
أعلن الفاتيكان، الإثنين، وفاة البابا فرنسيس، أول بابا من أميركا اللاتينية يتولى قيادة الكنيسة الكاثوليكية، منهياً بذلك فترة بابوية دامت 12 عاماً، تميزت بمحاولات إصلاحية وانقسامات داخلية متزايدة.
وأكد بيان مصور صادر عن الفاتيكان أن البابا فرنسيس فارق الحياة صباح اليوم عن عمر ناهز 88 عاماً، بعد معاناة طويلة مع أمراض متعددة، من بينها التهاب رئوي حاد. وأعلن الكاردينال كيفن فاريل عبر قناة الفاتيكان أن الوفاة حدثت عند الساعة السابعة وخمس وثلاثين دقيقة صباحاً.
ورغم تدهور صحته في أيامه الأخيرة، إلا أن البابا بقي وفياً لقضاياه الإنسانية، وعلى رأسها قضايا الشعوب المنكوبة، ومن بينهم السوريون الذين حظوا بمكانة خاصة في قلبه طوال سنوات الحرب.
مواقف البابا فرانسيس من الثورة السورية: محطات تاريخية
في ظل التهديدات الأميركية بشن ضربات جوية ضد نظام الأسد بعد مجزرة الكيماوي في الغوطة عام 2013، أطلق البابا فرنسيس نداءً عاجلاً دعا فيه إلى يوم عالمي للصلاة والصوم من أجل السلام في سوريا، مؤكداً أن “الحرب تولّد الحرب، والعنف يولد العنف… لا للحرب”.
وفي ذات الشهر، قاد البابا عشرات الآلاف من المؤمنين في صلاة ضخمة بساحة القديس بطرس، داعياً إلى إنهاء العنف في سوريا عبر الحوار لا الحرب، وفي رسالته السنوية بمناسبة عيد الميلاد في العام نفسه، شدد البابا فرنسيس على أن “لا يمكن أن يكون هناك عيد سلام فيما الأطفال يموتون في سوريا”، مجدداً دعوته إلى السلام.
وعقب الهجوم الكيماوي الذي استهدف به النظام المخلوع مدينة دوما بريف دمشق في عام 2018، دان البابا استخدام الأسلحة الكيميائية وطالب بوقف ما أطلق عليه آنذاك اسم “المذبحة”.
الدعوة للسلام من أجل أطفال سوريا
وفي عظاته المختلفة، كان البابا يشير مراراً إلى مأساة الأطفال السوريين، معتبراً أن “دماء أطفال سوريا مسؤولية الجميع”، مضيفاً في كل رسالة عيد ميلاد دعوته إلى “حل سياسي حقيقي وعادل للأزمة السورية” من خلال الحوار.
وخلال خطبته بعيد الميلاد 2020 وسط جائحة كورونا، خصّ البابا أطفال سوريا والعراق بصلاة خاصة، معبراً عن ألمه لمأساتهم وداعياً إلى تحريك الضمائر الدولية.
دعوة لاستقبال اللاجئين السوريين
في ذروة أزمة اللاجئين عام 2015، دعا البابا فرنسيس كل رعية كاثوليكية في أوروبا إلى استضافة عائلة لاجئة سورية كرمز للتضامن الإنساني. وفي عام 2016 خلال زيارته إلى جزيرة ليسبوس اليونانية، اصطحب البابا فرنسيس معه 12 لاجئاً سورياً إلى الفاتيكان، في رسالة قوية ضد الرفض والخوف من اللاجئين.
وفي عدة مناسبات، ناشد البابا المجتمع الدولي بتقديم الدعم للاجئين والنازحين السوريين، داعياً إلى ضمان أمنهم ومعيشتهم قبل العودة الطوعية، كما واصل البابا خلال عظاته الحديث عن سوريا، مع تأكيده الدائم على ضرورة إعادة الإعمار وتحقيق العدالة، مطالباً المجتمع الدولي بعدم التخلي عن الشعب السوري.
وفي خطاباته بمؤتمر مرسيليا 2024، شدد البابا على أن المهاجرين هم “طالبو ضيافة لا غزاة”، في إشارة إلى اللاجئين الهاربين من الحروب، ومن ضمنهم السوريون، مؤكداً على المنظمات الإغاثية الكاثوليكية تقديم خدماتها ومساعداتها الإنسانية للاجئين والنازحين من دون تمييز وبغض النظر عن أصولهم الدينية.
رسالة مباشرة إلى بشار الأسد
في 9 حزيران 2019، أرسل البابا فرنسيس رسالة إلى رئيس النظام المخلوع بشار الأسد، عبر الكردينال بيتر توركسون، حثه فيها على إنهاء القتال، وضمان عودة النازحين، ومعاملة المعتقلين السياسيين بإنسانية، والدفع نحو مفاوضات سياسية جادة.
وحث البابا الرئيس المخلوع بشار الأسد في رسالته على يحثه البابا على “إبداء حسن النية والعمل على إيجاد حلول قابلة للتطبيق تضع حدا لصراع استمر لوقت طويل جدا وأدى إلى فقدان عدد كبير من أرواح الأبرياء”.
موقف البابا من الإدارة السورية الجديدة
وفي أول موقف علني له بعد سقوط نظام بشار الأسد، دعا البابا فرنسيس مقاتلي عملية “ردع العدوان” الذين أطاحوا بالنظام إلى تحقيق الاستقرار في سوريا والحكم بطريقة تعزز الوحدة الوطنية، وفي عظته الأسبوعية بساحة القديس بطرس، في 11 كانون الأول 2024، قال البابا:
“آمل أن يجدوا حلولاً سياسية تعزز الاستقرار والوحدة في سوريا على نحو مسؤول ودون صراعات أو انقسامات أخرى”.
كما ناشد الجماعات الدينية المتنوعة في البلاد إلى “السير معاً بود واحترام متبادل من أجل خير الأمة”، مشدداً على أهمية تجنب الانقسامات والعمل على بناء وطن جامع لكل مكوناته.
المصدر: تلفزيون سوريا