الانتخابات الإيرانية التي من المقرر أن تجرى بعد أيام قليلة ، و هذا في ظل أوضاع غير طبيعية على كل الصعد و في كل المجالات الحيوية ، حيث تعاني الشعوب الغير فارسية و بما فيها الشعب الإيراني ، شتى أنواع الظروف و الضغوطات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافیة و التي هي بالواقع نتيجة سياسات النظام الحاكم في طهران ، منذ سنة 1979 أي عند استلامه الحكم ، أنذاك ، و اتخاذ سياسات خاطئة في التعامل مع شؤون البلاد ، و تعامله اللا إنساني مع متطلبات الشعوب و إهمال تطلعاتها نحو مرحلة جديدة ، تحمل لهم في طياتها الكثير من التغييرات الجذرية و تغير من احوالهم بشكل عام ، و التي من خلالها باستطاعتهم أن يروا نتائجها الإيجابية في كل نواحي حياتهم المستقبلية ، و إدراكا منهم ، أنها لن تأتي و تتم كلها بين ليلة و ضحاها ، و أن ما ناضلوا و ضحوا من أجله طوال العقود الماضية من مقارعتهم النظام الشاهنشاهي لم تذهب هباء و يرى ثمارها و هي الحرية و التي كانوا يصبوا إليها و من الضروري تأتي بعدها استعادة حقوقهم بعد أن عمل النظام الشمولي طمسها بكافة سياساته الإقصائية و جعلها في طي النسيان ، و لكن كل تلك التوقعات أخذت رويدا رويدا تفقد بريقها ، إلى أن اضمحلت إلى درجة كبيرة ، و الأسباب الكامنة وراء تراجع ذلك ، كانت تتلخص على إثر ما رؤوا من ردات فعل عكسية من قبل النظام ، جراء تعامله مع مطالبهم و احتجاجاتهم الشرعية ، و الذي تسبب بتطورات سلبية و أحداث دامية ، وقعت في عدة نقاط من المدن و شوارعها التي كانت تشهد بشكل يومي ، مظاهرات و مسيرات مطلبية و تجمعات للحركات و المنظمات السياسية بمختلف مشاربهم الفكرية ، و التي جوبهت بالقمع و الاعتقالات التعسفية ، و نذكر منها و على سبيل المثال ، تحديدا في الأحواز المحتلة ، احداث مجزرة الأربعاء السوداء في كلا من مدن المحمرة و عبادان و الهجوم الوحشي على الجامعة الأحوازية ، تحت لافتة ما سميت في تلك الأونة (بالثورة الثقافية _ شملت كل الجامعات في جغرافيا ما تسمى ايران) ، راح فيها عدة ضحايا من الطلاب و تم اعتقال الآلاف الذين كانوا يدافعون عن الجامعة .
أن الحديث عن الانتخابات الرئاسية القادمة ، يتطلب الشرح المفصل عن أسبابها و خلفياتها التي أدت إلى التسرع الملفت للنظر في إجراؤها في فترة زمنية قصيرة ، بعد مقتل رئيس الجمهورية في حادثة سقوط المروحية التي كانت تقله هو و وزير الخارجية و الوفد المرافق له و الملابسات التي أحاطت بهذا الحدث و ما جرت من أمور خلف الكواليس و التي ماتزال حديث الشارع ، و لهذا طرح و مناقشة ابعاد هذا التطور الهام و أسبابه الشائكة ، بحاجة إلى وقت طويل و سوف نتطرق إليه في قادم الأيام .
في المجمل و عبر السنوات من عمر النظام الحاكم ، و نظرا للتجارب التي اكتسبتها الشعوب ، من الويلات و الكوارث التي ألمت بها ، بالتالي ، ثبت التناقص المتزايد في نسبة المشاركة و عدم حضور الجماهير في جميع الانتخابات التي أجريت سابقا ، و اذا كان هناك استفتاء شعبي حول حقيقة الانتخابات ، تقوم به جهة محايدة (دولية) ، لتبين الموقف الواضح و الثابت للملايين من الناس ، من عدمية كل الانتخابات و بكل مسماياتها التي جرت في السابق و الانتخابات القادمة ، لأن من الطبيعي جدا ، الانتخابات التي تخلو من النزاهة و الشفافية المطلقة ، اساسا ، و لا تحترم آراء المشاركين فيها و تكون مبرمجة مسبقا من حيث المقاعد و المناصب و شخوصها ، بمعنى آخر ، القائمين عليها يكونوا في واد و الملايين من الناس في واد آخر ، و هذا يعني العبث في مصير و مستقبل الشعوب بأكملها.
المصدر: جبهة الاحواز الديمقراطية / جاد