التنوير العبثي

منجد الباشا

في الندوة التي اجراها اخيرا منتدى الحوار المدني مشكوراً والتي قدمها الاستاذ احمد الرمح…تحت عنوان..دور الايديولوجيا في حرب غزة..(رؤية نقدية)..

كان لابد لنا من وقفة.. تضئ على ما تم تقديمه من افكار تنويرية لفريق تنويري كما يريد الاستاذ احمد الرمح ان يقدم نفسه…خاصة ونحن نزعم اننا لازلنا نعيش مفاعيل الثورة السورية العظيمة وعناصر صراعاتها المتعددة التي لاتغيب عن اي متابع منا…

توشك الثورة السورية ان تدخل عامها الثالث عشر ولازال فريق من النخبويين وهم هنا (التنويريون منهم) الذين من المفترض انهم كانوا من صناع محطات الثورة وانتاج مندرجات مسارها والعمل على ادارة صراعاتها في مواجهة التحديات التي ظهرت امامها..  مشاركة منهم في الدفع بها نحو الانتصار …الا انهم آثروا الانكفاء والهزيمة امام جحافل ادوات الثورة المضادة المعروفة وخاصة الفريق الاسلاموي منها…وهذا ماعبر عنه الاستاذ احمد الرمح في سياق سرديته حين قال انه غادر ساحة العمل الثوري عندما لم يتم الاصغاء الى افكاره التي تقول لا للعمل المسلح ولا للدعم المالي الخارجي….

 وهنا موطن اضاءتنا هذه…حيث يقر المنتدي بغلبة الثورة المضادة ويقر بالتالي ان ثورته التي انطلقت …كادت ان تدك حصن النظام العميل من خلال مظاهراتها المليونية…لولا اعصار الدور الخارجي الذي ينبغي التوقف عنده مليا …

وهنا يبرز السؤال المهم…لماذا لا يعترف المنتدي النخبوي التنويري بهزيمته…ولماذا لا يعيد النظر بمواقع ومحطات ممارساته ونشاطاته الثورية  التي كادت ان تحقق اهدافها….

هل كان لديه شك..بان الانتصار كاد ان يفرض نفسه …الم تملأ الملايين من ابناء هذا الشعب بمختلف تكويناته ومختلف مستويات فئاته وشرائحه الثقافية والدينية والطائفية والمذهبية والاثنية…..شوارع اكثر المدن السورية ان لم نقل جميعها

لا يمكن لاي منا الا ان يقول نعم….

اذن…هنا لابد من الاقرار ..والاعلان ان الهزيمة التي لحقت بالثورة لم تكن هزيمة شعبنا وبناه الثقافية والفكرية  او التوضعات الطائفية او الدينية التي تكتنف كيانيته….انما كانت هزيمة النخب نفسها…

وهنا ايضا …نذكر بان ما يقاربه الاستاذ احمد الرمح وما يقدمه  من نقد مبرر  للايديولوجيا الاسلاموية . والسائد منها… تحت عنوان افضلية وقدسية حياة الانسان دون اي شيئ اخر بمافيه مفهوم الوطنية والوطن وماتستجلبه من دمار وخراب وسفك للدماء البريئة  …وهي الايديولوجية التي شكلت احد اذرع الثورة المضادة في الثورة السورية كماهي تفعل اليوم في غزة الشهيدة عن طريق حماس في طوفان الاقصى… انما تم مقاربته في مراحل ماقبل الثورة وعلى مدى اكثر من نصف قرن…..كما تم مقاربة الكثير غيره من البنى الفكرية والثقافية التي تسم الفكر والوعي العربي…

لقد اثبتت الثورة السورية ان شعبنا وبالرغم من ان الكثير من عناوين الموروث الفكري والثقافي والديني الذي يتم اليوم العودة الى مقاربته نقديا كما يقوم به الفريق التنويري الذي ينتمي اليه الاستاذ احمد الرمح  ..صحيح انه لم يتم حسمه او تجاوزه الا انه كان قد تم التفاعل معه والتاثير فيه من خلال ماتم انتاجه من اشكال الوعي الحداثوي والمتقدم  الذي حصل بفعل حركة النهوض والتفاعل الفكري والايديولوجي الذي كان سائدا من خلال الاحزاب والاطر الثقافية المختلفة التي سادت في مراحل ماقبل الثورة… وبالرغم من عدم انجاز  ذلك الحسم  فان ذلك لم يكن عائقا امام انتفاضته وانجاز ثورته….

وعلى ذلك نحن نرى ان العودة الى مثل هذه المقاربات تحت عناوين التنوير بقصد تحميل مسؤولية الهزيمة الى الشعب وبنيته الثقافية انما هو عمل عبثي يبذل جهدا في غير مكانه…وهو عمل يمثل حالة هروب الى الامام…

ولنا ان نزعم اننا عوضا عن هذه المقاربات نحن بحاجة الى الذهاب الى حيث ذهب الدكتور برهان غليون في التركيز على مسؤولية النخب عن (هزيمة الثورة). حيث كان له الحديث المطول عن ذلك في كتابيه عطب الذات وسؤال المصير….

اخيرا…نذكر ايضا …ان الثورة السورية وما قدمه لنا اخيرا مثال غزة الشهيدة من تعرية كاملة لحقائق الناموس العولمي المتوحش ودوره التاريخي  القذر في التحكم في مصائر الشعوب الضعيفة والمستضعفة انما يحتم علينا ان نعتبر ان اي نهج يعتمد او كلمة تقال او فكرة تطرح خارج افكار مقاومة هذا الناموس الاستعماري الحديث انما هو عمل عبثي وهو يصب في غير خدمة الشعب والامة والثورة.

3
3

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. إن إدعاء بعض النخبويين بدورهم التنويري يضع إشارات الاستفهام لهذا الدور ؟ لأن منتجه يصب لصالح منهجية فكر الواقعية السياسية وإن حمل رايات أخرى، أصبح لإنتفاضة أحرار السويداء السلمية الحاملة لأهداف ثورتنا ومطالب شعبنا أكثر من 145 يوماً ولم يتقدم النظام لقمعها دموياً كما تم لحراك شعبنا ببقية المحافظات والمدن ودرعا جارتها، هل كان التدخل الخارجي لصالح الثوار الاحرار أم لصالح النظام ؟ لأنه أصاب ثورتنا بالنكسة .

زر الذهاب إلى الأعلى