فيه إسرائيل غلياناً داخلياً وخلافات عميقة وتشدداً بعد اغتيال رابين.

– 11/4/1996: حرب اسرائيل، “عناقيد الغضب” ضد لبنان وارتكاب مجزرة قانا بقصف اسرائيلي استهدف مقراً للأمم المتحدة لجأ إليه المدنيون هرباً من الآلة العسكرية الاسرائيلية التي كانت تمارس قتلاً عشوائياً ضد سكان المناطق المستهدفة. دخلت أميركا عبر وزير خارجيتها كريستوفر في مفاوضات وفرنسا عبر الوزير ايرفي دو شاريت واتصالات مباشرة مع سوريا ودور رئيسي للحريري حتى تمّ التوصل إلى ما سمي “تفاهم نيسان” الذي أعطى شرعية للمقاومة في وجه اسرائيل، وأميركا استخدمت حق الفيتو ضد قرار تغريم إسرائيل بمليون و700 ألف دولار بسبب قصفها مبنى الأمم المتحدة وارتكاب المجزرة البشعة فيه.

– 4/8/1996: مصالحة مزرعة الشوف.

– 10-11/5/1997: الباب يوحنا بولس الثاني في زيارة تاريخية للبنان. تحاول سوريا الاستفادة منها.

– 15/9/1997: مادلين أولبرايت وزيرة خارجية أميركا في بيروت تعلن: “انتهت مرحلة طويلة من الغياب وعدم الاهتمام أو الاهتمام المحدود في مناسبات محددة وبدأت مرحلة جديدة. إنها بداية مرحلة عودة الدور الأميركي المباشر في لبنان”.

– 1998: بداية الحديث عن استعداد اسرائيلي على لسان رئيس الحكومة ايهودا باراك: سبق ذلك اقتراحات للانسحاب من جزين اولاً وغيرها.

– 24/11/1998 وصول العماد اميل لحود إلى سدة الرئاسة. بدء مرحلة جديدة ومحاولة سورية للامساك اكثر بـ”الورقة اللبنانية” وانقسام داخلي حاد وحركة معارضة لبنانية خارجية قوية مع مراكز القرار الاميركي والغربي عموماً ضد الوجود السوري في لبنان.

– انقسام داخلي في البلد بعد اقصاء الحريري عن رئاسة الحكومة وانطلاق حركة معارضة قوية من قبل الزعيم وليد جنبلاط ضد الحكم الجديد ولاحقاً انضم الحريري إلى المعارضة.

– الامير بندر بن سلطان أمين عام مجلس الأمن الوطني في السعودية وصاحب العلاقات الواسعة من واشنطن إلى موسكو وبريطانيا والعالمين العربي والاسلامي والذي لعب أدواراً كبيرة وربطته بالقيادة السورية علاقات وثيقة يقول في حديث إلى الصحفي عضوان الأحمري ونشرته “الشرق الأوسط “بتاريخ 29/3/2019: “التقيت الأسد عام 1998 لم يكن يركّز كثيراً. كنت مضطراً لتكرار الحديث وإعادة ما قلته حتى يلتقط الموضوع. في نهاية الحديث قال لي: لم يؤلمني أكثر من رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحاق رابين وكان قد اغتيل”. قلت: “كيف آلمك”؟ قال: “أنا عادة أرى الفرصة وانتظر حتى يحين الوقت المناسب والتقطها. هذه المرة سبقني رابين على اقتناص الفرصة ولا أستطيع مسامحة نفسي”. قلت له: “كيف”؟ قال: “رابين قرر أن يغيّر المعادلة. أعطى خطاباً لوزير الخارجية الأميركي موجهاً لرئيسه يقول فيه: أبلغ الأسد أنني موافق على الانسحاب من الجولان إذا تعهد لكم أنتم لا نحن باعادة العلاقات وغيرها وأحد الطلبات سحب الأسلحة الثقيلة إلى الحدود التركية. رفضت استلام الخطاب لأنه موجّه إلى كلينتون وليس لي. رد وزير خارجية أميركا -كريستوفر- فخامة الرئيس فكّر بالموضوع. هذا أفضل عرض قد يأتيك. رابين له شعبية ويستطيع تمريره في الكنيست والرئيس مستعد أن يأتي بنفسه ويكون الوسيط. قال حافظ: عاندت ورفضت وقلت إذا كان الخطاب موجهاً لي يكتبه لي لا للرئيس”. قال كريستوفر بغضب: “لا. لن اعود إلى تل أبيب بل إلى واشنطن”. وأضاف الأسد، “لو استغليت تلك الفرصة لكان الجولان لنا. ولفتحت سفارة لا نجعل أحداً يعمل فيها ولكن الفرصة ضاعت”.

– يضيف الأمير بندر: “المسألة كانت مسألة إصرار الأسد على استعادة 10 أمتار في بحيرة طبريا والاسرائيليون كانوا يريدونها مفتوحة لمرور دورياتهم ورفض الأسد ذلك رغم أن الأميركيين اقترحوا تشكيل مجموعة دولية مؤلفة من أميركا بريطانيا كندا اليابان ودول الخليج للعمل على مشاريع مشتركة مناصفة لإحياء الجولان بمناطق زراعية صناعية سياحية .. وكان الأسد متفائلاً لكنه رفض مسألة العشرة أمتار”.

– 1999: وليام دايلي وزير التجارة الخارجية الاميركي في لبنان: “نريد استعادة لبنان” وتمّ تقديم مشروع في الكونغرس: “إنه عام استعادة استقلال لبنان وخروج القوات السورية”، وذلك بعدما تلمّّس الأميركيون بداية تدهور صحة حافظ الأسد.

– 19/3/2000: قمة في جنيف جمعت حافظ الأسد بكلينتون. تأكد الأميركيون أن صحته متدهورة وأنه في آخر أيامه.

– تتصاعد عمليات المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي ويرافق ذلك تحضيرات بداية الانسحاب من الجنوب.

– 25/5/2000: إسرائيل تنسحب من الجنوب. إنه “عيد المقاومة والتحرير”.

– 10/6/2000: وفاة حافظ الأسد. ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز على رأس وفد كبير ضمّ الأمير بندر بن سلطان وغيره. يقول الأمير بندر في الحديث ذاته المذكور سابقاً مع الصحفي عضوان الأحمري وبعد أن فرض بشار نفسه رئيساً: “كان نقاش معه قبل أن يصل الملك وكنت سبقته إلى دمشق، فقال لي: “… بندر الناس تتوقع يدي مخملية. هي مخملية وتحتها حديد”! وعندما التقاه الأمير عبد الله نقل الأمير بندر عن ولي العهد قوله: “هذا غليّم ما يعرف يحكي. أقول لك هذا ما يعرف يحكي. سألته من عندك من الرجال والمستشارين ما يعرف يحكي. سوريا تهمنا ما نبغاها تسقط”. لم يطل الوقت حتى بدأ فعل اليد المخملية التي تحتها حديد.

– 3/9/2000: ربح تحالف الحريري وجنبلاط الانتخابات في الجبل وبيروت .

– 20/9/2000: بيان المطارنة الموارنة من بكركي يدعو إلى انسحاب القوات السورية بعد انسحاب اسرائيل.

– 26/10/2000: الحريري يعود ويشكل الحكومة.

– 7/11/2000: وليد جنبلاط في كلمة أثناء مناقشة البيان الوزاري للحكومة يدعو إلى “إعادة تموضع القوات السورية في لبنان” كما أقرّ في اتفاق الطائف ولا يستخدم كلمة انسحاب. قامت القيامة في الجلسة وبعدها، وصدرت كلمات تخوّنه وتهدده. وهذه أولى إشارات “اليد المخملية”. بدأ مسلسل خطير جداً في لبنان.

 

المصدر: المدن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى