أغارت طائرات حربية إسرائيلية على مواقع عسكرية في سوريا، وسط معلومات عن أن الضربات طالت مواقع تتمركز فيها ميليشيات مدعومة من إيران.
وقالت وزارة الدفاع في حكومة النظام السوري إن قصفًا إسرائيليًا استهدف مساء أمس، الأحد 8 من أيلول، من اتجاه شمال غرب لبنان مستهدفًا عددًا من المواقع العسكرية في المنطقة الوسطى، دون تحديد هذه المواقع بدقة.
وأضافت أن وسائط الدفاع الجوي تصدت للصواريخ وأسقطت بعضها.
ووفق الوزارة، أدى القصف إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 15 آخرين بجروح، إلى جانب خسائر مادية، ولم تذكر الوزارة فيما إذا كان القتلى مدنيون أم عسكريون.
ونقلت إذاعة “شام إف إم” المحلية، عن مدير المستشفى “الوطني” في مصياف الدكتور فيصل حيدر، اليوم الاثنين، قوله إن عدد القتلى ارتفع إلى 16 قتيلًا و36 جريحًا بينهم حالات حرجة.
ونقلت وكالة “رويترز” عن مصدرين استخباراتيين إقليميين قولهما، إن مركزًا عسكريًا كبيرًا لإنتاج الأسلحة الكيماوية يقع بالقرب من مصياف تعرض لقصف عدة مرات.
وأضافت المصادر التي لم تسمّها الوكالة، “يعتقد أن المركز يضم فريقًا من الخبراء العسكريين الإيرانيين المشاركين في إنتاج الأسلحة”.
“المرصد السوري لحقوق الإنسان“، وهو منظمة حقوقية معارضة مقرها لندن، قال إن الهجوم أسفر عن تدمير مبان ومراكز عسكرية في منطقة “البحوث العلمية” بمدينة مصياف، ونتج عنه حريق في المناطق الحراجية على طريق مصياف وادي العيون ومنطقة حير عباس.
وأضاف أن بعض صواريخ الدفاعات الجوية سقطت في مناطق سكنية وقرى ومزارع مأهولة بالسكان.
وسقط صاروخ بقرية سمكة التابعة لناحية خربة المعزة بريف طرطوس، وآخر في ضاحية المجد، ما أسفر عن أضرار مادية.
ودوى 13 انفجارًا عنيفًا في كل من منطقة البحوث العلمية بمصياف غربي حماة، كما سقط صاروخان إسرائيليان في موقعين بمنطقة الزاوي بريف مصياف، ما أسفر عن اشتعال النيران فيهما، واستهدفت الضربة أيضًا موقعًا على طريق مصياف- وادي العيون، وموقع آخر بمنطقة حير عباس.
واكتفت وسائل إعلام إسرائيلية منها صحيفة “يديعوت أحرونوت” بنقل أنباء القصف عن وسائل إعلام سورية.
ماذا يوجد في مصياف؟
هذه ليست المرة الأولى التي تغير فيها طائرات إسرائيلية على مصياف غربي حماة، إذ استهدفت بشكل متكرر مركز “البحوث العملية” الواقع في المدينة، وهو مركز متخصص بتطوير وإعداد البحوث العسكرية للجيش السوري.
ووفق صحيفة “Times Of Israel“، يعتقد أن منطقة مصياف، غربي حماة، تُستخدم كقاعدة للقوات الإيرانية والميليشيات الموالية لطهران، وسبق أن تعرضت لهجمات متكررة في السنوات الماضية نُسبت على نطاق واسع إلى إسرائيل.
تحتوي منطقة مصياف على مركز “الدراسات والبحوث العلمية” المعروف باسم “CERS” أو “SSRC” الذي تستخدمه القوات الإيرانية، وفقًا لإسرائيل، لتصنيع صواريخ أرض- أرض دقيقة.
وسبق أن قال وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، عام 2022، إن إيران تستخدم منشآت مركز البحوث العلمية في مصياف لإنتاج صواريخ وأسلحة متطورة لوكلائها.
تصريحات الوزير الإسرائيلي جاءت حينها في أعقاب غارة جوية مشابهة على الموقع نفسه في ذلك الوقت، لكن يبدو أن الضربات لم تزل التهديد، إذ استهدفت المنشأة نفسها بشكل متكرر منذ ذلك الحين.
وأظهر وزير الدفاع الإسرائيلي، خريطة لمنشآت عسكرية في أنحاء سوريا، خلال المؤتمر الصحفي، زعم أنها تُستخدم لتصنيع ذخائر متطورة لصالح إيران ووكلائها.
وقال حينها، “المواقع التي أكشفها لكم على الخريطة، وعلى وجه الخصوص الموقع تحت الأرض في مصياف حيث يتم تصنيع الصواريخ الدقيقة، تشكل تهديدًا محتملًا كبيرًا للمنطقة ولإسرائيل”.
ووفق معلومات حصلت عليها عنب بلدي من مهندس كان يعمل سابقًا في مركز البحوث العلمية في مركزالبحوث العلمية بمصياف ، فإن المراكز العلمية كانت تحت إشراف خبراء من كوريا الشمالية وروسيا، قبل عام 2011.
