قال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، الاثنين 12 من آب، إن تركيا قد تجتمع مع النظام السوري على المستوى الوزاري في إطار الجهود الرامية لتطبيع العلاقات، إذا توفرت الظروف المناسبة.
وأضاف غولر في حديث إلى وكالة “رويترز“، أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قال الشهر الماضي إنه سيدعو رئيس النظام السوري، بشار الأسد، لمناقشة تطبيع العلاقات التي قطعتها أنقرة في 2011، لكن الأسد قال إن مثل هذه المحادثات لا يمكن أن تتم إلا إذا ركزت الدولتان الجارتان على قضايا جوهرية، بما في ذلك انسحاب القوات التركية من شمال سوريا.
وبحسب ما نقلته صحيفة “تركيا” عن غولر، فإذا تم استيفاء الشروط المناسبة يمكن لتركيا وسوريا عقد اجتماع على المستوى الوزاري في نطاق جهود تطبيع العلاقات.
وتحدث الوزير التركي عن شرط الانسحاب من الأراضي السورية الذي يتبناه النظام، وأوضح أنه لا يمكن لتركيا مناقشة تنسيق الانسحاب إلا بعد اعتماد الدستور الجديد في سوريا وإجراء الانتخابات وتأمين الحدود.
وكان نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، جدد الجمعة تأكيد بلاده على تأييد تطبيع العلاقات بين تركيا والنظام وتطوير عملية التفاوض والتحضير لاجتماع أردوغان والأسد.
وأضاف، “نحن نؤيد عملية تطبيع العلاقات الحكومية بين تركيا وسوريا على أساس الاعتراف المتبادل بوحدة الأراضي والسيادة”.
وتابع بوغدانوف، “لقد وقفنا عند أصول بداية هذه العملية. نحن مع مواصلة هذه العملية وندعو لاكتسابها الزخم الضروري، سيكون من الجيد جدًا أن يجتمع رئيسا الدولتين، أعتقد أن التحضير الجاد لمثل هذا الاجتماع مطلوب”، وفق ما نقلته قناة “RT” الروسية.
مربع الشروط المتبادلة
منذ بداية مسار التقارب الأول (بدأ رسميًا في 28 من كانون الأول 2022، وجرى إعلان انهياره في كانون الثاني الماضي)، طرح النظام السوري شروطًا وصفها الأسد بـ”الثوابت” في آذار 2023، وتتجلى بالانسحاب التركي من الأراضي السورية، للوصول إلى نتيجة تفرزها المفاوضات بين الطرفين.
شروط النظام قوبلت بشروط من أنقرة، وجاءت أول مرة في صحيفة “يني شفق” في 26 من حزيران 2023، أي بعد آخر لقاءات ذلك المسار بأيام.
وقالت الصحيفة حينها، إن هناك أربعة شروط تركية لتطبيع العلاقات مع دمشق، تتمثل بالتوصل إلى تعديل دستوري، وانتخابات نزيهة في سوريا، وعودة مشرّفة وآمنة للاجئين السوريين، والتعاون في مسألة مكافحة “الإرهاب”، وتحديدًا فيما يتعلق بـ”العمال الكردستاني” (ترى أنقرة أن “قوات سوريا الديمقراطية” تشكل امتداده الأيديولوجي والعسكري في شمال شرقي سوريا).
وفي أيلول من العام نفسه، أكد وزير الدفاع التركي ضرورة إنشاء دستور جديد، وإجراء انتخابات ديمقراطية، وتشكيل حكومة تحتضن جميع السوريين، مضيفًا، “إذا تحققت هذه الشروط سنغادر سوريا بكل سرور”.
كما وعد، في كانون الأول 2023، بإنهاء الوجود العسكري لجيش بلاده في سوريا بمجرد “استعادة الأمن في الدولة المجاورة”، مشيرًا إلى أن القوات ستعود إلى ديارها إذا اتفق النظام والمعارضة على دستور جديد وإجراء انتخابات لضمان الاستقرار.
وبعد اندفاع تركي رسمي بالتصريحات وصل إلى تلويح أردوغان بلقاء قريب مع الأسد، وانفتاح الأسد بالتصريحات على أنقرة، تمسك النظام مجددًا بشرط الانسحاب التركي من الأراضي السورية لإنجاح مسار التقارب، إذ قالت الخارجية السورية، إن أي مبادرة في هذا الصدد يجب أن تبنى على أسس واضحة ضمانًا للوصول إلى عودة العلاقات بين البلدين إلى حالتها الطبيعية.
واعتبرت أن في مقدمة تلك الأسس “انسحاب القوات الموجودة بشكل غير شرعي من الأراضي السورية، ومكافحة المجموعات الإرهابية التي لا تهدّد أمن سوريا فقط، بل أمن تركيا أيضًا”، وفق بيان الوزارة في 13 من تموز.
وبحسب الخارجية، فإن عودة العلاقة الطبيعية بين البلدين تقوم على عودة الوضع الذي كان سائدًا قبل 2011، وهو الأساس لأمن وسلامة واستقرار البلدين، دون تقديم توضيحات أو إشارة إلى آلية الحل السياسي المتمثلة في تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي “2254”، الذي تنادي به مختلف الجهات الدولية والأممية.
قبل نهاية العام
المتحدث باسم حزب “العدالة والتنمية” التركي، عمر شيليك، قال في 23 من تموز الماضي، حول اللقاء المتوقع، إن الرئيس الروسي لديه إرادة في هذا الإطار، والعمل على الملف مستمر، موضحًا أن المؤسسات الاستخباراتية للجانبين تجتمع على فترات منتظمة، لكن الملف يجب أن يصل إلى المستوى السياسي ومن يتم تقديم الإطار الذي وضعه وزراء الخارجية إلى الرئيس التركي، والأسد، وبعدها يمكن إنشاء تقويم سواء عبر المفاوضات بين الدول أو دولة وسيطة، كون المسألة تحتاج إلى النضج.
في السياق نفسه، قال مصدر دبلوماسي روسي، لصحيفة “الشرق الأوسط” السعودية، في اليوم نفسه، إن الأطراف لم تبحث بعد مكان وموعد قمة أردوغان والأسد، مع الإشارة إلى وجود تطورات متسارعة لتسوية الملفات الخلافية، وتوقعات بعقد هذه القمة قبل نهاية العام الحالي.
المصدر: عنب بلدي
ما يزال البعض يردد توجهات نظام أنقرة للتطبيع والتقارب مع نظام دمشق، منذ أكثر من عام يتم نشر هذه التحليلات والتوقعات، والجميع يعلم بأن متطلبات الطرفين فوق طاقة الآخر لتنفيذها، فأين التطبيع؟ هل ستكون المصالح ستغلب المبادئ والأولويات؟ أم المناورة السياسية ستظل تدور؟.