حصان الحريّة…لـ: حسان عزت

حسان عزت

أدب

 

 

انزل خسئتَ
فَمن نصّبوك.. ومن خَوّلَكْ
ألستَ صبيَّ الهلاكِ الهَلَكْ
انزلْ
انزلْ ..خَسئتَ
ليست ملكَ ابيك
ولا إرثَ جَدك
فَمن سَؤلَكْ

هذا الحصانُ الأبيّّ الأصيلُ
لم يَكنْ لأبيكََ يوماً وجدّكَ
فانزلْ
وهذا العرشُ والملكُ لشعبي الأبيّ
وهذي البلادُ
وسرُّ الألوهةِ والأبجديّةُ والحبُّ وشمسُ الوجودِ الّتي عمْرُها الكونُ .. بلادي
فَمَن ورّثوكَ ومنْ أوصَلَكْ ..
ألستَ صبيََ الهََلَك
تظنُّ البلادَ والملكَ والشّعبَ لكْ

قلتُ لصاحبي يومَ دعاني أقولُ برأيي الصريحَ بعرشٍ أرادوهُ لكْ
ولدٌ .. عَيّيٌ ولن يستطيعَ
ولوْ صارَ أسطورةً وقاضي بلَدْ
ولد
ولم يبلغِ الحلمَ بعدُ وأنّى له بالسياسة والحكمِ؟
كيفَ تُبنى الممالكُ والحكمُ..
بمنْ يلعبُ بالجيم ويرضعُ أصبعهُ كالوليد
قال صديقي بلهجته الحلبية( بَحبو)
ومالَ برأسٍ لهُ عن جوابي وأربَدَّ وازورّ عنّي يُريدُ الوزارةَ، والوصلَ والقربَ..
قلتُ لاتَ يقيمُ زمانُ أبيهِ علَيهِ
ولو رَسّموهُ بملكٍ لقيصرَ أو عمّدوهُ بتيجانِ كسرى.. ولَدْ
وقالَ أرى فيه نجْباً وأحببْتُه
أنا رَبَّيتهُ وأخيهِ المهندسَ والفارسَ الذهبيّ
أردتُ أقولُ ..وما قلتُ ..(أضمرتُ أنّ الزّمانَ يقولُ بهِ ما يقولُ)
فعادَ يسائلُني لأعيدَ هواهُ
..لعلّ ..فيمنَحني أن أكونَ وأنحو مَعَهْ ..محالٌ وقد وَزّروهُ
كيفَ أُعْمى عما ارى ولو مَنحوني الوزارةَ
والمجلسَ الملكيّ والصولجانَ الذّهب
وما عادَ صاحباً لي أبداً
قطعتُ الوصالَ معه
تركتُ الزمانَ يقولُ به
وقالَ الزمان

أرعنٌ وخسيسٌ
زَنِّيمْ ويسقطُ في درَكِ الهالكين
وإذ تمادى أحالَ البلادَ الى مقبرةْ
وتساقطَ حتى الهلاكِ الهَلَك
وأنا قلتُ من وَقتها لمنْ الملكُ
للذي توّجوهُ
أم لشعبٍ عظيمٍ تفنّنَ بالمجدِ والفعل والأُضحياتِ حتّى مَلَكْ

انزل
هذا الحصانُ الأبيّ العنيدُ بعمرِ السماواتِ وأنجمِها
وضوءِ المجرّات فيها لم يكنْ لأبيكَ فانزلْ
نصفُ دهرٍ وقرنٌ وأنتمْ تَرُوضونَ فيهِ
وهاأنتَ تلْجُمُه بعد أبيكَ
وألفاً من التابعينَ الشراشير والشابحينَ الفَنَك
ومازالَ مُرّا وصعباً كما أوّلِ الخلقِ
جرْحُه بلغَ الأرضَ
وصهيلُه السموات
ووعدٌ لهُ الآنَ
أن تقتُلَهُ وتبيدَ حِماهُ
أوْ يقتُلَكْ
اقْتُلْه إذاً لتفوزَ او يقتلك
وإلّا فوز لحقدٍ ووغدٍ سلك

