صدر هذا اليوم (25/3/2024) قرار مجلس الأمن (2728) الذي “يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في شهر رمضان تحترمه جميع الأطراف بما يؤدي إلى وقف دائم ومستدام لإطلاق النار”. القرار شاركت في تقديمه وتبنيه جميع الدول العشر غير دائمة العضوية في مجلس الأمن وأيدته أربع من الدول دائمة العضوية، ولم تستخدم الدولة الخامسة (الولايات المتحدة) الفيتو ضده ووافقت على صدوره بتصويتها بالامتناع.
مندوب الكيان الصهيوني في مجلس الأمن وصف القرار بأنه يقلب الحقائق وأنه مثير للاشمئزاز، ونتنياهو غضب على سادته في واشنطن لإنهم لم يستخدموا الفيتو ضد القرار، ومن غير المتوقع أن ينفذ الكيان الصهيوني القرار.
القرار يطلب الوقف الفوري، ولنشدد على كلمة الفوري، لإطلاق النار ، أي انه واجب التنفيذ فور صدوره، وبدءاً من يوم غد إذا لم يوقف الكيان الصهيوني عدوانه فإنه يصبح منتهكاً للقرار وعلى مجلس الأمن، بموجب ميثاق الأمم المتحدة، النظر في اتخاذ ما يلزم من الإجراءات القسرية ضد الكيان الصهيوني بموجب الفصل السابع من الميثاق.
ورغم أن من غير المتوقع أن يذهب المجلس الى إخضاع الكيان الصهيوني الى إجراءات الفصل السابع ، حيث سيكون الفيتو الأمريكي وربما البريطاني والفرنسي أيضاً حاضراً، إلا أن القرار 2728 فتح الباب للدول أن تتخذ إجراءات وطنية لتنفيذ هذا القرار، والمادة (25) من الميثاق تقول “يتعهد أعضاء الأمم المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفق هذا الميثاق”، أي ان قرارات المجلس ملزمة ليس للدولة التي صدرت القرارات ضدها، بل هي ملزمة لجميع الدول.
وإن أقل ما هو مطلوب من الدول العربية التي لا زالت تحتفظ بعلاقات دبلوماسية واقتصادية وثقافية مع الكيان الصهيوني أن تبادر بدءاً من يوم غد الى قطع هذه العلاقات امتثالا لقرار الشرعية الدولية ، علماً بأن قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني احتراماً للشرعية الدولية لن يضعها بصورة المتمردة على “أصدقائها” الغربيين ، بعد أن وافقت أمريكا ضمناً على القرار وايدته بريطانيا وفرنسا وسويسرا وسلوفينيا ومالطا واليابان وكوريا.
إن القرار 2728 أعطى فرصة ذهبية للدول العربية التي تقيم علاقات سياسية واقتصادية مع الكيان الصهيوني أن تنهي هذه العلاقات ابتداءً من يوم غد، وأن تنضم الى جنوب افريقيا بوليفيا وكولومبيا وتشيلي التي سبق وأن سحبت سفرائها أو جمدت علاقاتها مع الكيان الصهيوني، والى بعض الدول الأوروبية التي فرضت حظرا اقتصاديا على بعض منتجات الكيان الصهيوني.
أما إذا اعتمدت هذه الدول العربية على حسابات الربح والخسارة السياسية والاقتصادية قصيرة النظر في هذه الدنيا الفانية، وأصرّت على مواصلة العلاقات الودية والأخوّة الابراهيمية مع كيان يعتبر العرب “حيوانات بشرية”، وينتهك مقدساتهم ويمارس ضدهم حرب إبادة، وينتهك قرارات الشرعية الدولية وآخرها القرار 2728، فإنها ستجازف بمصداقيتها أمام شعوبها، بل ربما بوجودها كأنظمة أيضا، وأحد الكتاب اليهود المنصفين ، وهو السيد انتوني لوينشتاين، توقع أن يحدث “ربيع عربي جديد ” في الدول العربية المطبعة مع الكيان الصهيوني إذا لم تغير مواقفها.
وبالمناسبة فإن إغراءات الكيان الصهيوني وامريكا وضغوطها على الدول العربية من أجل التطبيع لا تهدف الى أن يكون التطبيع مفتاح تعاون اقتصادي ورفاهية للجميع، بل هدفها عزل وإنهاء القضية الفلسطينية. ولمّا غيَر طوفان الأقصى المعادلة جذريا وأصبحت القضية الفلسطينية وقيام الدولة الفلسطينية مطلبا دوليا، لذا فلن تكون الصهيونية العالمية، هي ذاتها، معنية كثيرا بالتطبيع مع الدول العربية.
وأقول أخيراً ، لقد نقلت تضحيات شعب غزة ، العالم من مرحلة الغفوة والاستغفال الى مرحلة الوعي وكشف الخديعة الكبرى التي يروج لها منذ أكثر من قرن والمتمثلة بادعاء الصهاينة أنهم ضحايا بينما هم مستعمرون عنصريون فاقت جرائمهم جرائم النازية والفاشية، وإن هذا الوعي الشعبي الدولي متصاعد وجعل الصهيونية منبوذة عالميا، وهو يبشر بإقامة نظام دولي جديد مبني على العدل والانصاف وحق الشعوب في تقرير المصير ، فلا تبخسوا تضحيات شعب فلسطين من أجل الحق ومن أجل الإنسانية.
والله المستعان – بغداد في 25/3/2024
بعد صدور قرار مجلس الأمن (2728) الذي “يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في شهر رمضان تحترمه جميع الأطراف بما يؤدي إلى وقف دائم ومستدام لإطلاق النار”. القرار تبنته جميع الدول العشر غير دائمة العضوية في مجلس الأمن وأيدته أربع من الدول دائمة العضوية، ولم تستخدم الدولة الخامسة (الولايات المتحدة) الفيتو ضده ووافقت على صدوره بتصويتها بالامتناع، والكيان الصهيوني لم ولن ينفذه، نداء للدول العربية المطبعة مع هذا الكيان لقطع علاقاتها معه لحين تنفيذها له، فهل هي فاعلة؟.