كذبة إسرائيل عن “الدروع البشرية”

كيتلين جونستون*       ترجمة: علاء الدين أبو زينة

ليست إسرائيل “مجبرة” على قتل الأطفال الفلسطينيين، إنها تفعل ذلك عن علم واختيار.

*   *   *

‏كان أحد جوانب الكشف الأخير عن نظام الذكاء الاصطناعي “لافندر” الذي يستخدمه الجيش الإسرائيلي لتحديد الأهداف الفلسطينية والذي لا يحظى بالاهتمام الكافي، هو حقيقة أنه مدمر تمامًا للرواية القائلة بأن إسرائيل تقتل الكثير من المدنيين في غزة لأن “حماس” تستخدم المدنيين “دروعًا بشرية”.‏

إذا فاتتك هذه القصة، فقد كشف ‏‏تقرير مهم نشرته “مجلة 972+”‏‏ أن إسرائيل تستخدم نظامًا يعمل بالذكاء الاصطناعي يسمى “لافندر”، يقوم بتجميع قوائم قتل للأشخاص المشتبه بأنهم أعضاء في “حماس و”الجهاد الإسلامي في فلسطين” والتي يتم تنفيذها من دون أي تحقق بشري. ‏

‏ويتعقب أحد الأنظمة الآلية، المسمى بطريقة سيكوباتية، “أين بابا”؟ هؤلاء المشتبه بهم إلى منازلهم حتى يمكن قتلهم مع عائلاتهم بأكملها. وقد دأب الجيش الإسرائيلي عن عمد على قتل 15 إلى 20 مدنيًا في وقت واحد من أجل قتل أحد صغار نشطاء “حماس”، وما يصل إلى 100 مدني كل مرة لقتل مسؤول كبير في الحركة. ‏

في التقرير المذكور، كتب يوفال أبراهام في “مجلة 972+” ما يلي:‏

‏”علاوة على ذلك، هاجم الجيش الإسرائيلي الأفراد المستهدفين بصورة منهجية أثناء وجودهم في منازلهم -عادة في الليل أثناء وجود أسرهم بأكملها- وليس أثناء انخراطهم في النشاط العسكري. ووفقًا للمصادر، كان السبب في ذلك، من وجهة نظر استخباراتية، هو أن من الأسهل تحديد مكان الأفراد في منازلهم الخاصة. كما تم استخدام أنظمة آلية إضافية، بما في ذلك نظام يسمى “أين بابا”؟ يتم الكشف عنه هنا لأول مرة، خصيصًا لتعقب الأفراد المستهدفين وتنفيذ القصف عندما يدخلون مساكن أسرهم”.‏

‏(‏‏كشف تقرير آخر أعده أبراهام أيضًا ونُشر في “مجلة 942+”‏‏ في تشرين الثاني (نوفمبر) أن أنظمة الذكاء الاصطناعي التابعة للجيش الإسرائيلي تضمن أن يكون الجيش الإسرائيلي على دراية كاملة بكل طفل سيقتله في كل غارة جوية، وأنه يستهدف عمدًا البنية التحتية المدنية كمسألة سياسة).‏

عندما سألته “مجلة 942+” عن هذه الأنظمة، أجاب الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي:‏

‏”تضع حماس عناصرها وأصولها العسكرية في قلب السكان المدنيين، وتستخدم السكان المدنيين بشكل منهجي كدروع بشرية، وتدير القتال من داخل الهياكل المدنية، بما في ذلك المواقع الحساسة مثل المستشفيات والمساجد والمدارس ومرافق الأمم المتحدة. الجيش الإسرائيلي ملزم بالقانون الدولي ويتصرف وفقًا له، ويوجه هجماته فقط إلى الأهداف العسكرية والعناصر العسكرية”.‏

‏تصر رواية “الدروع البشرية” التي أصبحت شائعة جدًا في تبريرات إسرائيل لاستهداف المدنيين على أن السبب في قيام الجيش الإسرائيلي بقتل الكثير من المدنيين في هجماته على غزة هو أن “حماس” تحيط نفسها عمدًا بغير المقاتلين كإستراتيجية لجعل الإسرائيليين الأبرياء يترددون في إسقاط القنابل عليهم. ‏

ولكن كما لاحظ ريان ‏‏غريم من موقع “ذي إنترسبت‏‏” مؤخرًا في تغريدة له ‏‏على منصة “إكس”‏‏، فإن هذا يدحضه الكشف عن أن إسرائيل تنتظر عمدًا استهداف أعضاء “حماس” المشتبه بهم ‏‏عندما تعلم أنهم سيكونون محاطين بالمدنيين‏‏.‏

‏وغرد غريم: “إن حجة إسرائيل بأنهم يقتلون الكثير من المدنيين لأن “حماس” تستخدم “دروعًا بشرية” يمزقها الكشف عن أن الجيش الإسرائيلي يفضل مهاجمة “أهدافه” عندما يكونون في منازلهم مع عائلاتهم. ليس الأمر أن “حماس” تستخدم دروعًا بشرية، بل إنها إسرائيل هي التي تصطاد العائلات عمدًا”.‏

ويضيف غريم: “إن الدرع البشري هو درع فقط إذا كان عدوك يقدر الحياة البشرية ويسعى إلى تقليل الوفيات بين المدنيين. لكن إسرائيل تتعمد زيادة عدد المدنيين الذين يمكن أن تقتلهم إلى أقصى حد من خلال الانتظار حتى يكون الهدف مع عائلته بأكملها. إن الفلسطينيين ليسوا دروعًا بالنسبة لإسرائيل؛ إنهم كلهم أهداف”.‏

‏وهذه نقطة بالغة الأهمية. يقدم المدافعون عن فلسطين، ‏‏مثل آبي مارتن،‏‏ ‏‏منذ سنوات حججًا مقنعة ضد ادعاءات إسرائيل بشأن “الدروع البشرية”، ويُظهر الحس السليم أن وجود المدنيين ليس رادعًا للغارات الجوية الإسرائيلية، ولكن بسبب هذه الاكتشافات التي نشرتها “مجلة 972″، تم الآن فضح الكذبة بشكل شامل لا يمكن دحضه. ‏

إن المدنيين الفلسطينيين لا يُقتلون لأن “حماس” تختبئ خلفهم. المدنيون يقتلون لأن الجيش الإسرائيلي ‏‏ينتظر حتى يكون أعضاء حماس المشتبه بهم حول وبين المدنيين‏‏ ليستهدفهم بمتفجرات عسكرية بالغة القوة.‏

‏يقول اقتباس شائع منسوب إلى رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة، غولدا مائير: “في يوم من الأيام قد نتمكن من مسامحة العرب على قتل أطفالنا، لكننا لن نسامحهم أبدًا على جعلنا نقتل أطفالهم”.‏

‏إنك ترى هذا الاقتباس ينبثق ويطفو على السطح كل الوقت بتكرارات مختلفة، يروجه المدافعون عن إسرائيل في جميع أنحاء العالم باستحسان كما لو أنه شيء حكيم ورائع بدلاً من كونه دفاعًا مروعًا عن قتل الأطفال. ولكن، اتضح أن هذا الاقتباس المنحرف أخلاقيًا ليس صحيحًا حتى من خلال أكثر التفسيرات سخاء. إن إسرائيل لا تجد نفسها “مجبرة” على قتل الأطفال الفلسطينيين؛ إنها ‏‏تختار قتلهم عن علم‏‏.‏ وليست رواية “الدروع البشرية” سوى مثال آخر على تظاهر إسرائيل بأنها الضحية بينما هي المعتدية في واقع الأمر.

لقد ‏‏كذب الإسرائيليون بشأن قطع رؤوس الأطفال‏‏ حتى يتمكنوا من الإفلات ب‏‏قتلهم الأطفال‏‏. و‏‏كذبوا بشأن عمليات الاغتصاب الجماعي‏‏ حتى يتمكنوا من الإفلات من العقاب على ‏‏ارتكاب جريمة  الاغتصاب‏‏. ‏‏وقد كذبوا بشأن استخدام “حماس” للمدنيين كدروع بشرية حتى يتمكنوا من قتل المدنيين. ‏

‏وهم يكذبون بشأن كونهم الضحايا حتى يتمكنوا من جعل الآخرين ضحايا.‏

*كيتلين جونستون Caitlin Johnstone: صحفية أسترالية مستقلة ومدونة ومعلقة سياسية معروفة بتحليلها النقدي لوسائل الإعلام الرئيسية والسياسة الخارجية الأميركية. تكتب على موقعها الإلكتروني الخاص وتُنشر كتاباتها في وسائل الإعلام المختلفة.

*نشر هذا المقال تحت عنوان: Israel’s ‘Human Shields’ Lie

المصدر: الغد الأردنية/(كونسورتيوم نيوز)

 

قد لا يعبر هذا المقال بالضرورة عن رأي الموقع

تعليق واحد

  1. إجرام قوات الإحتلال الصهيوني بحربهم المتوحشة القذرة على شعبنا بفلسطين.غزة تنكشف كل يوم، ‏‏إن تقرير “مجلة 972+”‏‏ بأن إسرائيل تستخدم نظامًا يعمل بالذكاء الاصطناعي “لافندر”، يقوم بتحديد أعضاء “حماس و”الجهاد الإسلامي بفلسطين” ويتم تنفيذ تصفيتهم بعد ملاحقتهم وحتى بوجود عوائلهم بدون تدقيق بشري يؤكد كذبة الدروع البشرية،

زر الذهاب إلى الأعلى