
أطلقت مجموعة من المختصين السوريين بالتعاون مع أطباء مصريين، مبادرة “كن بخير”، بهدف تقديم الدعم والعلاج النفسي للمتضررين من الحرب، والناجين والناجيات من المعتقلات والتعذيب وأسرهم، إضافة للنازحين، والأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات النفسية المختلفة.
“كن بخير” مبادرة مجتمعية تطوعية، غير ربحية، وتسعى حسب القائمين عليها لمد يد العون لأكبر عدد ممكن من المتضررين ومساعدتهم، وتقدم المبادرة خدماتها عن بعد وبالتواصل عبر الإنترنت.
تأتي المبادرة بعد سقوط نظام بشار الأسد المخلوع، مما فتح الباب أمام المبادرات التي يطلقها السوريون في الداخل والخارج.
الأهداف والمستفيدون
أثار حجم الجرائم التي كُشفت بشكل أوسع بعد سقوط النظام، ردود فعل غاضبة ومنددة بهول الكارثة الإنسانية التي لا تزال تداعياتها مستمرة على حياة السوريين، مما دفع عدد من الأخصائيين النفسيين السوريين المقيمين في مصر، إطلاق المبادرة وعدم الوقوف مكتوفي الأيدي.
تقول المختصة النفسية اعتماد البرازي، إحدى مؤسسي المبادرة لموقع تلفزيون سوريا، إن “الهدف الأول والأهم هو مساعدة الناجين من الاعتقال، ليستطيعوا متابعة حياتهم بعد كل ماعانوه في المعتقلات من تعذيب وإهانة، بالإضافة إلى أهالي الشهداء، الذين عاشوا على أمل خروج أقربائهم من المعتقل، أو من علموا مسبقا بموتهم، خصوصا بعد ظهور هذا الكم الهائل من مشاهد التعذيب”.
كما تستهدف المبادرة، كل من فقد أحد أعضاء جسده، أو من شهد عمليات القصف، واضطر إلى أن ينزح من مدينته.
وتشير تقديرات أممية إلى أن واحدا من كل 5 أفراد يقيمون في منطقة تشهد نزاعا مسلحا يعاني من اضطرابات مابعد الصدمة، ومن ضعف في مؤشرات الصحة، وهو ماينطبق على ملايين السوريين الذين عانوا من ويلات الحرب.
وتقدر منظمة الصحة العالمية – في مسح أجرته عام 2020- إصابة 44% من المشاركين المقيمين داخل سوريا بإضطراب نفسي حاد، و27% بالأعراض الكاملة للاضطراب النفسي الحاد المصاحب لاضطراب إجهاد ما بعد الصدمة.
وترى مصادر أممية أخرى أن نحو 50% من إجمالي السكان، لا سيما النساء والأطفال، في حاجة إلى خدمات صحية نفسية ودعم نفسي اجتماعي.
ووفقاً للقائمين، ليس الهدف تقديم الدعم والعلاج النفسي فحسب، وإنما تهدف المبادرة إلى ” كسر الوصمة المجتمعية” التي تطول كل من يستعين بطبيب أو أخصائي نفسي.
تقدم الخدمات مجانية، مما يوفر على المستفيدين أعباء مالية في ظل الأزمة الاقتصادية وارتفاع تكاليف الكشف والجلسات العلاجية.
وتشير اعتماد أن العلاج النفسي في مصر متطور وله أساليب وطرق عديدة، وتخصصات متنوعة، بحسب الاحتياج ولحالة النفسية للمريض.
خدمات نفسية متكاملة
تعتمد المبادرة طريقة عمل عبر تقسيم وترتيب الحالات، حسب الدرجة والأهمية، وتوزيعها للعرض على الأخصائيين النفسيين، الذين يقيمون الحالة ويحاولون تقديم الدعم أو إحالتها لاختصاصات أخرى إذا تطلب الأمر. بدورهم يتواصل الاختصاصيون مع الحالة محاولين تحسين وضعها، فإن عجزوا عن التعامل معها توجه الحالة إلى مقدمي المشورة، للعلاج بطرق أخرى.
وفي حالات معينة مثل الناجين من المعتقلات، الذين يعانون من صدمات كبيرة، يتم توجيه الحالة إلى الطبيب النفسي الذي يعالج الحالة بطريقتين، إما بجلسات استماع أو عن طريق الأدوية.
كما يحاول القائمون على المبادرة تأمين تبرعات مادية من أجل شراء الأدوية التي تحتاجها الحالات، والتي تصنف ضمن الأدوية غالية السعر.
تقول روعة الحفني، مقدمة مشورة تعمل في القضايا النفسية الخاصة باللاجئين، إن المهمات مقسمة على الفريق، فهناك من يستقبل الحالات، ومن يوجهها، بالإضافة إلى الأخصائيين ومقدمي المشورة والأطباء النفسيين.
تضيف روعة، في حديثها لموقع تلفزيون سوريا، هناك أعداد كبيرة من السوريين المحتاجين للدعم النفسي، فالأوضاع الاقتصادية الصعبة، واعتياد مشاهد الموت والعنف خلال أكثر من عقد من الزمن يشكل تراكم في النفس البشرية وبالتأكيد يحتاج إلى جلسات علاجية.
وتؤكد روعة، أن هناك عشرات الحالات التي بدأت جلسات علاجية، مشيرة إلى أن القائمين على المبادرة هدفهم الوصول إلى أكبر عدد من المتضررين. ويشارك عدد من الأطباء النفسيين المصريين في المبادرة، وخصص بعض منهم أوقاتاً معينة في الأسبوع من أجل تلقي الحالات التي تحول إليه من القائمين. في البداية يوجد طبيبن، بحسب القائمين على المبادرة، ومع زيادة عدد الحالات هناك استعدادات مستقبلية لانضمام أطباء آخرين.
جلسات تدريبية عبر الإنترنت
يسعى القائمين على مبادرة ” كن بخير” إلى التحضير لجلسات تدريبية عبر الإنترنت لبعض العاملين في المجال النفسي الراغبين بتطوير مهاراتهم من أجل توسيع رقعة المساعدة، ودعم أكبر عدد من الحالات.
وتقول روعة الحفني، أحد القائمين على المبادرة، كما يوجد في الحالات الطبية إسعافات أولية، هناك أيضا مثلها في الطب النفسي، تقدم للمتضررين وعائلاتهم بصورة فورية.
وتضيف روعة، إن الهدف من التدريب، هو محاولة إيصال المبادرة لأكبر عدد من الناس الذي هم بأمس الحاجة إليها، كما أننا نتواصل مع عدد من الجهات المهتمة بالموضوع في الداخل والخارج.
وتؤكد روعة، على أن المبادرة تعتبر خطوة أولية بدأت من مصر، ومن الممكن أن تنتقل خلال فترة من الزمن إلى سوريا للمساعدة من الداخل.
المصدر: تلفزيون سوريا
ألف تحية وإكبار للقائمين على مشروع مبادرة “كن بخير”، بهدف تقديم الدعم والعلاج النفسي للمتضررين من الحرب، وذلك من قبل مجموعة من المختصين السوريين بالتعاون مع أطباء مصريين،