عندما قالها الطفل السوري المظلوم والمنكوب والمقهور، أيام التصعيد واشتداد العدوان الأسدي على الشعب السوري المدني(سأُخبر الله بكل شيء)، لم يكن في تلك اللحظة يبوح بسرٍ سوري صرف، ولا بواقع مأساوي عربي بحد ذاته، بل قالها ببراءة ومصداقية اخترقت الآذان، كما اخترقت القلوب، واليوم فإن نفس العبارة وبنفس حجم الألم والقهر وفداحتهما، يقولها الطفل الفلسطيني المنتهك إنسانيًا في غزة هاشم، يقولها لتخترق الآفاق جميعًا، ولتُنتج حالة عربية وإسلامية ودولية، قلما يُنتج التاريخ الحيدث أو القديم مثيلًا لها، ضمن مفاعيل دولية وإقليمية معولمة، تضج بها البشرية، وتتجاوز جوانيتها كل قيم الإنسانية، من حقوق للإنسان وأخلاق مؤنسنة، يبدو أنها قد أضحت في مأزق قيمي حقيقي يطاول في فظاعته ومدى فواته، كل القيم ومدَّعي القيم تلك، الذين مازالوا يتباكون على طيرين من الخفاش في ألمانيا، يتوقف بناء مركز ثقافي هناك، حتى لايتم تهجيرهما من أعشاشهما القديمة، بينما يفعلون أو يوافقون على ما هو أدهى وأمر، عندما يُترك شعب فىسطيني جاوز عديده في قطاع غزة لوحدها المليونين وثلاثمئة ألف نسمة، ويشهد على مقتلتهم العالم كله، وهو في حالة الفرجة المقيتة ، حجم وفجور الإبادة على يد الصهيونية المدعومية غربيًا، التي تقع فوق رؤوس البلاد والعباد في فلسطين كل فلسطين.
نعم ستخبر (غزة الذبيحة) الله سبحانه، بكل شيء، وسوف تقف لتقول له (جل في علاه) أن أمة عربية تعد بمئات الملايين من الناس، ممتدة شاسعة وسع القارات، وأمم كبيرة إسلامية يتجاوز عديدها المليارات، وليس الملايين، لكنها جميعًا كغثاء السيل، ما انفكت ترتاح و تجلس على الأريكة متفرجة على هذه المقتلة والمحرقة والإبادة الطغيانية، وذاك الاستفراد الإسرائيلي الأميركي الطاغوتي بشعب قطاع غزة، الذي حاول أن يقول صبيحة ٧ تشرين أول/ أكتوبر ٢٠٢٣ إننا شعب فلسطيني له حقوقه، فهب العالم الغربي، الذي يسمى (العالم الحر) كذبًا ودجلًا وانبرى النظام العالمي الجديد، ليقدم كل الدعم وكل السلاح الحديث، لتتم على مرأى العالم كله، إبادة أهل غزة، وشعب غزة، المنتفض ضد الجلاد والمحتل. يتحرك (العالم الحر) بكل صلفه وغروره وإمكانياته، نصرة للصهاينة ومشروعهم، ودعمًا لإسرائيل، ولتتم سياقات مفاعيل إجراءات المقتلة تباعًا، وسط صمت غير مبرر، وغير مفهوم، من دول ونظام عربي رسمي آثر السكوت على قول كلمة الحق وهي أضعف الإيمان، أو نجدة أهله وناسه من العرب والمسلمين في غزة وفلسطين المحتلة.
وإذا كان حجم ومستوى الإحراج قد أضحى كبيرًا للنظم الغربية أمام شعوبها، وهي توافق على استمرار القتل والتدمير في قطاع غزة، فقد جعل ذلك بعض هذه الدول يتجرأ ويدعو إلى وقف الحرب والقتل والتدمير ضد أهل غزة . إلا أن معظم الدول العربية ومعها الدول الإسلامية لم تخرج من عنق الزجاجة بعد، ولم تتجرأ على اتخاذ أي موقف جدي يساهم بشكل حقيقي في لجم ووقف العدوان الهمجي على غزة واهلها، ولم يستطع النظام العربي الرسمي بكليته أن يفعل أكثر من قيامه مع وزراء خارجية الأنظمة برحلة (الشتاء والصيف) إلى عواصم صنع القرار العالمي، في محاولة لاستمزاج رأيها ، ليس أكثر، حول إمكانية واحتمالات وقف إطلاق النار وعبر دبلوماسيتها المعهودة، حيث عادت هذه النظم بخفي حنين، وهي التي سبق وأن باعت موقفها السيادي، وقرارها العربي الرسمي للآخر، منذ زمن بعيد، مؤثرة خلاصها الفردي والانشغال بمتاهات أنظمتها ومصالحها البراغماتية البائسة، على أن تشتبك سياسيًا قبل أن يكون عسكريًا أو اقتصاديًا بقضايا الأمة أو الشعوب العربية، التي لايبدو أنها تهمها كثيرًا، حين تركت المشروع الفارسي الإيراني يتغول على المحيط الإقليمي العربي، ويهيمن على أربع عواصم عربية هي صنعاء وبغداد ودمشق ومن ثم بيروت، دون حتى التفكير بصناعة وقيام أي مشروع عربي نهضوي يسهم في مواجهة حقيقية متمكنة وهادفة، لتلك المشاريع الأكثر خطورة في المنطقة العربية من صهيونية أو فارسية .
سيُخبر أطفال غزة الشهداء تحت القصف الإسرائيلي ربهم جل شأنه، عن كل هذا التخلي والخذلان، وكل هذا الانزياح العربي والإسلامي لصالح الأعداء الصهاينة وترك الشعب الأعزل في فلسطين يلاقي بصدره كل أنواع السلاح الغربي الحديث، حرقًا وقتلًا وإبادة، حيث لم يعرف التاريخ مثلها أبدًا، لافي العصور الحديثة ولا القديمة.
وسوف يدرك النظام العربي الرسمي عاجلًا أو آجلًا، وهو المنشغل كليًا بترهاته ومصالحه وبؤسه، يومًا ما، أنه كل يوم قد أُكل يوم أُكل الثور الأبيض في غزة وفلسطين، وقبل ذلك في الجغرافيا السورية، التي مازالت هي الأخرى تعيش حالات القصف والعدوان الأسدي الإيراني الروسي، وهي أيضًا تلاقي كل حالات وأنواع القصف والقتل، على يد الروس والإيرانيين والأسديين والمليشيات الطائفية، التي استجلبها معه الطغيان الإيراني الاحتلالي، عندما قرر المجييء إلى سورية من أجل حماية النظام الطاغوتي الفاشيستي السوري، يمنع سقوطه مع الشريك الروسي الذي كان قد أضحى قاب قوسين أو أدنى من الانهيار والكنس إلى مزابل التاريخ. إن نظام المقتلة الأسدية مازال وبشكل يومي وبالتزامن مع المقتلة الصهيونية ضد أهل غزة، يمارس القتل والمحرقة ضد أهل إدلب والشمال السوري بمجموعه، ويُترك هذا النظام المجرم ومعه إيران وروسيا أيضًا يفعل مايحلو له، وينجز هذا الخراب الكبير والتدمير الممنهج ضد أهل الشمال السوري بقضهم وقضيضهم، وهم أصحاب الدولة الفاشلة التي أوصلوا الوطن إليها، وهم من مايزالون يصدرون الكبتاغون إلى الدول المجاورة، وكل دول الخليج والعالم، ومع ذلك يتم التعامل معهم وكأنهم لم يفعلوا شيئًا، وتتم إعادتهم عبر نظام الممانعة والمخاتلة إلى الجامعة العربية، ثم يعاد بناء السفارات للنظام الأسدي ومعه، وترميمها كي ترضى عن ذلك الدولة الراعية إيران الملالي الطغيانية عدوة العرب والمسلمين.
المصدر: موقع المجلس العسكري السوري
إن الواقع المأساوي للأنظمة العربية والموقف الدولي والإقليمي التي جعلت الطفل السوري المظلوم والمنكوب والمقهور أيام التصعيد واشتداد عدوان نظام الأسد على شعبنا السوري المدني يقول (سأُخبر الله بكل شيء) قالها ببراءة ومصداقية اخترقت الآذان، كما اخترقت القلوب، واليوم فإن نفس العبارة وبنفس حجم الألم والقهر وفداحتهما بالنسبة لشعبنا في فلسطين.غزة والحرب المتوحشة ضده ، لماذا هذا الخذلان والانزياح للبعض لصالح الأعداء الصhاينة.