“من يحرر يقرر” كلمة حق يراد بها باطل.!!!!

د- محمد الدغيم

إن من قام بالثورة هو الشعب ومن حرر هو الشعب بكل ألوانه ومكوناته وأطيافه بغض النظر عن نسبة المشاركة والتضحيات التي لا يختلف حولها السوريون كونها تنحصر في المكون الرئيسي من سوريا وهو مقدر محفوظ عند كل صاحب عقل ومبدأ ولا ينكره إلا جاحد بالفضل أو حاقد . فإذا كانت المقولة بهذا المعنى فهي كلمة حق ويجب العمل وفقها وحينها نعلنها صراحة “من يحرر يقرر” ويفرض شروطه وقراراته الملزمة. _وأما إن كان القصد بالمقولة هو لون من ألوان الطيف السوري الذي ترأس وتسيد المعركة الأخيرة فاتحاً دمشق وجالساً في عرينها يتصدر المشهد (مع الاحترام الكامل)، فإن المقولة باطلة مردودة على أصحابها جملة وتفصيلاً وتؤسس للخطأ على امتداد المسيرة القادمة وذلك كونها تختزل المشهد في شخص أو فصيل أو لون وطيف وتبخس حق من سبق في صناعة هذا النصر، وهذا ما يخالف العقل والمنطق تماماً. _ لذلك نقول بأن انتصار الثورة السورية هو فعل ثوري تراكمي على مدى عقود طويلة تعاظمت وهدأت تفاعلاته واختلفت بصماته على جدار الزمن وتتالت أمواجه بين مد وجذر حتى انتهى بما شهدناه من فتح يوم 8 ديسمبر 2024 . فمنذ استلام حزب البعث الفارسي في سوريا 1963 قدم شعبنا العظيم مئات آلاف الشهداء والمفقودين والمعتقلين على مذبح الحرية والكرامة منذ السبعينيات والثمانينيات وحتى قيام ثورة الحرية 2011 والتي شارك في مسيرتها الطويلة العربي والكردي والتركماني والآشوري، المسلم والمسيحي، الإسلامي واليساري والليبرالي والعادي رجالاً ونساءً، شباباً وشابات ومن كل المكونات، فالدماء لا تكذب خبرها وسياط العذاب تعرف ضحاياها. _وما كان للأبطال والثوار الذين دخلوا دمشق محررين مشكورين أن يدخلوها لولا الأوائل من المتظاهرين الأباة على امتداد الوطن مقبلين غير مدبرين يستقبلون رصاص الطغاة بصدور عارية إلا من إيمانها بحتمية النصر ونيل الشعب حريته التي يريد، مؤيدين بزغاريد الحرائر ووعد الأرحام بالمدد وتكبير المآذن ودموع وزفرات الكبار ودعوات الأمهات والربانيين ممن يأسوا الحياة واقتربت الساعة منهم والأجل. _ما كان لهذا النصر والتحرير ليتم لولا أبطال الجيش الحر بأسمائهم العظيمة، الذين تجاوزوا حدود الخوف واختاروا الموت أغنية فاختلف عليهم صوت التكبير من صوت الرصاص وتساوت عندهم الحياة بالشهادة دفاعاً عن الشعب وثورته حتى بددوا قوة الطغيان وفعلوا وأدهشوا العالم حتى إذا ما اقتربوا من النصر تكالبت عليهم الدنيا وضاقت بما رحبت فغمز منهم القوم ولمزوا، فما وهنوا ولا استكانوا وصبروا وأعدّوا واستعدوا بأسماء اخرى وتصانيف حيرت الخصوم حتى أذنت الساعة وخرج المارد من تحت الرماد معلناً، فجر الحرية وردع العدوان. _إن الأبطال الذين دخلوا دمشق مكبرين مهللين في الثامن من ديسمبر 2024 هم إخوة وأبناء وأحفاد وبقية من سبقهم على مدى سنوات الكفاح الطويل الممتد عبر 54 عاماً ولا أظن أبطالاً كهؤلاء ينكرون فضل وتضحيات من سبق من آبائهم وأجدادهم وأهلهم وشعبهم، وهو ما قاله السيد الشرع قائد العمليات العسكرية مشكوراً في لقاءاته المختلفة و الذي أكد على أن النصر هو ثمرة جهود متراكمة لجميع السوريين على امتداد أرض الوطن الحبيب. وبناء على ذلك نقول : “الشعب حرر والشعب يقرر” وكل الغيارى والأحرار شركاء بالقرار بداية بالكلمة وانتهاءاً بالبندقية وكفن الشهادة. رحم الله شهداء ثورتنا المباركة ثورة الحرية والشفاء لجرحانا وعوضنا وعوض شعبنا كل خير سائلين المولى أن يتمم علينا النصر ويمكننا من بناء سوريتنا الجديدة مادة ومعنى. وطن واحد علم واحد شعب واحد.

المصدر: صفحة  د محمد الدغيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى