لم أصدق الخبر الذي قرأته في عدد كبير من الصحف والمواقع الفلسطينية، فالسلطة الفلسطينية لم ترسل رواتب موظفيها الموجودين في قطاع غزة منذ أكثر من ثلاثة شهور، ومن هنا سوف أبدا موضوعي فمنذ الأحداث في قطاع غزة والسلطة الفلسطينية لم تقدم شيء من الناحية الإغاثية لشعبها المحروم من كل شيء.
أننا أمام كارثة إنسانية مخيفة، وتقارير منظمات الأمم المتحدة المتواجدة في قطاع غزة مفزعة، إنني أدرك أن هناك صراع دامي بين السلطة الفلسطينية والفصائل الموجودة في قطاع غزة، لكن ما ذنب أكثر من مليوني إنسان وأغلبهم من الأطفال والنساء أن يحرموا من أبسط مستلزمات الحياة وأن يعاقبوا جماعيا.
كنت دائما وأبدا أدعو لبقاء السلطة الفلسطينية رغم “موتها السريري” بسبب المحسوبية والفساد الموجود في كل مفاصلها، لكني الآن أقولها بكل صراحة أن بقاءها وعدمه واحد بسبب ما تفعله، فمجازر تحدث في كل المدن الفلسطينية وحالة من الغليان الشعبي الواسع، وأجد مسؤول رفيع في السلطة الفلسطينية يتباهى أمام حشد من موظفيه بـ “التنسيق الأمني” في هذه الظروف التعيسة.
الأيام القادمة سوف نجد مزيد من الانهيار الأخلاقي والانبطاح من قبل رموز السلطة، لأن كل رموزها يتسابقون إلى إرضاء اعدائنا بشتى السبل، خصوصا أن هناك أحاديث متداولة من داخل الكيان نفسه عن محاولات للإطاحة برئيس السلطة “محمود عباس”.
من رحم المعاناة والألم سوف يفرز هذا الشعب قادة جدد له ، وهؤلاء القادة سوف يمسكون زمام الأمور ويسحبون البساط من سلطتهم الفاشلة بقوة الإرادة الشعبية التي تملكها من قلب الشارع الفلسطيني الثائر ، والسلطة سوف تبقى في عالمها الخاص محاصرة داخل “رام الله” تحاول إرضاء هذا وذاك غير مبالية بما يمر بها شعبها المهم بقاءها على رأس السلطة حتى لو كانت سلطة فاقدة للشرعية والمصداقية عند السواد الأعظم من مكونات الشعب، فمنذ الأحداث لم نجد أحد يتصل بالسلطة أو يستشيرها سوى في لقاءات شكلية و تافهة لا قيمة تذكر لها ، بينما “القوة الضاربة الفلسطينية” مندوبيها كل العالم يتابع ما يقومون به لأن الشعب ملتف حولهم ويؤيدهم بما يقومون به ، وأتمنى أن تنجح مفاوضاتهم وتصل المساعدات المختلفة إلى قطاع غزة بأسرع وقت ممكن ، لأن هناك مخاوف كثيرة من حدوث مجاعة بسبب نقص الغذاء ،وكذلك ارتفاع في عدد الوفيات بسبب انعدام الخدمات الطبية داخل المستشفيات .
لماذا هذا الموقف من السلطة الفلسطينية ؟ لماذا لم تقدم شيء من الناحية الإغاثية لشعبها بغزة المحروم من كل شيء؟ هل هو عقاب للسلطة المتمردة “حماس والجهاد” ؟ أم عقاب جماعي لشعبنا بغزة؟ السلطة تبقى في عالمها الخاص محاصرة داخل “رام الله” تحاول إرضاء هذا وذاك وغير مبالية بما يمر به شعبها، المهم بقاءها على رأس السلطة كباقي الأنظمة .