جوزاف عون انتخب رئيساً للبنان بعد حصوله على 99 صوتاً من أصل 128
هو الرئيس 14 للبنان وخامس قائد جيش ينتخب رئيساً للجمهورية
التقى ممثلان عن حزب الله وحركة أمل عون قبيل الدورة الثانية
انتخب البرلمان اللبناني، اليوم الخميس، قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية خلفاً لميشال عون، وذلك بعد حراك سعودي أميركي فرنسي مكثف ساهم أخيراً في إخراج الدخان الأبيض من قبّة البرلمان خاصة بعد إعلان قوى المعارضة دعم ترشيحه منهياً بذلك شغوراً في المنصب استمرّ منذ 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2022.
وتم انتخاب عون في الدورة الثانية وحصل على 99 صوتاً من أصل 128، وذلك بعدما عقد لقاء بعد الدورة الأولى مع ممثلين عم حزب الله وحركة أمل. وبات جوزاف عون الرئيس 14 للبنان وخامس قائد جيش ينتخب رئيساً للجمهورية. وحضرت عائلة عون إلى الدورة الثانية لجلسة البرلمان اللبناني، في حين عمّت احتفالات بلدة العيشية في جنوب لبنان مسقط رأسه.
جوزاف عون يؤدي اليمين الدستورية
وفور انتخابه، توجه وصل الرئيس اللبناني جوزاف عون إلى ساحة البرلمان حيث أدي اليمين رئيساً متعهداً حماية استقلال الوطن وسلامة أراضيه، مردداً “أحلف بالله العظيم أنني احترم دستور الأمة اللبنانية وقوانينها وأحفظ استقلال الوطن اللبناني وسلامة أراضيه”. وأضاف الرئيس اللبناني “لقد شرفني النواب بانتخابي رئيساً للجمهورية اللبنانية وهو أعظم الأوسمة التي أحملها وأكبر المسؤوليات فأصبحت الرئيس الأول بعد المئوية الأولى لقيام دولة لبنان الكبير في وسط زلزال شرق أوسطي تصدعت فيه التحالفات وسقطت أنظمة”.
واستدرك بالقول “ولكن لبنان بقي هو هو على الرغم من الحروب والتفجيرات والتدخلات والعدوان والأطماع وسوء إدارة أزماتنا لأن لبنان هو من عمر التاريخ ولأن الأديان فيه متكاملة والشعب واحد”. وقال عون خلال كلمته “صفتنا الشجاعة وقوتنا التأقلم ومهما اختلفنا عند الشدة نحضن بعضنا البعض لأن إذا انكسر أحدنا انكسرنا جميعاً”، مشدداً “لقد وصلنا إلى ساعة الحقيقة نحن في أزمة حكم يفترض تغيير الأداء السياسي في سياساتنا الاقتصادية وفي مفهوم الديمقراطية وفي حكم الأكثرية وحقوق الأقليات وصورة لبنان في الخارج وعلاقاتنا بالاغتراب وفلسفة المحاسبة والمراقبة”.
وتابع “عهدي إلى اللبنانيين وليسمع العالم كله اليوم تبدأ مرحلة جديدة من تاريخ لبنان”، مضيفاً “عهدي أن أعمل مع الحكومة المقبلة على إقرار قانون جديد لاستقلالية القضاء وتطوير عمل النيابات العامة وإجراء التشكيلات القضائية على أساس معايير النزاهة والكفاءة”. وتعهد عون كذلك بالعمل “على تأكيد حق الدولة احتكار حمل السلاح ودولة تستثمر في جيشها ليضبط الحدود”، متحدثاً عن “جيش يمنع الاعتداءات الإسرائيلية ولديه عقيدة قتالية دفاعية يحمي الشعب ويخوض الحروب وفقاً لأحكام الدستور”.
من جانبه، قال رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري “أتقدم باسم الأمة اللبنانية واللبنانيين جميعاً خاصة في هذه الظروف الحرجة وخاصة في الجنوب اللبناني حيث يتعرض أهلكم هناك إلى أبشع وأشدّ قساوة من أي حرب أخرى لذلك لبنان الآن بحاجة إلى كل شيء الجنوب بحاجة وباقي الجنوب بحاجة وكلنا بانتظار العهد الجديد وباسم المجلس النيابي أتقدم بالتهنئة لكم فخامة الرئيس”.
وصباحاً، رفع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري الجلسة الأولى لمدة ساعتين إفساحاً في المجال أمام المشاورات السياسية، وذلك بعدما نال قائد الجيش جوزاف عون 71 صوتاً فقط (من أصل 128)، بفارق 15 صوتاً عن النصاب المطلوب لفوزه من الدورة الأولى (86). وقال مصدر نيابي في حزب الله اللبناني لـ”العربي الجديد”: “صوّتنا في الدورة الأولى لجلسة البرلمان بالورقة البيضاء ولا نضع فيتو على قائد الجيش”، مضيفاً: “هناك نقاشات ومشاورات يجب أن تتم فالوقت للتوافق، وليس للدخول في إشكالات وسجالات، ولا يمكن لأي فريق أن يلغي الآخر خصوصاً في استحقاق كهذا”.
وعقد البرلمان اللبناني 12 جلسة تشريعية قبل نجاحه اليوم في انتخاب رئيسٍ للبلاد بعد ضغوط خارجية مكثفة مورسِت لإنجاح الاستحقاق والتوافق على قائد الجيش العماد جوزاف عون بوصفه رجل المرحلة المقبلة، أبرزها أخيراً، تلك التي قادها الموفدون من الولايات المتحدة الأميركية، والسعودية، وفرنسا، الأمر الذي لم تخفِه تصريحات السياسيين اللبنانيين.
وتمت جلسة الانتخاب اليوم بعد تطورات سياسية وأمنية في لبنان والمنطقة فرضت نفسها على ملف الشغور الرئاسي، أبرزها العدوان الإسرائيلي على لبنان مع ما حمله من تداعيات على حزب الله، وإسقاط نظام بشار الأسد في سورية الشهر الماضي، مع الإشارة إلى أنّ رئيس البرلمان اللبناني حدّد موعد انعقادها في 28 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أي في اليوم الثاني لدخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وبعد أكثر من سنة على آخر جلسة تشريعية عقدت في 14 يونيو/ حزيران 2023.
وشهدت الساعات الماضية تبدّلات كثيرة في المواقف والاصطفافات رفعت في بعض الأحيان أسهم قائد الجيش وفي أحيان أخرى أعادت إلى الواجهة اسم وزير المال الأسبق جهاد أزعور، بدءاً بمواقف المعارضة ولا سيما حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع الذي عاد مساء وأيّد ترشيح عون، بعدما كان يرفض وصوله ويضع لتأييده جملة شروط آخرها إعلان حزب الله وحركة أمل دعمهما له قبل الجلسة الأمر الذي لم يحصل.
كذلك، على صعيد تقلّبات التيار الوطني الحر برئاسة النائب جبران باسيل، الذي مال إلى التصويت لجهاد أزعور من دون أن يعلن موقف حاسم بهذا الشأن، بينما تمسّك برفض التصويت لعون من بوابة رفض خرق الدستور، علماً أنّ خلافات شخصية معروفة بين باسيل وقائد الجيش.
وطوال فترة الشغور الرئاسي كان حزب الله وحركة أمل يتمسّكان بدعم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، قبل أن يعلن أمس الأربعاء سحب ترشيحه وتأييد انتخاب قائد الجيش، في وقتٍ تمسّكت القوى المعارضة وإلى جانبها لاحقاً التيار الوطني الحر برفض التصويت لفرنجية، مع التقاطع على وزير المال الأسبق جهاد أزعور بعد انسحاب النائب ميشال معوض من السباق الرئاسي.
وبحسب المادة 49 من الدستور اللبناني، فإنه “لا يجوز انتخاب القضاة وموظفي الفئة الأولى وما يعادلها في جميع الإدارات العامة والمؤسسات العامة وسائر الأشخاص المعنويين في القانون العام مدة قيامهم بوظيفتهم وخلال السنتين اللتين تليان تاريخ استقالتهم وانقطاعهم فعلياً عن وظيفتهم أو تاريخ إحالتهم على التقاعد”.
في المقابل، كرّست التجربة اللبنانية التصويت الضمني على تعديل الدستور، على غرار ما حصل إبان انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان عام 2008، وذلك في حال حيازة قائد الجيش على 86 صوتاً من أصل مجموع 128، ما يقفل الباب على الطعن أمام المجلس الدستوري. ويحتاج بحسب الدستور المرشح في الدورة الأولى إلى غالبية ثلثي الأصوات أي 86 صوتاً من أصل 128 وهو النصاب لعقد الدورات، بينما يحتاج إلى النصف زائد واحد أي 65 صوتاً للفوز من الدورة الثانية والدورات اللاحقة، بيد أنّ قائد الجيش كان يحتاج إلى أكثر من 86 صوتاً لقطع الطريق على الطعن بانتخابه أمام المجلس الدستوري.
المصدر: العربي الجديد