اللجوء يحرّك حلفاء “الأسد” في لبنان ومعارضة أوروبية للتطبيع

صهيب جوهر

دفع ملف اللجوء السوري في لبنان وامتداداته باتجاه دول أوروبا المتوسطية العديد من الأطراف لخلق مسارات جديدة لاحتواء الأزمة ومنع موجات الهجرة المنظمة باتجاه ما يعتبر خط الدفاع الأول عن أوروبا أي قبرص واليونان وإيطاليا.

من هذا المنطلق تزور رئيسة المفوضية الأوروبيّة ​أورسولا فون دير لاين،​ بيروت، غداً الخميس، برفقة الرئيس القبرصي ​نيكوس خريستودوليدس​، الذي يزور بيروت للمرة الثانية في أقل من شهر، وسيعقدان اجتماعاً في السراي الحكومي يترأسه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، كما ستشمل الزيارة لقاء مع رئيس البرلمان نبيه بري.

وليس من باب المصادفة ما كشفه موقع تلفزيون سوريا، منذ أسبوعين، عن اندفاعة لبنانية لحث الغرب للتطبيع مع الأسد ونظامه، ما يعني أن لبنان الذي شكّل ملف الثورة السورية واللجوء عاملا خلافيا على مدى سنوات طويلة، يدخل اليوم مرحلة جديدة من مسار العلاقات مع النظام.

ورغم كل المحاولات التي سعى” حزب الله” وحلفاؤه خلال عهد ميشال عون الرئاسي لتسويقها لعودة التطبيع، عبر زيارات أجراها مسؤولون ووزراء ونواب، وتشكيل لجان مختصة للعمل على إعادة اللاجئين برئاسة المدير السابق للأمن العام عباس إبراهيم وفشلت بسبب تعنت النظام ورفضه تقديم ضمانات أمنية فعلية للعائدين.

وعلى الرغم من أن ما يقوله المسؤولون في السر (تعنت النظام) عكس ما يقال في (الحصار والعقوبات الغربية)، لكن الحقيقة الفعلية أن اللجنة المتابعة للملف على المستوى الحكومي باتت تتحدث عن تهرب النظام السوري من إعادة اللاجئين، لأنّه يريد استخدام مسألة عودتهم في سياق البحث عن إعادة تعويم نفسه، دولياً وعربياً، وإعادة تطبيع العلاقات الأميركية والأوروبية معه.

خروج من المقاومة أم بحث عن تطبيع؟

وكان لافتاً أن النظام السوري لم يحرك ساكناً منذ اندلاع معركة “طوفان الأقصى”، تحت عنوان أن النظام يعيش تبعات موقفه من القضية الفلسطينية، وهذا المسار تُرجم بالزيارات التي أجراها رئيس المخابرات حسام لوقا أو رئيس الأمن القومي كفاح ملحم إلى لبنان للقاء الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أو مسؤولين في حركة الجهاد الإسلامي للطلب منهم عدم استخدام الأرض السورية في المعركة والاستفادة من تصاعد العلاقة بين النظام ودول خليجية على رأسها الإمارات، والتي تلعب دوراً في تقريب المسافات بين الأسد ودول عربية وغربية.

وبحسب مصادر سياسية لبنانية رفيعة فإنّ النظام يوحي في أروقة الجامعة العربية ولجانها أنه قرر التمايز عن الموقف الإيراني وسيعمل على تخفيف الحضور الإيراني والعمل على إعادة التموضع والحضور للوجود الإيراني في مختلف المناطق السورية والطلب بسحب الميليشيات غير النظامية من مداخل المدن.

وتشير المعلومات أن الدبلوماسيين التابعين لوزارة خارجية النظام السوري يشدّدون في كل لقاءاتهم أنهم لم يعودوا جزءا مباشرا من محور الممانعة، وأن النظام لا يتوافق مع المنطلقات الفكرية لحركة حماس وأنه ملتزم بمبدأ فصل الساحات بدليل أن سوريا لم تنخرط في المعركة.

من هذا المنطلق أتى موقف رئيس حكومة لبنان نجيب ميقاتي في حديثه مع المسؤولين الفرنسيين بضرورة فتح العلاقة مع الأسد ونظامه، وتؤكّد المعلومات أن ميقاتي سيؤكّد على هذا المبدأ خلال كل لقاءاته الغربية في المرحلة المقبلة، وسيستفيد من تدخل بايدن في منع قانون حظر التطبيع للحديث مع الأميركيين أن ملف اللاجئين بات ملفاً ضاغطاً على لبنان ويحتاج تنسيقا دوليا مع بشار الأسد.

ويؤكّد المصدر السياسي اللبناني أن رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وخلال استقباله وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، منذ أيام، طالبه بري بأهمية أن تغيّر فرنسا وبريطانيا وألمانيا مواقفها تجاه النظام السوري وإعادة التنسيق معها واستعادة العلاقات في سبيل مساعدة لبنان لمعالجة ملف اللاجئين، والذي تنظر إليه أوروبا كخطر داهم عليها.

وأنه سيسلّم المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين في زيارته المقبلة تقرير مفصل عن خطورة الملف السوري على لبنان والضغط لفتح قناة تواصل مع النظام لإنشاء مناطق آمنة برعاية أممية لإعادتهم إلى بلادهم على اعتبار أن الجزء الأكبر من اللجوء هو لجوء اقتصادي وليس سياسيا، بسبب المساعدات المقدمة من المنظمات الدولية في لبنان ولا يجري تقديمها في سوريا بسبب العقوبات.

“زيارة مخابراتية مشتركة” إلى دمشق

في إطار متصل أشارت مصادر دبلوماسية أوروبية لـ موقع تلفزيون سوريا، أنّ رئيس النظام السوري بشار الأسد سيلتقي رئيس جهاز الاستخبارات الرومانية إدوارد هلفيغ، ونظيره القبرصي تاسوس تزيونيس في دمشق للتباحث في مقترحات مشتركة حول الملف العاجل والرئيسي وهو ملف اللجوء والهجرة باتجاه أوروبا، والاتفاق على خطوات مشتركة لمكافحة الهجرة وإيجاد حلول عملياتية لأصل الأزمة.

وبحسب المعلومات، فإنّ بشار الأسد سيقدم إلى الوفود جملة مقترحات متعلقة بإعادة تعويمه سياسياً واستقباله في عواصم أوروبية ومشاركة النظام في مؤتمرات أممية تناقش قضايا الحرب واللاجئين والتحديات المشتركة.

ويعتبر المصدر أنه إذا حصل ذلك فإنّ “الأسد سيستطيع تحقيق نقاط بسياسة الابتزاز التي يمارسها مع حلفائه في لبنان، ما يشير إلى فوز مبدأ (الإفلات من العقاب على الجرائم)، وهذا الأمر سيرخي بثقله على كل مناحي الحياة السياسية والأمنية في المنطقة وسيكرس وقائع جديدة في العالم”.

في المقابل، يؤكّد المصدر أنّ أحزاب أوروبية ليبرالية ستلتقي مطلع شهر حزيران المقبل في بروكسل لتدارس ملفات المنطقة، ومن أبرزها الملف السوري وشعور هذه الأحزاب أن هناك حالة تساهل موصوفة مع النظام عبر الاتصالات الحاصلة مع بشار الأسد، تارة من الإدارة الأميركية عبر سلطنة عمان، وتارة أخرى من فرنسا عبر الإمارات، وليس انتهاءً بتلويح إيطاليا واليونان وقبرص ورومانيا بإعادة العلاقة مع النظام السوري.

وبحسب المصدر، فإنّ السقف الموضوع من القوى الأوروبية الرافضة لتعويم “الأسد” هو تطبيق القرار الدولي 2254، والذي يفتح الباب نحو تغيير سياسي في سوريا، ومحاكمة كل المتورطين بالجرائم التي مورست بحق الشعب السوري، منذ العام 2011 إلى اليوم.

المصدر: موقع تلفزيون سوريا

 

قد لا يعبر رأي المقال عن رؤية الموقع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى