أثار كلام رئيس وفد حركة “حماس” المفاوض لوقف الحرب وتبادل الأسرى خليل الحية، موجة من التساؤلات حيال طبيعة الخطاب المستجدّ للحركة، ولا سيما ما نقل عنه بأن الحركة مستعدة للتخلي عن السلاح وفق شروط معينة.
وبحسب المعلومات، أن الكلام الذي تناقلته وسائل إعلام عالمية، دفع بدول صديقة لحركة “حماس” للاستفسار عن حقيقة ما نقل وطبيعة الموقف.
ونسبت وكالة “أسوشيتد برس” إلى الحية قوله إن “حماس” “مستعدة لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إنشاء دولة فلسطينية مستقلة على حدود العام 1967”.
وأضاف أن الحركة ستقبل بدولة فلسطينية ذات سيادة كاملة في الضفة الغربية وقطاع غزة وعودة اللاجئين الفلسطينيين وفقاً للقرارات الدولية على حدود إسرائيل ما قبل عام 1967.
“تحريف أو سوء صياغة”
مصادر قيادية في “حماس” أشارت لـ”النهار العربي” إلى أنه جرى “تحريف أو سوء صياغة بالترجمة لكلام القيادي خليل الحيّة، وخصوصاً ما يتعلق بالسلاح”.
ويقول مسؤول في الحركة طلب عدم ذكر اسمه، إن مسألة السلاح بالنسبة للحركة مرتبطة بـ”قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة لها جيشها ومطارها ونقاطها الحدودية تضمن عودة اللاجئين، وعندها لن يكون ثمة ضرورة لأن يحتقظ أي فصيل بسلاحه، الذي سيكون جزءاً من جيش الدولة الفلسطينية”.
وعند الوصول الى هذه المرحلة، يضيف القياديّ، من الطبيعي أن تتحول “حماس” إلى حزب سياسيّ كأي تنظيم في العالم.
حلّ الدولتين
وفي ردّ عن سؤال عما إذا كانت “حماس” تقبل بحلّ الدولتين، أجاب المصدر عينه أن “الحركة لم تقل إنها مع حلّ الدولتين، لكنها مستعدة للقبول مبديئاً كمرحلة أولى بقيام دولة فلسطينية على أراضي 67، شرط أن تكون كاملة السيادة غير منزوعة السلاح”، بالإضافة الى وجود مطار أو ممر برّي يصل الضفة بالقطاع.
مقابل ذلك، سيكون ثمة هدنة طويلة تمتد لسنوات قد تصل إلى عشر. ويقول القيادي في الحركة المقيم في بيروت، إن التمسّك بهذه الشروط مردّه الى أن مبادرة السلام العربية القائمة على حلّ الدولتين لا تزال موجودة على طاولة الجامعة العربية منذ أكثر من عشرين عاماً، ولم تحقق شيئاً بسبب الرفض الإسرائيلي لها ولحلّ الدولتين.
وبالنسبة لـ”حماس” لا يُمكن لها أن تعترف بإسرائيل على أراضي 48، ولن “تُقدِم على إلقاء السلاح”، لأن “العدوّ يطالب بدولة منزوعة السلاح وتحت السيادة الإسرائيلية والتنازل عن حقّ العودة”. ويضيف المصدر “أن اتفاق أوسلو لم يجلب السلام والاستقرار للفلسطينيين، ولم يمنع الاستيطان، بل على العكس زادت المستوطنات في الضفة، وبات هناك 750 حاجزاً إسرائيلياً مع ما يرافق ذلك من اقتحامات”.
ويتابع أن إسرائيل “رفضت الالتزام بالاتفاق” ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحارب حلّ الدولتين، ومن ثم الولايات المتحدة تستخدم حقّ النقض (الفيتو) في مجلس الأمن رفضاً لقيام دولة فلسطينية، “ومن يرفع يده للفيتو لا يمكنه مدّها لمساعدة الفلسطينيين، فالطرف الأميركيّ يمارس النفاق السياسي. والحقّ لا يُستجدى ولا يُعطى، بل يُنتزع”. ويختم في هذا السياق بالتأكيد على أن “الجانب الإسرائيليّ سيُرغَم على الانسحاب والخضوع لشروط المقاومة”.
أربع أوراق للوسطاء
وفي خصوص المفاوضات الجارية حالياً، أشار القياديّ في حديثه لـ”النهار العربي” إلى أن الحركة قدمت أربع أوراق للوسطاء تتعلق بالأسرى والانسحاب الإسرائيلي وعودة الفلسطينيين إلى شمال قطاع غزة. لكنّ الرفض كان يأتي دائماً من الجانب الإسرائيلي على الرغم من المرونة التي أبداها الفريق الفلسطيني المفاوض.
وأضاف أن مسؤولين أميركيين أعلنوا صراحة وأمام وسائل الإعلام العالمية، أن الورقة الثالثة فيها نقاط تتماهى مع اتفاقية باريس، في وقت ذكرت “القناة 12” الإسرائيلية نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين أن نتنياهو هو من يعرقل المفاوضات.
واستطرد بالإشارة الى أن الوسطاء يدركون أن رئيس نتنياهو يريد أن “يطوّع المفاوضات لأسباب سياسية خاصة به”.
ويُبدي القيادي في “حماس” ثقته بأن إسرائيل ستكون مرغمة على الاستجابة لشروط الحركة، مذكّراً بالمفاوضات التي استمرت طوال خمس سنوات بشأن الجندي جلعاد شاليط. وبعدما كان الجانب الإسرائيلي يطرح تبادل شاليط مقابل أسير فلسطيني واحد، انتهى الأمر بالافراج عن 1027 أسيراً فلسطينياً من بينهم قائد الحركة في القطاع يحيى السنوار.
وبناء على هذه التجربة، مع ما يشهده العالم اليوم من تحركات داعمة للقضية الفلسطينية، آخرها في الجامعات الأميركية وتحركات جمعيات يهودية رفضاً لما يرتكب في غزة وللدعم الأميركي لإسرائيل، يقول المصدر نفسه، إن “نتنياهو مأزوم في الداخل أيضاً ومع إيران ومع حزب الله… والإسرائيلي نفَسه طويل لكن المقاومة نفَسها أطول”.
معركة رفح
وعن معركة رفح، يرى أن نتنياهو يستحضر هذه المعركة من باب “الضغط على البيئة الحاضنة للمقاومة، وهو سابقاً كان يقول أن عليه الدخول الى خان يونس ليحقق الانتصار… لكنه خرج منها مهزوماً، وبعد أربعة أشهر من المعارك لم يستطع الدخول الى قلب خان يونس”.
ويتابع في هذا الإطار، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يريد تكرار التجربة ذاتها في رفح، “لكن إذا فرضت علينا المعركة، لن نرفع الراية البيضاء، ولدينا أوراق لم نستخدمها بعد، رفح ستكون مقبرة له”.
وبرأي القيادي عينه، فإن نتنياهو يماطل بالدخول الى رفح لأن هذه المعركة ستكون “سيفاً ذا حدّين، من جهة لن تكون نزهة بل معركة قاسية. ومن جهة ثانية إذا دخل ولم يحرر الأسرى ولم يقض على المقاومة، كيف سيكون موقفه أمام حكومته والداخل الإسرائيلي؟”.
ويشدّد المسؤول في “حماس” على أن نتنياهو يعلم ذلك، وخصوصاً مع عودة القتال إلى شمال القطاع، وسط ظاهرة “أذهلت العدوّ، وأثبتت أن الفلسطينيّ متمسك بأرضه ويحب الحياة من خلال وجوده على شاطئ دير البلح للاستجمام، وزحمة المتسوقين في جباليا”. ويختم في هذا الشأن بالقول: “لن نكرر نكبة 48، هذه قضيتنا. ورأينا كيف كانت تفرض علينا الشروط خارج أرضنا، أمّا هنا فنحن من يفرضها”.
وكان ختام كلامه مع “النهار العربي” عن تهجير سكان غزة باتجاه سيناء، فأكد أن الجانب المصري “لن يسمح بدخول سيناء، ويرفض أن يقوم العدوّ بالسيطرة على خط فيلادلفيا الممتد على طول 14 كلم”، والأمر مرتبط باتفاقية كامب ديفيد. ويرى كذلك أن كل ما يحكى عن إنشاء مخيمات أو غيرها هو كلام لم تسمع به “حماس” سوى من وسائل الإعلام. وينهي حديثه بالتأكيد مجدداً أن “العدوّ يريد شيئاً، وطالما المقاومة جاهزة وحاضرة لن يحقق مراده”.
المصدر: النهار العربي
التلاعب بالصياغة والترجمة لمسؤولين بالمقاومة الوطنية الفلسطينية أصبحت شغل أنظمة الردة، عند قيام الدولة الوطنية الفلسطينية بحدود قبل حزيران 1967 عاصمتها القدس كاملة السيادة لها جيشها وحكومتها، لن يبقى مبرر لوجود سلاح خارج الجيش الوطني، وهذا موقف صحيح وطبيعي، ولكن هل هناك من سيحققها؟ لماذا لم تطبق إتفاقية أوسلو؟.