حزب البعث أداة النظام السوري في التحكم والسيطرة على عمل النقابات المهنية في سوريا

أصدرت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان الخميس 8/ آب/ 2024، تقريراً بعنوان “حزب البعث أداة النظام السوري في التحكم والسيطرة على عمل النقابات المهنية في سوريا”، وتناول التقرير تحكُّم حزب البعث وسيطرته على عمل النقابات المهنية في سوريا، وذلك على إثر إصداره بتاريخ 17/ تموز/ 2024، القرار رقم /37/ الذي ينص على إعفاء نقيب المهندسين الزراعيين في سوريا وتعيين بديلاً عنه.

وقال التقرير الذي جاء في 10 صفحات إنَّ القرار /37/ لعام 2024، الصادر عن القيادة المركزية للحزب يشكل انتهاكاً لدستور عام 2012 الذي أقرَّه النظام السوري بشكل منفرد، وخرقاً للقانون رقم /8/ لعام 2018، الناظم لمهنة المهندسين الزراعيين الذي حدد طريقة حجب الثقة من النقيب. كما يعكس خللاً في هيكلية النقابات المهنية، التي يسيطر عليها حزب البعث ويعتبرها مجرد أذرع تابعة له، وأنَّ هذا القرار يعطي مؤشراً بأنَّ حزب البعث ينفذ قراراً داخلياً من خلال عزل نقيب وتعيين آخر، وكأنَّ النقابات في سوريا هي شأن حزبي داخلي، ليس لها أنظمة داخلية تحدد آلية تشكيلها. إضافةً لاستهانة القرار واستهتاره بآلاف المهندسين الزراعيين أعضاء هذه النقابة الذين يفترض أنَّهم يملكون الحقَّ الحصري باختيار نقيبهم أو عزله.

ووفقاً للتقرير فإنَّ القرار 37 لعام 2024 يأتي في سياق تعزيز مركزية اتخاذ القرارات وحصرها في يد حزب البعث، كما يُشكِّل القرار امتداداً لسياسة حزب البعث منذ انقلابه عام 1963، الذي ترافق مع السيطرة التامة على أي حراك سياسي، أو عمل مدني أو اجتماعي أو نقابي، حيث عمل الحزب على شرعنة سيطرته المطلقة على الدولة والمجتمع عبر المادة الثامنة من دستور 1973، إلى أن تم الإجهاز على ما تبقى من منظمات المجتمع المدني في 9/ نيسان/ 1980، عندما قام نظام حافظ الأسد بحل النقابات، واعتقل أعضاءها لتعود وتستبدل مجالسها بمجالس جديدة تابعة للسلطة ومرتبطة بالأجهزة الأمنية، وسيطر الحزب بشكل كلي على الاتحادات والنقابات المهنية التي ضمت في صفوفها ملايين السوريين، وأجبرتهم على رفع شعارات الحزب ورموزه وتبنيها، والمشاركة الإلزامية في مسيرات داعمة للسلطة الحاكمة في مختلف المناسبات المتعلقة بها.

وحسب التقرير فإنَّه مع اندلاع الحراك الشعبي في سوريا في منتصف آذار/ 2011، أعاد النظام السوري تقييم أدوار المؤسسات الشعبية ودمجها في شبكاته للمساهمة في قمع الحراك، والتحكم بالمجتمع بشكل أكبر، وأصدرت قوات الأمن التابعة للنظام أوامر للاتحادات والنقابات المهنية بإقصاء أعضائها الذين شاركوا فـي الاحتجاجات، ورُفعت التقارير الأمنية بحقِّهم وتمت ملاحقتهم وفصلهم وحرمانهم من حقوقهم المالية. وعلى الرغم من إلغاء النظام السوري للمادة الثامنة من الدستور التي كرَّست البعث قائداً للدولة والمجتمع، بعد إصداره دستور 2012، إلا أنَّ حزب البعث ظل يمارس نفس الصلاحيات والامتيازات والدور الاستعلائي والوصائي على الدولة والمجتمع السوري، من خلال تحكمه بجميع المؤسسات التي يفترض أن تكون منابر لحكم الشعب ومنها النقابات المهنية.

واستنتج التقرير أنَّ تدخلات حزب البعث في عمل النقابات المهنية تُشكِّل مخالفة لحرية العمل النقابي التي تضمنها القوانين الدولية والمحلية. وأنَّ قرار إعفاء نقيب المهندسين الزراعيين وقرار تسمية البديل يعتبر معدوماً ومشوباً بعيب عدم الاختصاص؛ لأنَّه مخالف للقانون الدولي، ومخالف لدستور 2012، ولقانون تنظيم مهنة المهندسين الزراعيين، وتعدياً على اختصاص المؤتمر العام لنقابة المهندسين الزراعيين.

وأوصى التقرير المجتمع الدولي بتقديم الدعم الفني والمادي لتعزيز قدرات النقابات المستقلة في سوريا، ومساعدتها على ممارسة حقوقها بحرية واستقلالية، وتجميد عضوية النقابات السورية في الاتحادات والهيئات الدولية للنقابات إلى أن تتمتع بالاستقلالية وحرية العمل النقابي كما هو منصوص عليه في الاتفاقيات الدولية.

كما أوصى المفوضية السامية لحقوق الإنسان بتكثيف جهود المراقبة وتوثيق الانتهاكات المرتكبة ضد النقابات المهنية في سوريا، ونشر تقارير دورية حول الوضع لتوعية المجتمع الدولي.

وأوصى النظام السوري الالتزام بالدستور والقوانين المحلية والدولية التي تضمن استقلالية النقابات المهنية، وإلغاء كافة القوانين والتشريعات التي تمنح حزب البعث صلاحيات تمييزية على النقابات، وضمان توافقها مع الدستور والقوانين الدولية.

المصدر: الشبكة السورية لحقوق الانسان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى