نتائج الحوار في موضوع “إشكالية العلاقة بين الدين والدولة في سورية الجديدة”

مشروع حوارات السوريين/ المرحلة الثالثة

الموضوع الثاني: إشكالية العلاقة بين الدين والدولة في سورية الجديدة

تمهيد:

“إشكالية العلاقة بين الدين والدولة في سورية القادمة” هو الموضوع الثاني من مواضيع المرحلة الثالثة من برنامج حوارات السوريين الذي أطلقه مركز حرمون للدراسات المعاصرة منتصف العام 2021. وبدأت مرحلته الثالثة في أيلول/ سبتمبر من العام 2023، وتُدار بالتعاون مع مجموعة من الشخصيات الفكرية والثقافية.

تمت مناقشة الموضوع في ثلاث جلسات، شارك فيها سبعة وعشرون مثقفًا ومختصًا وأكاديميًا وباحثًا من مختلف الانتماءات والتوجهات. نوقش في كل جلسة محور من محاور الموضوع الثلاث، على النحو التالي:

  1. المحور الأول: “المرجعية الدينية للنص الدستوري“، وخصصت له الجلسة الأولى التي عُقدت في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، بمشاركة ثمانية متحاورين[1].
  2. المحور الثاني: “الفصل بين المؤسسة الدينية ومؤسسات الدولة“، وخصصت له الجلسة الثانية التي عُقدت في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، بمشاركة عشرة متحاورين.
  3. المحور الثالث: “وجود قانون مدني للأحوال الشخصية“، وخصصت له الجلسة الثالثة التي عُقدت في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، بمشاركة تسعة متحاورين.

حرص هذا التقرير على نقل معظم الآراء والأفكار التي قيلت، وعلى إبراز نقاط الالتقاء والاختلاف بين التيارات المختلفة، وبناء عليه، تم استخلاص الأفكار العملية التي تساعد في التعامل مع النقاط الخلافية ومتابعتها بغرض تقليصها أو إدارتها بطريقة ديمقراطية.

سيُنشر هذا التقرير، ويُرسَل إلى المعنيين والمهتمّين، ونرحّب بأي نقاشات تغني هذا الحوار، وندعو المهتمين إلى كتابة مقالات رأي في هذا الموضوع، لتنشر في موقع حرمون.

كانون الأول/ ديسمبر 2023

فريق إدارة برنامج حوارات السوريين

منسق الفريق: نادر جبلي

المحور الأول:

المرجعية الدينية للنص الدستوري

للدستور أهمية استثنائية، باعتباره رأس الهرم القانوني، وترجمة للعقد الاجتماعي بين مكوّنات الشعب، ونصوصه يجب أن تمثّل الجميع دون استثناء، ودون تمييز بين مكون وآخر، مهما كبر حجم هذا وصغر حجم ذاك. لذلك لا بدّ من مناقشة إشكالية المرجعية الدينية للنص الدستوري، في معرض الحوار حول العلاقة بين الدين والدولة.

حول السؤال عن مدى ضرورة وأهمية أن يتضمّن الدستور نصوصًا ذات بعد ديني، أو تحيل إلى مرجعيات دينية محددة، مثل: دين الدولة، دين رئيس الدولة، الدين مصدر للتشريع.. فقد أمكن تمييز اتجاهين رئيسين في هذا الموضوع:

الاتجاه الأول يرى أن وجود مثل هذه النصوص غير ضروري وغير مفيد، بل هو ضار بالاجتماع الوطني، لأنه يعني التمييز بين جماعة دينية معينة وغيرها.

الاتجاه الثاني يرى أهميّة وضرورة لوجود هذه النصوص، لكن أمكن تمييز رأيين ضمن هذا الاتجاه: رأي يرى أن يكون وجودها فعليًا ومنتجًا لآثاره، ورأي يرى أن يكون وجودها رمزيًا فقط.

ساق أصحاب الاتجاه الأول (من يرون أن الدستور يجب أن يخلو من أي نص أو إشارة دينية) الأسباب التالية:

  1. الدستور يمثل جميع السوريين، ولا يجوز أن يحتوي على أي نص يميز جماعة سورية عن جماعة أخرى، فهذا يؤذي الاجتماع الوطني، بسبب شعور بعض الجماعات (غير السنّة) أنها أقل مكانة من غيرها.
  2. وجود مثل هذه النصوص يجرح مبدأ المواطنة، خاصة في حال النص على دين رئيس الدولة، أو في أي نص يميز بين السوريين على أسس دينية.
  3. ذكر دين الدولة يضعها أمام اشتراطات لا تتفق مع حياديتها.
  4. أصبح للموضوع بعد كبير بعد هذا الصراع القاسي والمديد في سورية، وأصبحت لدى المكونات هواجس أكبر تجاه تمييز الأغلبية بنص دستوري.
  5. أي نص أو إشارة دينية في الدستور، وإن كان ذلك رمزيًّا، قد يُستثمر في لحظة ما، إذا كان الحامل السياسي والاجتماعي لاستثمارها موجودًا.
  6. أي إشارة دينية في الدستور ستكون مدخلًا لإعادة إنتاج الخلافات والصراعات السابقة.

أصحاب الاتجاه الثاني (من يرون أهمية وضرورة لوجود نصوص ذات محتوى وإشارات دينية) كانوا على موقفين متميزين من الموضوع، كما أشرنا:

  • موقف يرى أن تتضمن تلك النصوص قواعد دستورية ملزمة واجبة التطبيق، وليس مجرد نصوص عامة رمزية، ويسوقون لتبرير رأيهم الأسباب التالية:
  • الأغلبية العظمى من السوريين من الإسلام السنّة، والانتماء الديني والعاطفة الدينية حاضرة وقوية لدى معظمهم، وقد تصاعدت خلال الثورة، ولا بدّ من أخذ ذلك بعين الاعتبار في الدستور.
  • النصوص ذات البعد الديني موجودة في الدساتير السابقة، ولا يمكن إزالتها من الدستور القادم بسهولة، خاصة بعد أن حصل ما حصل في سورية بُعيد الثورة، وما تعرضت له الأغلبية السنية من عنف استثنائي.
  • لو لجأنا إلى أي تصويت ديمقراطي، فإن الرأي الغالب سيكون مع أن ينص الدستور على دين رئيس الدولة، وعلى دين الدولة وعلى المرجعية الدينية للنص الدستوري.
  • موقف يرى أن حضور مثل هذه النصوص ضروري، على أن تكون شكلية رمزية فقط[2]، ويسوقون لتبرير رأيهم الأسباب التالية:
  • من المفيد احتواء الدستور على نصوص وإشارات ترضي وتطمئن الأغلبية السنية، وإن كانت رمزية لا تنتج آثارًا قانونية أو تخلق مزايا فعلية.
  • الدين جزء رئيس من هوية الناس، والانتماء الى الفضاء الثقافي والحضاري الإسلامي حقيقة لا جدال فيها، والإشارة إلى ذلك مفيدة، ولا تمس المبادئ التي يقوم عليها دستور دولة حديثة.
  • يجب عدم وجود أي نص يمكن استغلاله مستقبلًا أو تفسيره بما يضر بحقوق المواطنة أو بالحريات العامة أو بالمساواة بين السوريين.

بعض المشاركين أشار إلى “مقاصد الشريعة الإسلامية”، كحلّ توافقي، معتبرًا إياها مقاصد إنسانية عامة بامتياز، رغم طابعها الديني، وهي تحيل إلى قيم أخلاقية مشتركة بين الجميع، وبهذا تختلف عن الفقه الإسلامي أو الشريعة الإسلامية. لكن جاء الرد على ذلك من آخرين بأن المصطلح إشكالي بدوره، مفتوح على تفسيرات واحتمالات قد تقود إلى المشاكل نفسها.

المحور الثاني:

إشكالية الفصل بين المؤسسة الدينية ومؤسسات الدولة

كما في كل الحوارات التي تجري حول هذا الموضوع، انقسم المتحاورون في هذه الجلسة إلى فريقين، فريق يؤيد الفصل بين الدين والدولة، أو بين المؤسسة الدينية ومؤسسات الدولة، وفريق يرفض هذا الفصل.

مؤيدو مبدأ الفصل بين المؤسسة الدينية ومؤسسات الدولة، أو حيادية الدولة تجاه الأديان، يسوقون في معرض تبريرهم الأسباب التالية:

  1. الدولة جهاز بيروقراطي وظيفي لا دينَ له، يهتم بجميع مواطني الدولة بغض النظر عن أديانهم.
  2. الحقوق التي تتصل بالدين والإيمان مجالها المجتمع الأهلي وليس مؤسسات الدولة.
  3. الفصل يعني عدم التمييز بين الأفراد والجماعات الوطنية، وتساوي الجميع في الحقوق والمواطنة.
  4. عدم الفصل سيضر بعلاقة فئات من المواطنين بالدولة، لأنه سيؤدي موضوعيًا إلى تمييز فئات أخرى عنهم.
  5. دين الدولة، كأدلجة الدولة، ينسف جوهر المواطنة المتساوية.
  6. فصل الدين عن الدولة هو دفاع عن الدين كي لا يُستخدم لأغراض سياسية، وهذا يحافظ على نقاء الدين.
  7. فصل الدين عن الدولة هو أيضًا دفاع عن الدولة كي لا تطغى سلطة رجال الدين، وتتحول إلى شكل من أشكال الدولة الدينية التي أصبحت كوابيس على شعوبها، كما في إيران أو السودان. ويمكننا في سورية رؤية مقدمات لمثل هذه الدول، في النماذج التي تحكم بعض المناطق الآن، كإدلب، أو التي حكمت مناطق أخرى في فترة سابقة، كتنظيم داعش وجيش الإسلام.
  8. الحريات والحقوق الدينية ستكون أفضل عندما تكون الدولة محايدة تجاه الأديان، وهذه الفكرة يجب إيصالها إلى الناس.
  9. في الدين الإسلامي، لا يوجد شراكة بين الدين والدولة، ولا توجد دولة دينية على الإطلاق، وقد قال عبد الرحمن الكواكبي: “الدين ما يدين به الفرد لا الجمع”.
  10. الدين تعبّدي فردي، له بعد روحي يتصل بوجدان الفرد وأخلاقه، وينعكس في معاملات الأفراد بين بعضهم. أما الدولة فتقوم على مفهوم الحق والواجب القانوني وليس الأخلاقي، وهما مجالان منفصلان لا يجوز الخلط بينهما، وأي خلط يعني التوظيف السياسي للدين من قبل الحكام.

أما مؤيدو مبدأ عدم الفصل بين المؤسسة الدينية ومؤسسات الدولة، فيسوقون المبررات التالية:

  1. حيادية الدولة يمكن أن تتحقق دون الفصل بين الدين والدولة، وذلك عندما تعترف بحقوق جميع الفئات الدينية وتحميها.
  2. ما دام الدين سلوكًا قيميًا يحض على الفضيلة ومكارم الأخلاق، فإن انتقال تلك القيم الأخلاقية إلى أجهزة الدولة ومؤسساتها، سيقود الى حاله مثالية من إدارة الدولة، وإلى إنتاج تشريعات أكثر إنسانية وتحضرًا ومدنية.
  3. الدين الإسلامي يتضمن قواعد تشريعية في مجالات مختلفة، والفصل يعني عدم الأخذ بهذه القواعد، وهذا مرفوض من المؤمنين. والسواد الأعظم من الناس متديّن ويتمسك بأحكام دينه.

آراء مختلفة ساقها المتحاورون:

  1. تم تشويه مصطلح “العلمانية” وتكريسها لدى جمهور المتدينين كمرادف للإلحاد وصنو للاستبداد، وبالمقابل تم تكريس الإسلام لدى الجمهور الآخر، كمنتج للتطرّف، وسبب للاستعلاء على الآخرين. وهذه الصور النمطية المشوهة هي المشكلة الأكبر التي يجب النقاش حولها وتصحيحها.
  2. مصطلح “مدنيه الدولة” أفضل من مصطلح “علمانية الدولة”، لأن مبدأ مدنية الدولة غير إشكالي أولًا، ويتضمن كل القيم التي يمكن أن تخرجنا من هذه الإشكالات، فهو يعني دولة القانون، والمواطنة المتساوية، والحقوق والحريات والواجبات، والتعددية وقبول الآخر، والالتزام بقيم الديمقراطية ومبادئها، وبمبدأ التداول السلمي للسلطة.
  3. العلمانية ضرورة لا يمكن التساهل بها، ويجب أن يتم تطبيقها بطريقة ما، على غرار التجربة التركية، وما كان للغرب أن يخرج من صراعاته الدينية الطاحنة لولا تبنيه العلمانية وفصل الكنيسة عن شؤون الحكم، رغم أن المسيحيين في الغرب لم يكونوا أقل تعصبًا لدينهم من تعصب المسلمين اليوم.
  4. يجب التركيز على صياغة الدستور، لأنه يؤسس لهذا التوازن المطلوب بين المجالين، ويضع الحدود لهما بما يضمن عدم طغيان أي منهما على الآخر، وعلى الدستور أن يقرّ في ديباجته بالقيم الثقافية والدينية للمجتمع، وأن يضمن احترام الآداب العامة للمجتمع، وأن يدعم حرية الناس في التدين، ويترك المجال للمجتمع الأهلي لممارسة دوره في هذا المجال.

المحور الثالث:

إشكالية وجود قانون مدني للأحوال الشخصية

قوانين الأحوال الشخصية جزء أساسي من إشكالية العلاقة بين الدين والدولة، بسبب ارتباطها الوثيق بالحياة اليومية لجميع الناس (زواج وطلاق وميراث وحضانة وتربية ورعاية ووصاية…)، وقيام هذه القوانين على أساس ديني، في بلدٍ متعدد الأديان والمذاهب، يعني أن تخضع كل جماعة دينية لأحكام تختلف عن تلك التي تخضع لها الجماعات الأخرى في ذات البلد، أو أن يخضع الجميع لأحكام لا تناسب إلا فئة منهم، مما ينال من مبدأ العدالة والمساواة بين الناس في البلد الواحد، سواء على صعيد الجماعات الدينية على مستوى البلد، أو على صعيد الجنسين في الجماعة الواحدة، كما ينال في الوقت نفسه من مبدأ حرية الأفراد في اختيار ما يرونه مناسبًا لهم، الأمر الذي استوجب طرح فكرة وجود قانون مدني للأحوال الشخصية، كما هو الحال في تركيا، وفتح الحوار حوله بين التوجهات السورية المختلفة.

في الحوار حول هذا الموضوع، أمكن رصد ثلاثة توجهات بين المشاركين: الأول يرفض وجود قانون مدني للأحوال الشخصية بكل صوره وأشكاله؛ والثاني معاكس يرى ضرورة أن يكون هناك قانون مدني للأحوال الشخصية يطبق على الجميع؛ والثالث توجّه وسطي يرى إمكانية وجود قانون مدني للأحوال الشخصية بالتزامن مع القوانين الموجودة ذات المرجعية الدينية، وتترك الحرية للناس في اختيار القانون الذي يريدون الخضوع لأحكامه.

  • أصحاب التوجه الأول(من يرفضون القانون المدني) يسوقون الأسباب التالية في معرض الدفاع عن رأيهم:
  • وجود قوانين الأحوال الشخصية للطوائف والأديان بشكلها الحالي يحقق العدالة، ما دام الناس راضين بها، ويشعرون أنها تحترم شعائرهم ومعتقداتهم.
  • استبدال قوانين الأحوال الشخصية بقانون مدنيّ مرفوض تمامًا، لأن الحقوق في الأسرة السورية مبنية على الأحكام الدينية، ولا يجوز المساس بها، فضلًا عن أن عاداتنا وتقاليدنا كلّها ذات منشأ ديني، ولا داعي لأن نستورد شيئًا لا يتوافق مع قيمنا وتقاليدنا.
  • القوانين الدنيوية قابلة للتغيير، لكن هناك قضايا ثابتة وأصيلة شرّعها الله، وتغييرها هو تعدٍّ على حق الله، ولا يجوز أن نتكلم فيها. هل يجوز أن نقول إنّ قانونًا وضعيًا وضعه البشر هو أفضل من قانون وضعه ربّ البشر!
  • نحن نعيش في مجتمعات ما تزال بنيتها الأساسية قائمة على أساس العائلة والعلاقات العائلية، فهل نحن قادرون الآن على الانتقال مباشرة نحو قوانين تتعارض مع هذه البنية؟
  • أصحاب التوجه الثاني(من يريدون قانونًا مدنيًا واحدًا للأحوال الشخصية يُطبّق على الجميع) يبررون رأيهم بما يلي:
  • تعدّد قوانين الأحوال الشخصية في الدولة يعوق بناء دولة وطنية حديثة، لأنّه يجرح مبدأ المواطنة المتساوية، ومبدأ العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين.
  • تعدد القوانين والأحكام أمرٌ غير عادل، لأنه يمسّ بحقوق النساء بالدرجة الأولى، من الناحية الاقتصادية خاصة، ويمسّ حقوق المجتمع من الناحية الاجتماعية ومن الناحية الدينية، ويصنع التفرقة ويولّد الإحساس بالتمييز والظلم.
  • تعدد قوانين الأحوال الشخصية يخلق تمايزًا بين الأشخاص أنفسهم ضمن الأسرة الواحدة، كما يخلق تمايزًا بين الأديان من نواح عدة، وهذا يعزز من الطائفية ويؤدي إلى تصدّع المجتمع.
  • لا بدّ من استئصال التمييز بين المسلمين وغير المسلمين، على صعيد القانون، كذلك لا بدّ من إلغاء جميع أنواع التمييز بين المرأة والرجل، ولا بدّ من إعادة النظر في القوانين التي تنطوي على انتهاكات لحقوق الطفل، وكلّها تنبع من منظومة الأحوال الشخصية الدينية.
  • بعض أحكام قانون الأحوال الشخصية العام (للمسلمين) تُطبّق على غير المسلمين، وتعطي المسلمين أفضلية على غيرهم، كما في حالة أحكام حضانة الطفل بين رجل مسلم متزوج من امرأة مسيحية، حيث يُعطى حقّ الحضانة للرجل المسلم، باعتباره صاحب الدين الأشرف. وهذه الأحكام تجرح مبدأ المواطنة، وتؤذي مشاعر أتباع الطوائف الأخرى، وتغذي المشاعر الطائفية لديهم.
  • لا يجب النظر إلى القانون المدني من زاوية الفائدة التي يقدّمها فقط، بل يجب أن ننظر إليه أيضًا من زاوية أنه ضرورة لقيام دولة مواطنة متساوية حقيقية.
  • أصحاب التوجه الوسطي(من يرون إمكانية تعايش قانون مدني للأحوال الشخصية مع القوانين الموجودة) أشاروا إلى الأسباب التالية:
  • لا بدّ من السعي لوجود قانون مدني اختياري، حيث أصبح لدينا حاليًّا طائفة جديدة في سورية، هي طائفة اللادينيين، ولا يجوز إخضاع أفرادها لمرجعيات لا يؤمنون بها.
  • حالة التعدد والتنوع في الانتماءات الدينية للسوريين تتطلب وجود قانون أسرة مدني، إلى جانب قوانين الأسرة الخاصة بكل طائفة، وهذا لا يجب أن يكون خاضعًا لقرار الأغلبية.
  • وجود قانون مدني للأحوال الشخصية لا يُسيء إلى أحد، بل إنّ عدم وجود هذا القانون هو إساءة إلى مبدأ العدالة والحريات، إذ إن هناك نسبة وازنة من الناس لا ترغب في اللجوء إلى القوانين ذات المرجعيات الدينية. وبوجود مثل هذا القانون، تُحترَم الحريات ومبدأ العدالة، حيث يتاح للمؤمن وغير المؤمن ولكل فرد اختيار القانون المناسب له.
  • التجربة السورية خير دليل على ضرورة وجود قانون مدني للأحوال الشخصية؛ فهناك قانون للمسلمين السنة، وقانون للطائفة الدرزية، وعدة قوانين للطوائف المسيحية، ولكل منها أحكامه المختلفة عن غيرها، ويتضمّن قانون الأحوال الشخصية العام (للسنة) أحكامًا تنطبق على جميع السوريين، بغض النظر عن دياناتهم. وهذا القانون يميّز بين الزوجين لصالح الطرف المسلم، في حال كان الطرف الآخر غير مسلم (في الإرث وحق الحضانة…).
  • آراء وأفكار مختلفة
  • هناك شيطنة لفكرة الزواج المدني، بسبب رجال الدين من مختلف الطوائف، الذين يشعرون دائمًا بالتهديد من فقدان سيطرتهم على الناس، إذا خرجت قوانين الأحوال الشخصية من نطاق سيطرتهم.
  • المشكلة ليست في تشريع قانون مدني للأحوال الشخصية، بل في القدرة على فرضه وتطبيقه، ومجتمعاتنا ما زالت بعيدة عن هذا المستوى، بل إننا تراجعنا عن أسئلة النهضة التي كانت تُطرح في القرن التاسع عشر.
  • إقرار حق اختيار الزواج المدني يجب أن يكون بقرار سياسي، بسبب حاجة المجتمع الماسة إليه، لكن بالتأكيد يجب أن يتزامن ذلك مع جهود كبيرة لخلق ثقافة مجتمعية داعمة له.
  • في ظلّ التباينات بين المناطق السورية المختلفة، بخصوص القدرة على تقبّل قانون مدني للأحوال الشخصية، ربما يكون من المناسب تطبيق القانون في مناطق دون أخرى، بحسب نسب السكان وانتماءاتهم الدينية.
  • التناقض الذي يدّعيه بعض رجال الدين، بين ما يُطرح بخصوص القانون المدني وبين القرآن، ليس حقيقيًّا في حالات كثيرة، إنه تناقض مزعوم ناجم عن سوء فهمهم للنص القرآني، أو خوفهم على سلطتهم ونفوذهم.
  • هناك قوانين أحوال شخصية عديدة، ونحن نفكّر الآن بقوانين إضافية، ويأتي هذا في ظل تراجع سورية على كل المستويات، وتراجع الهوية الوطنية، وعودة الناس إلى هوياتهم ما قبل الدولة الوطنية، فهل يتيح لنا هذا الظرف طرح هذا الموضوع! وهل سنحصد نتائج إيجابية أم العكس؟
  • الفهم الصحيح للدين الإسلامي يساعد في تشريع قانون مدني للأحوال الشخصية، وليس في ذلك أي إساءة إلى الدين، على ما يدّعي معظم رجال الدين وكثير من المتدينين، لأن الدين الإسلامي أقر للمرأة بكامل الأهلية، وبالمساواة مع الرجل في التكليف وفي الثواب وفي العقاب، وفي كل ما أنزله رب العالمين على الناس، وبالتالي لا شيء يمنع من سنّ قانون مدني يساوي بين الرجل والمرأة.

نختم تقريرنا بالإشارة إلى أنّ هذه الحوارات تنطلق من حقيقة أن مختلف الجماعات والتوجهات والتيارات السورية موجودة وستبقى في الواقع السوري، والكلّ على سفينة واحدة، ويواجهون مصيرًا واحدًا، ومن مصلحة الجميع العملُ على تقريب وجهات النظر فيما بينهم، والبحث عن المشتركات، وإدارة خلافاتهم بالآليات الديمقراطية، واجتراح معالجات مبتكرة لها تراعي مصالح الجميع دون تمييز، إذا أرادوا دولة وطنية حديثة قادرة على دخول العصر.

فريق إدارة برنامج الحوار – المرحلة الثالثة

(حسب التسلسل الأبجدي، مع حفظ الألقاب)

= من مركز حرمون: بسام يوسف، نادر جبلي.

= مستقلون متطوعون: بدر الدين عرودكي، حمزة رستناوي، ريمون معلولي، سعاد خبية، علاء الدين زيات، عيسى إبراهيم.

المشاركون في الحوار

(حسب التسلسل الأبجدي، مع حفظ الألقاب)

[1] المشاركة في الحوار لا تعني أن المشارك موافق على كلّ ما جاء في هذا التقرير.

[2] يمكن تمييز ثلاثة مستويات من الأحكام في مواد الدستور: أحكام تقريرية وهي غالبًا أحكام واضحة مثل المدة الزمنية لرئاسة الجمهورية؛ أحكام توجيهية مثل ضمان حرية المرأة؛ مقدمات هوياتية. وإنّ ذكر بعض العبارات في المقدمات الهوياتية قد يكون ضروريًا ولا يترتب عنه تبعات قانونية، على عكس الأحكام التقريرية أو التوجيهية.

  تصفح الموضوع   تحميل الموضوع

المصدر: مركز حرمون للدراسات المعاصرة

تعليق واحد

  1. قراءة وتحليل وحوارات حول العلاقة بين الدين والدولة في سورية الجديدة، من خلال تقييم الإنتماء والتوجه الفكري للمتحاورين، نرى بانها وجهات نظر لا تعبر عن رؤية الشريحة العظمى لشعبنا، هل الزواج المدني أو من خلال الكنيسة أوالقاضي الشرعي مشكلة شعبنا بسورية الجديدة؟ !

زر الذهاب إلى الأعلى