بلغت نسبة المشاركة في انتخابات مجلسي الشورى والخبراء في إيران 41 في المئة، بحسب الأرقام الرسمية، وهي الأدنى منذ قيام “الجمهورية الإسلامية” في إيران عام 1979. وفي ظل غياب أي مراقبين أجانب أو تغطية إعلامية مستقلة، يصعب التحقّق من دقّة البيانات الرسمية.
ومع ذلك، أتت نسبة الإقبال أدنى من الـ42.57 في المئة التي سُجّلت في انتخابات مجلس الشورى عام 2020 في ظل تفشي وباء كوفيد-19.
ولو تمّ التسليم جدلاً بصحة النسبة التي أعلنت عنها السلطات، فإنّ ذلك يمثل ضربة أخرى لشرعية النظام، بعد تلك التي تلقّاها عبر التظاهرات الشعبية الواسعة التي انطلقت في أنحاء البلاد عقب وفاة الشابة الكردية مهسا أميني (22 عاماً) خلال احتجازها من قِبل شرطة الأخلاق بتهمة عدم وضعها الحجاب على الرأس بشكل مناسب في أيلول (سبتمبر) 2022، وفق ما تتطلّبه قوانين “الجمهورية الإسلامية”.
ويبلغ عدد الناخبين المسجّلين في إيران 60 مليوناً. وفي بلد يعتبر أنّ الاقبال على الاقتراع هو مقياس لصحة مبادئ الثورة، فإنّ التحدّي كان في حمل 30.9 مليون رجل من الناخبين المسجّلين و30.2 مليون امرأة على الإدلاء بأصواتهم.
لكن مشاعر الاستياء الشعبي لا تزال في تصاعد، منذ قمع التظاهرات التي خرجت تنديداً بظروف وفاة مهسا أميني، والتي أسفرت عن مقتل مئات المحتجين على أيدي رجال الشرطة وميليشيات “الباسيج”، واعتقال الآلاف وإعدام عدد منهم بعد محاكمات صورية بذريعة التهجم على قوات الأمن.
ولا يمكن الاستهانة بمشاعر اليأس والإحباط التي تسود الشارع الإيراني حيال سلوك النظام. هذا عدا عن الأوضاع المعيشية المزرية لشرائح واسعة من الإيرانيين، بسبب استمرار العقوبات الأميركية على خلفية البرنامج النووي الإيراني وإصرار طهران على مد نفوذها في دول المنطقة.
وكلما خرج الإيرانيون للتعبير عن غضبهم حيال الأوضاع التي يعيشونها، واجهتهم الحكومة بالقمع الدامي أو بالاعتقالات. وهكذا كان مصير انتفاضات عدة في السنوات الأخيرة، اندلعت بعد قرارات برفع الدعم عن سلع أساسية أو تعبيراً عن سوء الإدارة والفساد وكبت الحرّيات.
ومنعت السلطات الإيرانية مثلاً الناشطة الإيرانية المسجونة نرجس محمدي، والحائزة على جائزة نوبل للسلام، من حضور جنازة والدها الذي توفي الأسبوع الماضي. وحُكم على نرجس بالسجن 12 عاماً بتهمة “نشر الدعاية ضدّ الجمهورية الإسلامية”.
وأمام مزيج من مقاطعة المواطنين وعدم لامبالاتهم من جهة، وأمام حرمان مجلس صيانة الدستور مرشحين كثيرين من أهلية الترشح للانتخابات، فإنّ الطريق بات ممهداً للمحافظين كي يسيطروا على مجلسي الشورى والخبراء، بعدما كانوا سيطروا على الرئاسة بانتخاب إبراهيم رئيسي رئيساً عام 2021.
وفي المرحلة المقبلة، تبرز أسئلة عدة بينها، هل سيدب الخلاف في صفوف المحافظين عندما يحين استحقاق البحث عن خليفة للمرشد آية الله علي خامنئي؟ ثم ما هي الكيفية التي سيتعامل بها المحافظون مع التوترات الإقليمية والدولية التي تحوط بإيران، خصوصاً في ضوء حرب غزة وجبهات “المساندة” في لبنان واليمن والعراق؟
لا بدّ أنّ النظام لم يعد في إمكانه تجاهل الرسالة التي تلقّاها عبر النسبة القياسية من التدني في الإقبال على الاقتراع. وإذا ما أُضيفت إلى ذلك الأوضاع الاقتصادية الضاغطة، والمشهد المتغيّر في التوازنات الإقليمية، فإنّ النظام يجد نفسه أمام مسار من عدم اليقين.
هل يحمله ذلك إلى تقديم تنازلات على جبهة من جبهات التحدّي التي يواجهها؟
من غير المستبعد الإقدام على ذلك، إذا أجرى النظام قراءة سليمة للمشهدين المحلي والخارجي، وإلاّ سيكون محكوماً بتعميق مأزقه.
وبعدما تسنّى للمحافظين الإمساك بكل مفاصل النظام، ستزداد سهام النقد الموجّهة إليهم.
المصدر: النهار العربي
الانتخابات الايرانية الأخيرة وإن صحت الأرقام الرسمية كانت نسبة المشاركة 41% وهي اقل نسبة منذ تولي الملالي السلطة، مما يجعل شرعية النظام امام تحدي كبير، مقاطعة من معظم المكونات الغير فارسية الى جانب العديد من المثقفين لأنها إنتخابات لا تعبر عن إردة الشعب فإلى أين يسير نظام الملالي ؟