نصفُ قرنٍ ولم يقنَعِ اللصُّ فيكم
زنيماً ووغدا وشبيحَ
ولم يقْنَعِ الهرِمُ الألمعيُّ ربيبُ الوصايا وحرزُ أبيكم بأحقاده
ولاتَ يفيءُ المروّضُ منكمْ إلى حكْمةٍ في اليقينِ
ويَنسى الحقودُ الذي قامَ بالغلّ
عبر مئاتِ السنين
أيَصفحُ ..يَنسى ..وكيفَ ينسى سليلُ القرودِ
شلوُ السّفود الحلَكْ
إنّهُ المستحيلُ والصّعبُ
وليسَ يُصافِ الزّمانَ حقودُ سفاحٍ وغِلٍّ ..
فلَوْ جبلٌ قُلِّبَ الآنَ
ولوْ جُفّفَ البحرُ من مائِهِ
ولوْ حُشدتْ كلُّ حيتَانِهِ والأساطيلَ
وحلّتْ لكمْ معجزاتُ الصّراعِ وأزمانُهُ
وأضحتْ جراحُ بلادي المدادَ
وقتلى بلادي رمالَ العدَدْ
ولوْ أيّامُ عادَ بنِ شدّاد حلّتْ
وجندُ سليمانَ والجنّ ورؤيا يوحَنّا ..
وما زلزلَ الأوقيانوسَ العظيمَ
لما انصاعَ هذا الحصانُ العظيمُ لكمْ أبداً
ولا نامَ نومَتَهُ في الأبدْ
فالشام هي الشام والشمس وروح الاله الملك

محالٌ وعُظمى ومعجزةٌ عن
أنْ يحُطّ وينصاعَ هذا الشّمُوسُ العنيدُ
أو يرضخَ الآن بعدَ العجافِ وبعدَ الصّمدْ
الحُرّ يعرفُ صاحِبَهَ
والأرضُ تعرفُ زارِعَها
والمرأةُ الحرةُ عاشِقَها
ومنْ عرفَ الفرسَ العربيّ الأصيلَ محالٌ لهُ يرتضي المسخَ فوقَ صهْوتِهِ
ولو كانَ أسطورةً في الجهاتِ
فانزلِ الآن عنْ ظَهرِه ..
أتقتلُنا الآن بجيشِ الجيوشِ
وحشدِ الحشودِ الذي سَوّلَكْ
اتقتُلنا الآنَ وتحرقُ كلّ البلَد ..
خسيت..
ولو أطبقتْ بالأرضِ كلّ الشياطينِ وإبليسَ
نرميكَ يَرميكَ شعبي العظيمُ
ولوْ عزّزَكَ الكونُ وجيشُ الجحيمِ منَ الرّوس ومَنْئي بفرسٍ الأباطير ونصْرملّ الدعيّ هناكَ
ومنْ خوّلَك
ويلفظكَ الأبطرونَ الأُلى نصّبوكَ
وقد مرّغوكَ بزبلِ الرّغامِ
والذلّةِ العارِ والهَشْتَلَكْ
وقالوا برِئنا وكلٌّ يحيلُ إلى منْ هلَك

أتبقى ..
وقال الأُلى زيّفوا وأهالوا بزيغِ القلوبِ لنا القوّةُ الآنَ

لنا الملكُ والعهدُ والأرضُ وكلُّ البلادِ
وقالوا لنا الماءُ والضّوءُ والدّمُ والرّوحُ ..وظنّوا استكانَتْ وذلّتْ لهمْ.. محالٌ
بلاديَ لمْ ترتَحِلْ
ولمّا تزلْ كما الرّوحِ باقيةٌ لاتموتُ
وولّادةُ شاميرامُ العُهودِ تعيدُ الحياةَ وتبني البيوتَ
وشعبي يدورُ ويملأُ أرضَ الورى والسكوتِ ..
يدورُ يدورُ يدلُّ السّراةَ ويَهدي الهُداةَ ويُعطى الأُساةَ السّطورَ
ويَطْحَنُ قمحَ العُصورِ ..
وقُلنا خَسيتُمْ بما تشتهونَ
وقلنا أتبقى بما وسّموكَ
تظنّ بجيشِ الغزاةِ وقهرِ الحياةِ
وطوفانِ دمّ كأنّ القيامةَ قامتْ
ويبقى لك الملكُ
خسيتَ ..انزل.. ولن نحن ننزلك الآن رغما وذلّا وعاراً يُكللُ راسا قبيحاً وضحكاً بَليهاً
وخَرْملك

الملكُ لله
الملكُ للهِ والشّعبِ
الملكُ لأبنائِنا في غَدٍ
ويبقى …
فما أنتَ إلّا الأُبيلَهُ دوناً عنِ العالمينَ
وما أنتَ إلّا سليلَ الهلاكِ الهلَكْ
ما أهبْلكْ

المصدر: رتوش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى