هكذا أصبحت الدولة الفلسطينية شرطاً سعودياً للتطبيع مع إسرائيل

زلمان شوفال

إذا ما حاكمنا الأمور وفقاً لما نسمع من واشنطن والرياض، فإن اتفاقاً إقليمياً، بما في ذلك “تطبيع” بين السعودية وإسرائيل، أقرب من أي وقت مضى. لكن قد يستهدف “إقناع” إسرائيل بألا تضع “عراقيل”، وتلميحات بخطة ثانية مزعومة، أي تسوية ثنائية بدون إسرائيل، موجهة للهدف إياه وإن كانت إدارة بايدن والحاكم السعودي يفهمان أنه بدون القسم الإسرائيلي يكاد لا يكون أي احتمال في إقرار الاتفاق بالأغلبية اللازمة في مجلس الشيوخ. المصلحة الأمريكية واضحة: تقليص تسلل الصين إلى المنطقة، والتأثير على السعودية في موضوع أسعار النفط (وبخاصة في فترة الانتخابات الحالية)، والسماح بنقل المركز الدبلوماسي والعسكري الأساس للولايات المتحدة إلى الشرق الأقصى، وزيادة مبيعات صناعاتها الأمنية. لكن ثمة توقع بتقلص الانشغال بالنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني.

كما أن مصلحة السعودية ليست سراً: ضمان مظلة أمنية تجاه إيران وفروعها، مظلة كانت مغلقة في عهد ترامب وقد تغلق مجدداً إذا ما انتخب مرة أخرى. وذلك لأنه حتى لو تحقق تقرب ما بين السعودية وإيران تجاه الخارج، فليس للزعماء السعوديين أوهام عن تهديد كبير من طهران. إضافة إلى ذلك، تريد السعودية الاستعانة بالولايات المتحدة في تطوير برنامج نووي “لأغراض سلمية”. لإسرائيل مكان في الأهداف السعودية؛ قبل أقل من سنة كتبت: “السعودية ترى في إسرائيل شريكاً في تصميم شرق أوسط مستقر، وهي واعية لمساهمتها الهامة في مجال العلم والتكنولوجيا، مثلما هي واعية لقوتها العسكرية وكفاءتها الأمنية العامة”. هذه الأهداف لا تزال سارية المفعول، رغم تغير بعض تشديداتها منذ 7 أكتوبر.

لكن وردة شوكها: إذا كانت المسألة الفلسطينية ضريبة لفظية للسعوديين، فبعد الحرب وردود الفعل المؤيدة للفلسطينيين في العالم العربي والسعودية نفسها – فإن طلبها إقامة دولة فلسطينية أصبح شرطاً لازماً، وينبغي الافتراض، دون الاشتباه بالسياقات، أنه لم يعد رغماً عن واشنطن. معنى الأمر: تمديد مدى حياة حماس التي حسب الاستطلاعات، ستحكم الدولة الفلسطينية – وتقريب التهديد الإيراني إلى قلب إسرائيل.

من ناحية إسرائيل، نشأ وضع يجعلها أمام خيار غير معقول بين التطبيع المجزي من جهة، والموافقة على إقامة دولة فلسطينية الآن من جهة أخرى. المصلحة الإسرائيلية في التطبيع واضحة: أن تكون جزءاً من مظلة أمريكية إقليمية واتفاق رسمي مع زعيم العالم العربي السني، وكل ما ينبع عن ذلك في جملة مواضيع دولية وإقليمية سيشكل تطوراً ذا أهمية تاريخية، بما في ذلك في السياق الإيراني، ويحول “الشرق الأوسط الجديد” من شعار إلى واقع جغرافي سياسي. كما أنها ستكون درة تاج استراتيجية نتنياهو الكبرى بـ “اتفاقات إبراهيم”.

المصالح الأساس للشركاء الثلاثة للاتفاق لم تتغير. لكن 7 أكتوبر وآثاره بطأت الوتيرة نحوه، بسبب عائق الدولة الفلسطينية. وهكذا ثارت أفكار أيضاً لدى شركائنا المحتملين؛ فأي نجاح إسرائيلي في تحقيق الأهداف العسكرية في غزة سيشطب علامات الاستفهام المتبقية.

كما أسلفنا، التطبيع مع السعودية بالفعل سيكون بالنسبة لإسرائيل إنجازاً سياسياً ذا مغزى لا ينبغي رده رداً باتاً، لكن المطلوب جهد سياسي استراتيجي لتغيير المغلف السلبي الذي يحوط بها. وعلينا أن نقول للأمريكيين إننا لا نرفض مسبقاً أي تسوية، بما فيها هذه الصيغة أو تلك لحكم فلسطيني ذاتي في المستقبل على أساس مفاوضات مباشرة، وفقاً لقول الرئيس بايدن نفسه بأن السلام متعلق باعتراف كل الجهات بحق الشعب اليهودي في دولته القومية في بلاده. هذا الموقف كفيل بأن يساعدنا في وقف أو على الأقل أو نبطئ الانجراف في العالم نحو اعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية.

 

المصدر: – معاريف /القدس العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى