في 14/ آب/ 2024، سجلت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان قيام عناصر تتبع لفرع الأمن العسكري التابع لقوات النظام السوري في مدينة اللاذقية باعتقال الطبيب زهير إبراهيم خير بيك، المتخصص في الأمراض النسائية والتوليد، ومن أبناء مدينة اللاذقية، تولد عام 1955، مع ابن عمه إياد سهيل خير بيك، وهو تاجر في قطع السيارات، وجرى اعتقالهما أثناء توجههما من مدينة اللاذقية إلى بلدة كسب في ريف محافظة اللاذقية، وتم اقتيادهما إلى فرع الأمن العسكري في مدينة اللاذقية.
وفي سياق متصل بحادثة اعتقالهما، سجلنا في 9/ أيلول/ 2024 قيام عناصر من ذات الفرع باعتقال الطبيب أحمد مظهر الصوفي، المتخصص في طب الأطفال والتجميل، ومالك مشفى الصوفي في مدينة اللاذقية، ومن أبناء مدينة اللاذقية، والبالغ من العمر 80 عاماً. وجميع المعتقلين الثلاثة ينتمون للطائفة العلوية. وتمت عملية الاعتقال التعسفي كما هي سائر عمليات الاعتقال التي يقوم بها النظام السوري دون أي مذكرة قضائية في عملية تهميش وغياب تام للسلطة القضائية، ودون تمكين المعتقلين من التواصل مع ذويهم أو محامين، أو معرفة التهم الموجهة إليهم.
وفقاً للمعلومات التي حصلت عليها الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان من مصادر مقربة من الضحايا، فإنَّ قوات النظام السوري قد فرضت تعتيماً كاملاً على وضع المعتقلين الثلاثة، ومنعت بشكل قاطع أي تواصل معهم أو حتى مع ذويهم بما في ذلك المحامين أو الحقوقيين. كما رفضت قوات النظام جميع المحاولات التي بذلتها العائلات وجهات مقربة من المعتقلين لمعرفة أسباب اعتقالهم أو تقديم أي معلومات حول حالتهم الصحية أو القانونية.
يعتبر الطبيبان “زهير خير بيك” و” أحمد مظهر الصوفي” من الشخصيات المعروفة في مدينة اللاذقية، وعرفا بانتقادهما المستمر لسياسات النظام السوري الأمنية والاقتصادية، ونشير إلى أنَّ الطبيب زهير خير بيك شغل سابقاً منصب نقيب الأطباء في محافظة اللاذقية، وقد تعرَّض لضغوطات قضائية في محاولة لإجباره على التنازل عن معمله المتخصص بتغليف الحمضيات والخضار لصالح أحد أقارب بشار الأسد.
على الرغم من الوساطات العديدة التي تم تقديمها من شخصيات اجتماعية بارزة في مدينة اللاذقية في محاولةٍ للإفراج عنهم أو توضيح التهم الموجهة إليهم، إلا أنَّ النظام السوري لم يستجب لأي منها. في ظل هذا التعتيم، تتزايد المخاوف من احتمالية نقلهم إلى أحد الأفرع الأمنية الرئيسة في العاصمة دمشق، حيث يتم عادةً احتجاز المعتقلين في ظروف شديدة القسوة، ويتحول معظمهم لمختفين قسرياً.
تأتي هذه الاعتقالات في إطار السياسة المستمرة التي يتبعها النظام السوري لقمع الأصوات المنتقدة لسياساته في المناطق الخاضعة لسيطرته، والتي تهدف إلى قمع الأصوات المعارضة له مهما كانت انتماءاتها الطائفية أو العرقية. ولدينا خشية حقيقية من تعرض المعتقلين الثلاثة للاختفاء القسري، وهو ممارسة شائعة في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري، حيث يُحتجز الأشخاص دون محاكمات أو اتهامات واضحة، وغالباً ما يخضعون لعمليات تعذيب ممنهجة بهدف انتزاع اعترافات أو لمعاقبتهم على آرائهم أو أنشطتهم.
تؤكد الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان أنَّ النظام السوري من خلال قيامه بعملية الاحتجاز التعسفي للعاملين في قطاع الرعاية الصحية، والشخصيات المعروفة بانتقاداتها العلنية للنظام، قد انتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان، وأيضا قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي الصادر في تاريخ 16/ تشرين الثاني/ 2023، بشأن طلب تحديد التدابير المؤقتة الذي قدمته كندا وهولندا في القضية المتعلقة بتطبيق اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من المعاملات، أو العقوبات القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة ضد النظام السوري. وهذا يظهر تحدياً واضحاً للالتزامات الدولية للنظام السوري، خاصة فيما يتعلق بحماية حقوق الإنسان والامتناع عن التعذيب والاحتجاز التعسفي.
تُدين الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان جميع ممارسات الاعتقال التي تقوم بها قوات النظام السوري، وبشكلٍ خاص هذه الحادثة، وتطالب بضرورة الإفراج الفوري عنهم، وتعويضهم مادياً ومعنوياً عن الضرر الذي أُلحق بهم، كما تدين كافة الانتهاكات الواقعة بحقِّ الكوادر الطبيَّة، وتطالب النظام السوري بإيقاف كافة عمليات الاحتجاز/ الاعتقال التعسفية والتعذيب التي تهدف إلى نشر الرعب بين أبناء المجتمع السوري بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية، وتؤكد على أهمية فتح تحقيقات ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات
المصدر: الشبكة السورية لحقوق الإنسان