ومع بداية الثورة السورية، خففت هذه الأطراف تدخلها بعمل مراكز البحوث تزامنًا مع تغلغل إيراني في إدارتها، وفق المهندس الذي تحفظ على ذكر اسمه خوفًا على عائلته المقيمة في سوريا.
وتتخصص مراكز البحوث بصناعة وتطوير الأسلحة، لكن المهندس المقيم في ألمانيا، قال إن العاملين فيها لا يمكنهم الاطلاع على كامل جداول الأعمال، مشيرًا إلى أنه لا يعلم فيما إذا كان هناك أسلحة كيماوية تطور في المنشأة.
منصة تعاونية لإيران و”حزب الله”
وسبق أن ذكر معهد “ألما” الإسرائيلي، المتخصص في دراسة التهديدات شمالي إسرائيل، في تقرير مفصل أن “التركيز الرئيسي لإيران هو تطوير وتصنيع الصواريخ والقذائف الدقيقة والصواريخ المجنحة والطائرات بدون طيار على الأراضي السورية”.
وقال المعهد الإسرائيلي، في آب 2023، عمليات التصنيع هذه تتركز حول مركز البحوث العلمية، الذي يعد قلب الصناعة العسكرية السورية.
ووفقًا لـ”ألما”، تحول مركز البحوث العلمية لمنصة تعاونية تضم سوريا وإيران و”حزب الله” منذ عام 2011.
ومنذ نيسان 2017، فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على 271 فردًا من موظفي المركز السوري للدراسات والبحوث العلمية ردًا على هجوم استخدم فيه غاز “السارين” السام على مدينة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي.
وقال وزير الخزانة الأمريكي حينها، ستيفن منوشين، “تستهدف هذه العقوبات الشاملة مركز الدعم العلمي للهجوم المروع بالأسلحة الكيميائية الذي شنه الدكتاتور السوري بشار الأسد على الرجال والنساء والأطفال المدنيين الأبرياء”.
وأضاف، “الولايات المتحدة ترسل رسالة قوية بهذا الإجراء مفادها أننا سنحمل نظام الأسد بأكمله المسؤولية عن هذه الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان من أجل ردع انتشار هذه الأنواع من الأسلحة الكيميائية الوحشية”.
للتأكد من إضعاف “حزب الله”
في حزيران الماضي، نقلت “رويترز” عن سبعة مسؤولين إقليميين ودبلوماسيين وضباط سوريون، قولهم إن إسرائيل كثفت ضرباتها السرية في سوريا ضد مواقع أسلحة وطرق إمداد وقادة مرتبطين بإيران، قبل تهديد بهجوم واسع النطاق على “حزب الله” اللبناني، حليف طهران الرئيس في لبنان.
ونقلت الوكالة عن ثلاثة من المصادر أن غارة جوية إسرائيلية أسفرت عن مقتل 18 شخصًا، بينهم مستشار في “الحرس الثوري الإيراني”، استهدفت موقعًا سريًا محصنًا للأسلحة قرب حلب مطلع الشهر نفسه.
وقالت المصادر الأربعة الأخرى، إن غارة جوية أخرى أصابت، في أيار الماضي، قافلة من الشاحنات كانت متجهة إلى لبنان تحمل أجزاء صواريخ، وأدت غارة ثالثة إلى مقتل عناصر من “حزب الله”.
“رويترز” نقلت أيضًا عن ثلاثة مسؤولين سوريين، أن التحركات الإسرائيلية تشير إلى أنها تستعد لحرب واسعة النطاق ضد “حزب الله” في لبنان، التي يمكن أن تبدأ عندما تخفف إسرائيل حملتها العسكرية على غزة.
وقال مسؤول حكومي إسرائيلي لـ”رويترز”، إن تصريحات القادة الإسرائيليين كانت واضحة بأن التصعيد “قد يكون وشيكًا في لبنان”.
وأضاف المسؤولون السوريون والمسؤول الإسرائيلي أن الحملة الإسرائيلية في سوريا تهدف إلى التأكد من أن “حزب الله” ضعيف قدر الإمكان قبل بدء أي نوع من القتال.
وتستهدف إسرائيل في سوريا بنى تحتية ومقرات لمجموعات مسلحة مدعومة من إيران، وقد تكون في العمق السوري، بينما ترد بشكل متكرر على مصادر إطلاق نار من الجنوب السوري.
وكانت الضربات الجوية الإسرائيلية هدأت في سوريا بعد تصاعد متسارع للأحداث بدأ عندما قصفت إسرائيل مبنى قنصلي إيراني في حي المزة بالعاصمة دمشق، ردت إيران عليه بعد نحو عشرة أيام بوابل من الصواريخ والطائرات المسيّرة أطلقتها نحو إسرائيل، لكنها لم تصل وجهتها.
مركز “البحوث العلمية” بمدينة مصياف يضم فريقًا من الخبراء العسكريين الإيرانيين المشاركين في إنتاج الأسلحة” بحيث أصب منصة تعاونية تضم سوريا وإيران و”حزب الله” منذ عام 2011، لإنتاج الأسلحة وتطويرها، من هنا كان الإستهداف الدئم لها من قبل قوات الإحتلال.