ناقش اجتماع أوروبي وثيقة (لا ورقة) من ثلاث صفحات، بناء على طلب سبعة وزراء أوروبيين رفعوا رسالة مشتركة لمنسق الشؤون الخارجية جوزيف بوريل، طالبوا فيها بمراجعة السياسة المعتمدة مع النظام السوري.
وطالبت رسالة الوزراء الأوروبيين بالتخلي عن “اللاءات الثلاث” (لا لرفع العقوبات، لا للتطبيع، لا لإعادة الإعمار)، ومبدأ أنه “لا يمكن تحقيق السلام في سوريا في ظل النظام الحالي”.
طرحت الوثيقة الأوروبية تغيير آلية تعاطي الاتحاد الأوروبي مع النظام السوري وفق مجموعة من الشروط تضمنتها الورقة التي نشرتها مجلة “المجلة” السعودية، الجمعة 1 من تشرين الثاني.
تتعلق الوثيقة بـ”العودة الطوعية للاجئين السوريين” وتقترح خطوات ملموسة بينها تعيين مبعوث أوروبي للانخراط مع دمشق ومؤسسات أممية للبناء على موضوع اللاجئين.
وورد اسم كريستيان بيرغر، كأحد المرشحين لمنصب المبعوث الأوروبي، بهدف المشاركة في “إعادة تأهيل البنية التحتية” و”الحوار التقني على المستوى المحلي مع الأفراد غير المشمولين بالعقوبات” الأوروبية.
ما الورقة الأوروبية
في نهاية تشرين الأول الماضي، ناقش اجتماع أوروبي الورقة الأوروبية التي جاءت في ثلاث صفحات، وفق “المجلة”، أعدت بعد اجتماع سابق عقد بناء على طلب سبعة وزراء أوروبيين.
كان الوزراء الأوروبيون يهدفون لكسر “اللاءات الثلاث” التي بقيت مرجعًا للموقف الأوروبي منذ نيسان 2017.
وتقود الموقف الغربي منذ سنوات كتلة رباعية، تضم أميركا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، لن مؤخرًا بدأت تبرز كتلة مقابلة داخل الاتحاد، هي إيطاليا والنمسا وقبرص وجمهورية التشيك واليونان وكرواتيا وسلوفينيا وسلوفاكيا وهي الدول صاحبة الرسالة التي وصلت لجوزيف بوريل، وفق “المجلة”.
وأظهر اجتماع غير معلن لممثلي الدول الأوروبية عقد في العاصمة الرومانية بوخارست نهاية أيار الماضي، انقسامًا بين اتجاهين في الاتحاد الأوروبي، أحدهما متمسك بالموقف الأوروبي، والثاني براغماتي إزاء الوضع الراهن.
وفي منتصف أيلول الماضي، عقد اجتماع آخر لبحث “المقترحات السباعية”، تمخض عن الطلب من الاتحاد الأوروبي صوغ ورقة تتناول ثلاثة بنود: التعافي المبكر، اللاجئين، العقوبات والالتزام المبالغ بها.
“المجلة” قالت إنه بعد الحرب في لبنان، وعودة عشرات آلاف السوريين ولجوء آلاف اللبنانيين، طُرحت فكرة الانخراط مع النظام من بوابة أخرى، وهي اللاجئون، بسبب “ضغط المهاجرين والإرهاب في أوروبا وصعود اليمين في عدد من الدول”.
المفوضية الأوروبية قدمت “لا ورقة” في نهاية تشرين الأول الماضي، نوقشت قبل يومين، أي قبل تسلم الأستونية كايا كالاس، منصب الممثلة الأعلى للسياسات الخارجية، خلفًا لبوريل.
وتشرح الوثيقة، التي نشرت “المجلة” نصها الإنجليزي، واقع اللاجئين السوريين، فمن بين نحو خمسة ملايين لاجئ سوري مسجل في البلدان المجاورة، يوجد 3.1 مليون لاجئ في تركيا، وحوالي 770 ألفًا في لبنان، وحوالي 620 ألفًا في الأردن.
وحتى وقت قريب، سعى عدد محدود نسبيًا من السوريين للحصول على فرص للعودة إلى سوريا.
وبين عام 2016 و2023، تحققت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أو راقبت عودة حوالي 391 ألف لاجئ من تركيا، لبنان، الأردن، العراق، ومصر، وفق “اللاورقة”.
ومع التصعيد الأحدث للصراع بين إسرائيل و”حزب الله” في لبنان، نزح أكثر من مليون شخص، فيما يقدر أن أكثر من 300 ألف شخص عبروا إلى سوريا، 70% منهم سوريون.
ونظرًا لـ”احتمال ألا يتمكن هؤلاء الأفراد من العودة إلى لبنان، وفي ظل التغيير الكبير في الوضع، من الضروري النظر في كيفية تعزيز الاتحاد الأوروبي لمساعدته الإنسانية ودعمه للتعافي المبكر في سوريا”، بحسب “اللاورقة” الأوروبية.
دعم عودة اللاجئين
وتشير “اللا ورقة” إلى عمل الاتحاد الأوروبي مع مفوضية اللاجئين لدراسة سبل دعم الأفراد الذين يختارون العودة إلى سوريا “بما يتماشى مع معايير المفوضية للعودة الطوعية والآمنة والكريمة”.
وتشير إلى أنه “رغم انقطاع العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد الأوروبي وسوريا، تبرز الحاجة الملحة لإيجاد آلية تتيح للاتحاد الأوروبي الاضطلاع بدوره الكامل، بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة، نظرًا للزيادة الكبيرة في الاحتياجات الإنسانية الناجمة عن عبور أعداد متزايدة من السوريين واللبنانيين إلى سوريا”.
وتقترح تقديم الدعم لعودة اللاجئين على محورين أساسيين هما:
إعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية، خاصة في المناطق التي تضم أعدادًا كبيرة من النازحين داخليًا أو العائدين المحتملين.
تحسين الوصول إلى الوثائق المدنية للأشخاص المتأثرين بالنزاع، إلى جانب دعم السوريين في استعادة أراضيهم ومنازلهم. وستضاف هذه المساعدات إلى الدعم المخطط له لتوسيع قدرات المفوضية السامية لرصد الأوضاع داخل سوريا.
اقتراحات وضمانات
تعرض الوثيقة اقتراحات محددة، وتقول إن “مقر بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا انتقل لبيروت منذ عام 2017، فقد يساعد الحفاظ على وجود محدود على الأرض في تحسين الوعي بالوضع وجهود التنسيق، لا سيما مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. لهذا الغرض، سيقوم رئيس المفوضية الأوروبية، بموافقة الممثل الأعلى للاتحاد للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بتعيين مبعوث خاص للشؤون المتعلقة بسوريا”.
واقترحت تعزيز وتوسيع نطاق إجراءات “التعافي المبكر” التي موّلها الاتحاد الأوروبي في سوريا لعدة سنوات، وزيادة التمويل ليشمل الوصول إلى الصحة والتعليم وفرص العمل الأساسية والمنشآت الصغيرة للطاقة والمياه.
وينبغي أن يصاحب ذلك ضمانات أمنية وطمأنينة لتهيئة الظروف للعودة المستدامة، وفق الورقة.
قد تنظر المفوضية في مزيد من المشاركة في إعادة تأهيل البنية التحتية، مع التركيز على دعم السلطات المحلية والمشروعات الصغيرة لتعزيز خلق فرص العمل، ولا سيما في المناطق التي تشهد عودة للسوريين إليها، بحسب الوثيقة، و”يتطلب هذا النهج توافقًا داخل الاتحاد الأوروبي لتعديل المعايير التشغيلية وفق استراتيجية الاتحاد في سوريا”.
وتتعارض هذه المقترحات مع موقف الاتحاد الأوروبي الذي يرفض المساهمة في تمويل “البنية التحتية” قبل تحقيق تقدم بالعملية السياسية وفق القرار الدولي “2254”.
وذكرت الوثيقة: “قد تتطلب الظروف المتغيرة وبعض الإجراءات المخطط لها زيادة التواصل على الأرض، ويمكن متابعة الحوار التقني على المستوى المحلي مع الأفراد غير المشمولين بالعقوبات، مع مراعاة التقييم السياسي الدقيق والتحقق، وضمن الحدود التي حددها المجلس، ولا سيما الخطوط الحمراء الحالية لعدم التعامل مع النظام وممثليه”.
مبادرة سباعية
في 22 من تموز الماضي، أميط اللثام عن دعوة دول أوروبية خلال اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي إلى إعادة تقييم العلاقات مع سوريا والتواصل مع النظام.
وقالت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية حينها، إنه قبيل اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي لمناقشة الأوضاع في الشرق الأوسط، دعت ثماني عواصم، بما في ذلك روما وفيينا، الاتحاد إلى “مراجعة وتقييم” نهجه تجاه سوريا.
وفي رسالة إلى كبير الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، قالت الصحيفة إنها اطلعت عليها، كتب وزراء خارجية النمسا، وكرواتيا، وقبرص، والتشيك، واليونان، وإيطاليا، وسلوفاكيا، وسلوفينيا: “هدفنا هو سياسة أكثر نشاطًا وتوجهًا نحو النتائج وعملية في سوريا، وهذا من شأنه أن يسمح لنا بزيادة نفوذنا السياسي وفعالية مساعداتنا الإنسانية”.
وورد في رسالة وزراء الخارجية أنه منذ عام 2017، أدى استقرار الصراع، والغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، والتحركات التي اتخذتها الدول العربية لتطبيع العلاقات مع النظام إلى تغيير في الديناميكيات، وفق ما ترجمته عنب بلدي عن تقرير “فاينانشال تايمز”.
واقترح الوزراء إنشاء مبعوث للاتحاد الأوروبي في سوريا يمكنه التواصل ليس فقط مع الجهات الفاعلة السورية ولكن أيضًا مع دول أخرى في المنطقة، إلى جانب إعادة التواصل مع سفير النظام السوري لدى الاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل.
كما اقترحوا مناقشة تأثير نظام العقوبات الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على النظام السوري، معتبرين أن “الإفراط في الامتثال في النظام المصرفي” كانت له “آثار سلبية غير مقصودة على السكان”.
ووفق الصحيفة البريطانية، فإن أي خطوات يُنظر إليها على أنها قد تخفف الضغوط عن نظام السوري من المرجح أن تُقابل بمقاومة من عواصم أخرى، نظرًا للانتهاكات الواسعة النطاق لحقوق الإنسان وجرائم الحرب التي يُتهم النظام بارتكابها.
المصدر: عنب بلدي