كانت الاتفاقيات التي وقّعت بين إيران والنظام السوري يوم الأربعاء 8 تموز الجاري، أحد أبرز الردود الإيرانية على الضغوط الأميركية، وعلى مساعي إخراج إيران من سوريا.
مصير واحد حتى إيران
ووفق هذه الاتفاقية تعمل إيران على تعزيز دفاعاتها الجوية في الأراضي السورية. وهذا للإيحاء بأن طهران قادرة على استهداف الطائرات التي تغير على مواقعها ومواقع حلفائها. والرسالة الأبلغ تفيد أن إيران لن تتجاوب مع أي اتفاقات دولية تهدف إلى تحجيم نفوذها في سوريا، ولن تستسلم للضغوط.
وما يسري على سوريا يسري على لبنان، الذي أصبح مرتبطاً عضوياً بالأزمة السورية، وخصوصاً من الناحية العسكرية مستقبلاً. وهذا ما تشير إليه الفيديوهات التي نشرها حزب الله، وحدد فيها أهدافاً لضربها في إسرائيل.
بالتزامن مع الاتفاقية، كان قادة في الحرس الثوري الإيراني وحزب الله يعقدون اجتماعات عسكرية في سورية، للبحث في إمكان الردّ على الضربات الإسرائيلية، إنطلاقاً من سوريا. لكن شرط ألا تؤدي الردود إلى نشوب حرب مفتوحة. لذا، لا بد من دراسة تداعياتها، بعد عدد من الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مصانع في الداخل الإيراني.
حافة الهاوية اللبنانية
لكن أسلوب حافة الهاوية هذا، لم يعد عسكرياً وسياسياً فقط، بل غدا اقتصادياً ومعيشياً وثقافياً. وتلك جملة واضحة قيلت على مسامع قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي، أثناء لقائه مع أحد المسؤولين اللبنانيين البارزين، الذي توجه إليه بالقول: “كل هذه الضغوط التي تقومون بها، ستكون نتيجتها عكسية، وسترمون لبنان في مكان آخر ومختلف كلياً”.
التصعيد الإيراني في سوريا، سيقابله تصعيد في لبنان وفي المنطقة كلها. وهذا التصعيد سيزيد التوتر والخطر، اللذين تحاول دول عدة استباقهما ولجمهما في زيارات ولقاءات كثيرة.
فرنسا والبطريرك
فوزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان يستعد لزيارة لبنان، للبحث عن كيفية تخفيف منسوب التوتر، وكيفية خروج لبنان من هذه الأزمة، بعد فشل الحكومة في إنجاز أي تقدّم على صعيد الإصلاحات.
يأتي التحرك الفرنسي بعد صرختين أطلقهما البطريرك الماروني بشارة الراعي والمطران الياس عودة حول وجوب تحييد لبنان عن صراعات المنطقة، وإعلان حياده. وتكشف مصادر متابعة أن هذه الصرخات ما كانت لتطلق، لولا المخاوف الحقيقية من احتمال انعكاس تداعيات أي تصعيد في المنطقة على الواقع اللبناني.
وفي هذا السياق، حظي تصريحا الراعي وعودة، بتجاوب لبناني وديبلوماسي عربي، تجلى في اللقاءات التي عقدها الراعي مع مسؤولين لبنانيين، وسفراء كان آخرهم الرئيس سعد الحريري. فاتُفق على الخطوط العريضة حول وجوب حماية النموذج اللبناني، وعدم دفعه نحو الشرق وإسقاطه، لا سيما على الصعيد الاقتصادي.
سباق أميركي إيراني
التصعيد الإيراني قابله تصعيد أميركي: تصريحات وزير الخارجية مايك بومبيو ضد حزب الله، وزيارة قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي، كينيث فرانكلين ماكنزي، الذي حضر إلى بيروت ليقول إن لبنان لن يكون من حصة إيران، وإن الوجود الأميركي فيه ثابت. وهذا فيما كان بومبيو يعلن أن بلاده لن تسمح بسقوط لبنان في القبضة الإيرانية.
القائد العسكري الأميركي شدد على وجوب دعم الجيش اللبناني شريكاً أساسياً للولايات المتحدة الأميركية. وبحث في كيفية دعمه للحفاظ على قوته في مواجهة الأزمات التي تعصف بلبنان. وركز على ضرورة ضبط الحدود ووقف عمليات التهريب وإغلاق المعابر.
نتائج عراقية في لبنان؟
في لبنان ثمة من يقرأ نتائج التصعيد والضغط الأميركيين عكسياً، معتبراً أنهما سيكونان مخالفين للتوقعات، على غرار ما حصل بعد اجتياح العراق عام 2003.
فالولايات المتحدة الأميركية أسقطت نظام صدام حسين، فيما تمكنت إيران من فرض سيطرتها على العراق، وعلى مفاصل القرار والسلطة التنفيذية والعسكرية والأمنية فيه. أما أميركا فراحت تعمل طوال سنوات على استعادة التوازن مع الإيرانيين في العراق.
لذا هناك خشية حقيقية من أن تتكرر النتائج العراقية إياها في لبنان. وهذا ما قاله حسن نصر الله في إطلالته الأخيرة: زيادة الضغط والعقوبات الأميركية، ستقوي الحزب وتضعف خصومه.
المصدر: المدن