خيارات ترامب

معقل زهور عدي

صحيح أن ترامب قد صعد لرئاسة الولايات المتحدة بفارق واضح من الأصوات , كما أن الحزب الجمهوري أصبح مسيطرا في مجلسي النواب والشيوخ , لكن ذلك لا يعني أن ترامب قد أصبح رئيسا مطلق اليد في اتخاذ القرارات السياسية الهامة , فترامب وصل للرئاسة مثخنا بجراح السهام التي تعرض لها خلال الفترة السابقة حيث واجه أكثر من تسعين اتهاما إجراميا رسميا في أربع قضايا كبرى منها قضية تقديم المال من أجل شراء صمت إحدى الممثلات الاباحيات , ومنها الاشتباه بدور لترامب في اجتياح الكونغرس عشية فوز بايدن في الانتخابات قبل الأخيرة , والسماح لترامب بالترشح للرئاسة لا يعني أنه تم اسقاط تلك الدعاوى عنه , وسواء استطاع ترامب اسقاط معظم تلك الدعاوى أم بقيت خلال فترة رئاسته فلاشك أن اللعب فيها سيبقى متاحا لخصومه , والمسألة الأكثر أهمية أن ترامب ربما لا يواجه الديمقراطيين وتيارهم الاجتماعي فقط ولكن ربما يواجه الدولة العميقة التي لا ترتاح لرئيس لا يعرف أحد ماذا سيتخذ من قرارات غدا , وقبله قتلت الدولة العميقة الرئيس كيندي عندما شعرت أنه يعمل لتعظيم سلطة الرئاسة والمؤسسات الدستورية على حساب سلطتها التي تعمل في الظل , وأخيرا هناك اللوبي اليهودي ايباك وقد اتضح موقفه المعادي لترامب عندما صوت ملايين اليهود في نيويورك ضده في الانتخابات الأخيرة .

بالمقابل فإن القاعدة التي يستند إليها ترامب وهي تيار اليمين الأبيض لا تملك رؤية سياسية واضحة بقدر ما هي رد فعل ضد المهاجرين والمكونات الاجتماعية الأمريكية الأخرى خاصة السود والعرب والمسلمين والآسيويين وغيرهم، تترافق مع نزعة لا تتسم بالحكمة وبعد النظر لاستعادة هيمنة تامة ثقافية وسياسية للأمريكيين البيض تقترب من العنصرية، وقد ظهر للجميع طبيعة ذلك التيار في اجتياح الكونغرس عشية الانتخابات قبل الأخيرة.

كل ذلك سيعمل لتضييق خيارات ترامب في السياسة وإعادتها للخطوط الرئيسية التي يشترك فيها الديمقراطيون والجمهوريون، أما ما يتعلق فيها بالمشرق العربي فأهمها التأييد المطلق لإسرائيل، والعمل لترشيد السياسة الاسرائيلية بحيث تكون أكثر انسجاما مع السياسة العامة للولايات المتحدة لكن بألطف طريقة ممكنة، تماما كما يفعل الأب الحنون مع ابنه الذي يحبه حتى العشق , وذلك قد لا يكون ذا تأثير يمكن الرهان عليه مع رجل مثل نتنياهو ومع نفوذ صهيوني ضمن الادارات الأمريكية لم يسبق له مثيل .

نفوذ وصل إلى حد أن يقوم وزير الخارجية بلينكن المعروف بولائه التام لإسرائيل بإرسال مندوب مفوض للبنان للوساطة بين لبنان واسرائيل , وسيط يحمل الجنسيتين الأمريكية والاسرائيلية هو السيد عاموس هوكشتاين .

زر الذهاب إلى الأعلى