بين توقعات النجاح وخيبات الفشل، تجري الحياة وتمضي الأيام. تصطدم أحلام البشر ورغباتهم وتتحطم إرادتهم أمام مجريات الحياة وتقديرات الخالق عز وجل. هنا وهناك وفي كل زمان ومكان، يتردد صدى كلامِ الله “سبحانه وتعالى” للملائكة “إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ” .
قد نستعرض في لحظات التقاط أنفاسنا المتعبة من الجري خلف أحلامنا شريط الأحداث، فنرى عجزنا جلياً حتى في أعظم لحظات نجاحاتنا العابرة. إنها تقديرات الخالق سبحانه التي أعجزت سائر الخلق في تفسيرها وكشف تداخلاتها وتحليل دينامياتها.
تَوَالَتْ مشاهد انتصار الطغاة وطحن المظلومين وكثرت لحظات استعلاء القتلة والمجرمين مردفة بتكبر شياطين الأنس والجن يقابلها مشاهد عجز المؤمنين وضعفهم وانكسار شوكتهم! نرى بالعين المجردة فشل الثائرين الظاهر وانتصار الكفار الموهوم، لكن كل ما سبق لا تجد له تفسيراً إلا قوله تعالى “إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ”.
في الحياة الظاهرة التي عشناها ونعيشها وسوف نعيشها هناك ورقة أسئلة ندور حولها بلا توقف، وورقة أخرى نكتب عليها ونسجل فيها أجوبتنا في كل لحظة. في كل فعل وردة فعل وفي كل قرار نتخذه، نكاد لا نجد تطابقاً ولو بسيطاً, كلما جلسنا مع أنفسنا بصدق في محاولة للمقاربة بينهما ، ربما لأننا والبشرية جمعاء نادراً ما نجحنا في الوقوف عند تلك الحقيقة إلا ربما هؤلاء الذين وصفهم الخالق جل في علاه ب (ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ) .
فالبشرية عموماً فشلت حتى بأعظم فلاسفتها، أن تجد المطابقة الكاملة لا لشيء إلا لأننا بحق كائنات مخلوقة ضعيفة عاجزة ،تستمد قوتها من خالقها، وليس من كينونتها الذاتية ولو ان ما يسمى بالحضارة والمدنية الحديثة حاولت اقناعنا بالعكس!
إقرارنا بالعجز تعودنا ان نسميه بالفشل والهزيمة! وفرحتنا بالنجاحات العابرة نسميه خطًأً بالنصر! ذلك لأن أجوبتنا دائماً لا تتطابق مع الأسئلة المطروحة أمامنا في كل لحظة، واسئلتنا التي لا تتوقف -حتى في أشد حالات جمودنا العقلي – لا نكاد نجد لها أجوبة في تصرفاتنا وتصرفات البشرية من حولنا لا في الماضي ولا الحاضر، وعلى الأغلب في المستقبل.
كلنا ننتظر تلك اللحظة التي سينكشف فيها الغطاء ليصبح بصرنا حديد. ذلك الحديد الذي لا تكفيه حرارة كل ما في الارض لو جُمِّعَت ليتشكل؛ لذلك أنزله الخالق من السماء.
إقرارنا بالعجز تعودنا ان نسميه بالفشل والهزيمة، وفرحتنا بالنجاحات العابرة نسميه خطًأً بالنصر، وتَوَالَتْ مشاهد انتصار الطغاة وطحن المظلومين وكثرت لحظات استعلاء القتلة والمجرمين لنرى بالعين المجردة فشل الثائرين الظاهر وانتصار الكفار الموهوم، ليكون كلامِ الله “سبحانه وتعالى” للملائكة “إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ”.