الحزب وأسامة سعد.. تصفية لحساب والجماعة ثالثتهما

زياد عيتاني

ما خاض الحزب مواجهة يوماً بالسياسة أو بالأمن إلا وكانت أهدافه متعدّدة وفي أكثر من اتّجاه. حصرية المواجهة بهدف واحد وفقاً لقيادات الحزب تجعل هامش الخسارة أكبر من هامش الربح.

 

المواجهة التي يخوضها الحزب اليوم مع نائب صيدا وأحد أقطاب المدينة السنّية الأكبر في الجنوب، لا تشذّ عن القاعدة التي يعتمدها الحزب عند المواجهات، حيث له فيها مآرب أخرى.

1- تصفية حساب: العلاقة المتوتّرة بين الحزب وأسامة سعد ليست جديدة بل تمتدّ بصورتها الفاضحة إلى عام 2019 واندلاع الحراك المدني في الشارع لما سمّي بثورة 17 تشرين.

وقف أسامة سعد منذ اللحظة الأولى إلى جانب هذا الحراك، فوفّر الحماية والإسناد والدعم لساحة “إيليا” مانعاً أيّ طرف من الاعتداء على المعتصمين هناك. مع العلم أنّ ساحة إيليا تبعد عن حارة صيدا حيث ثقل الثنائي الشيعي بضع مئات من الأمتار، وهي أقلّ من الأمتار التي تفصل ساحة الشهداء في بيروت عن منطقة الخندق الغميق وشبابها أصحاب الصرخة المعروفة “شيعة.. شيعة”.

الحماية التي افتقدها الثوّار على جسر الرينغ وفي ساحة الشهداء في بيروت وفّرها أسامة سعد لثوّار ساحة “إيليا” مع حرصه في الوقت نفسه على إبقاء طريق الجنوب إلى بيروت سالكاً في صيدا.

لم يستسِغ الحزب منطق أسامة سعد، لا بل رأى في حراك ساحة “إيليا” عدوى لساحات جنوبية من صور إلى كفرصير، فقرّر إجراء تصفية حساب مع سعد تاركاً التوقيت والطريقة إلى وقت لاحق ومناسب.

2- الخارطة الانتخابيّةيسعى الحزب إلى عدم تكرار تجربة الانتخابات النيابية في دائرة صيدا وجزّين، عندما أعلن أسامة سعد لائحة كاملة رافضاً الدخول في تحالف مع التيار الوطني الحر والثنائي الشيعي، مطلقاً على لائحته اسم “ننتخب للتغيير”، قائلاً في احتفال إعلان اللائحة: “نطالب بالتغيير وبتجديد الحياة السياسية فنقابل بالقمع والتخوين..”.

ما كان أسامة سعد في يوم من الأيام نائباً في البرلمان وحسب، ولا رئيساً لتنظيم سياسي في تحالفاته وخصوماته، بل هو رجل ثابت على مواقفه

يتّهم الحزب أسامة سعد بإضعاف لائحة التيار الوطني الحر، وهو ما سمح للقوات اللبنانية بحجز حصّة نيابية لها في الجنوب مستعينة بأصوات السنّة.

3- الجماعة الإسلاميّة أوّلاً: منذ السابع من أكتوبر ينظر الحزب إلى السُّنّة على أنّهم الجماعة الإسلامية بقيادة محمد طقوش، ومن هم خارج عباءة الطقوش من السُّنّة أطلق عليهم الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله في خطابه ما قبل الأخير في 17 تموز الفائت اسم النواصب حين قال إنّ “النواصب وبعض من تخاذلوا عن نصرة غزة ليغطّوا على فعلهم يلجأون إلى إحياء قضايا طائفية ويثيرون أحقاداً…”.

على خلفيّة كلّ ذلك، يعمل الحزب منذ اليوم لتمكين الجماعة الإسلامية انتخابياً في مدينة صيدا، حيث يوجد مقعدان للسُّنّة، والعقبة الوحيدة في الطريق إلى تحقيق ذلك هو أسامة سعد والحالة التي يُشكّلها في المدينة.

إنّه أسامة سعد..

ما كان أسامة سعد في يوم من الأيام نائباً في البرلمان وحسب، ولا رئيساً لتنظيم سياسي في تحالفاته وخصوماته، بل هو رجل ثابت على مواقفه التي لا تخضع لاستراتيجية محور معيّن أو زعيم سياسي مهما كان حجمه. قد يتقاطع مع البعض في مرحلة ما، لكنّه دائماً هو أسامة سعد شقيق مصطفى سعد، ونجل معروف سعد. مزاجه كبحر صيدا، لكنّه صامد كقلعتها بوجه الأمواج. حقائق لم يضعها الحزب في حساباته عندما قرّر استهداف أسامة سعد.

المواجهة التي يخوضها الحزب اليوم مع نائب صيدا وأحد أقطاب المدينة السنّية الأكبر في الجنوب، لا تشذّ عن القاعدة التي يعتمدها الحزب

إعلان “حركة النصر عمل” منذ أيام في مهرجان هزيل في صيدا من قبل نائب عرسال الذي فاز بمقعده النيابي على لائحة الحزب، لا يشكّل انقساماً في التنظيم الشعبي الناصري من حيث المضمون. بل الهدف منه إعلان انقسام بالشكل ليكون منصّة لإلغاء شرعية أسامة سعد الشعبية، بحيث يسهل استبعاده لاحقاً نهائياً أو جزئياً من دائرة القرار في تشكيل لائحة صيدا وجزين الانتخابية.

صيدا للجماعة الإسلامية وليست لأسامة سعد. هذا هو قرار الحزب، وما دون ذلك أهداف صغيرة تحفظ ماء وجه الحزب إن فشل في إسقاط سعد.

يقول قيادي عتيق في التنظيم الشعبي الناصري من البقاع: “عرسال نقصدها للحصول على حجارة جميلة للبناء لا للحصول على آليّات للهدم. هذا ما يجب أن يعلمه الحزب قبل فوات الأوان”.

المصدر: أساس ميديا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى