مع تهاوي التبادل التجاري.. الخلافات تعصف بـ”غرفة التجارة السورية – الإيرانية”

ضياء قدور

في الوقت الذي تنتظر فيه حكومة إبراهيم رئيسي رؤية مستقبل تنفيذي واعد لخريطتها الاقتصادية، التي رسمتها من خلال عشرات الاتفاقات الاقتصادية الأخيرة مع حكومة النظام السوري منذ شهر أيار الماضي، وبالتزامن مع زيارات أخيرة متبادلة لكبار المسؤولين الحكوميين والاقتصاديين بين الجانبين، لا يبدو أن الرياح تسير كما تشتهي النوايا المعلنة بأنها جادة وحثيثة.

على صفحة أحدث الأخبار وبالخط العريض، ينشر الموقع الرسمي لـ”غرفة التجارة الإيرانية السورية المشتركة”، يوم الثلاثاء، خبراً بعنوان استقالة حسن شمشادي من منصبه كأمين عام للغرفة المذكورة.

ويشير البيان إلى أن شمشادي قدم استقالته منذ 5 كانون الأول الجاري، ويعرض بعض القضايا المثيرة للجدل، والتي لا تتوافق كالعادة مع الخط الإعلامي الرسمي للحكومة الإيرانية.

ويذكر نص البيان أن شمشادي قدم استقالته بسبب بعض “المشكلات الإدارية”، مؤكداً أنه حاول بـ”أمانة” على مدار اثنين وعشرين شهراً إنجاز المهام والواجبات الموكلة إليه، رغم كل “المشكلات والنواقص والمعاملات غير المناسبة” أحياناً، حتى لو كانت بجزء بسيط، دون أن يقدم مزيدا من التوضيحات حول ماهيتها.

وعبر شمشادي في البيان عن أنه يشعر بالخجل من “مجلس إدارة غرفة التجارة الإيرانية السورية المحترمة وأعضاء هذه الغرفة الكرام ونشطاء القطاع الخاص المهتمين بالمشاركة في السوق السورية والشهداء الذين يدافعون عن الحرم في سوريا”، بحسب وصفه.

وطلب شمشادي في نهاية البيان “المغفرة” من كل هؤلاء على إهماله أو تقصيريه المحتمل، مؤكداً أنه بذل كل الجهود الحثيثة على هذا الدرب، في إشارة مبطنة لعدم جدوى الجهود الاقتصادية الإيرانية في سوريا.

وكان مجلس إدارة غرفة التجارة الإيرانية السورية المشتركة قد انتخب حسن شمشادي أميناً عاماً للغرفة على الجانب الإيراني في 7 من شباط 2022، وتولى هذه المسؤولية لمدة 22 شهراً تقريباً.

اقرأ أيضاً

من هو حسن شمشادي؟

“مراسل الحرب” أو “مراسل الأزمات” أو “المراسل الحربي” مع سلاحه الوحيد “الكامير والمايكروفون”، جميعها صفات كانت ملازمة لحسن شمشادي – أو هذا ما كان يحب شمشادي أن يوصف به – خلال السنوات القليلة الماضية في العراق وسوريا، قبل أن يتربع على منصب الأمين العام لـ”الغرفة التجارية السورية الإيرانية المشتركة” مع كثير من الجدل حول المؤهلات والقدرات التي جعلته قادراً على تنفيذ مثل هذه القفزة النوعية من الإعلام إلى الاقتصاد دفعة واحدة.

لكن المثير للاستغراب أكثر هو أنه، وبحسب تصريحات سابقة لشمشادي نفسه على موقع “مشرق نيوز”، لم يتلق ساعة تدريبية واحدة في مجال الصحافة، وأن جميع خبراته في هذا المجال كانت خبرات عملية بدءًا من عمله الأول كمراسل وصحفي “بطريقة ما” في التلفزيون الرسمي في محافظة لورستان عام 1996، وانتهاءً كمراسل وحدة الأخبار المركزية بدمشق.

ويوصف شمشادي في الأوساط الإيرانية المعارضة بأنه “الصحفي – المحقق” الذي عمل هو والعديد من زملائه من مراسلي وصحفيي التلفزيون الرسمي الإيراني على انتزاع اعترافات قسرية من السجناء السياسيين الإيرانيين، كما انتشرت له صور عديدة مع كبار ضباط وقادة الحرس الثوري داخل غرف العمليات وعلى خطوط التماس في مختلف المناطق السورية خلال السنوات الماضية.

التعامل مع الاقتصاد كسبق صحفي

الجذير بالذكر أن غرفة التجارة الإيرانية السورية المشتركة بقيت بدون أمين عام منذ وفاة أمينها السابق أصغر ميرزائي في آب 2021 قبل أن يعين شمشادي في هذا المنصب في شباط 2022.

ورغم أن نشاطات هذه الغرفة – كما يظهر موقعها الإعلامي على الأقل – يمكن أن توصف بالمحدودة، إلا أن تصريحات أمينها الجديد كانت ناقدة ومثيرة للجدل وربما الإحراج في مجملها.

وفي أعقاب زيارة رئيسي الأخيرة إلى سوريا في أيار الماضي، والدعايات الحكومية الإيرانية الضخمة لتصويرها على أنها نجاح للدبلوماسية الاقتصادية، قال حسن شمشادي، في مقابلة مع موقع “نود اقتصادي” الإيراني: “طلبنا من منظمة الملاحة تقديم دعم لخط الشحن إلى سوريا، لكنهم لم يلتفتوا إلى مطالبنا”، مضيفاً: “لسوء الحظ لا يوجد خط ملاحي منتظم بين إيران وسوريا”.

وحول الأنباء التي انتشرت مؤخراً حول افتتاح بنك إيراني سوري مشترك، أشار شمشادي في آب الماضي إلى أن كل شيء على الورق في الوقت الحالي، موضحاً أنه لا يمكن الادعاء بتأسيس بنك حتى يجري إنشاء فرع وله عملاء.

ولفت شمشادي إلى أنه منذ تنفيذ هذه المذكرة لم ير أي رجل أعمال بنكاً بعينه يستطيع الوصول إليه وتسجيل الطلبات أو الودائع وسحب الأموال منه، موضحاً أن الموعد الدقيق لافتتاح الفرع الأول غير معروف، وحتى الآن كل شيء على الورق.

ورأى شمشادي أن رجال الأعمال الإيرانيين يتوقعون ألا تنعقد خطة تأسيس البنك المشترك بسبب البيروقراطية، وأن تعدل لوائحها بما يحقق رضا القطاع الخاص في تقديم الخدمات لرجال الأعمال، مؤكداً على أن إمكانية الاستثمار وتغطية المخاطر لهذا الإجراء ليست واضحة بعد، حتى تنشر لائحته التنفيذية رسمياً، وأن العموميات في هذا الخطة واضحة والتفاصيل غير متوفرة.

وفي 10 أيار 2023، حذر حسن شمشادي من تأخر الشركات الإيرانية للدخول في السوق السورية، موضحاً أنه “كلما تأخرنا في دخول السوق السورية،  استفاد منافسونا الإقليميون الذين يستعدون لإقامة علاقات سياسية مع هذا البلد”.

وحول زيارة رئيسي الأخيرة، بيّن شمشادي أنه لم تنشر تفاصيل الوثائق الموقعة بين مسؤولي الحكومتين باستثناء مجالات الاتفاقية وأسمائها، مؤكداً على أنه “لن يكون هناك تأثير إذا قمنا برحلة ووقعنا اتفاقيات، لكن هذه الاتفاقيات لم تنفذ واستمرت المشكلات التي كانت موجودة من قبل”.

وفي العام الماضي أيضاً، كشف شمشادي عن خسائر ضخمة تعرضت لها الشركات الإيرانية في سوريا، وبيع مئات الشركات الإيرانية امتيازاتها في سوريا.

تراجع جديد للصادرات الإيرانية إلى سوريا

بلغت صادرات إيران إلى دول غرب آسيا في الأشهر الستة الأولى من “العام الشمسي الإيراني 1402” (يبدأ في 21 من آذار 2023)، 10 مليارات و346 مليون دولار، وهو ما يدل على نمو ضئيل بنسبة 6 في المئة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، بحسب أحدث تقرير نشرته وكالة “أنباء فارس” الحكومية.

وكان العراق بصفته سوقا تقليديا لإيران هو الوجهة شبه الوحيدة التي استوعبت طفرة الصادرات الإيرانية المحدودة بنسبة 33 في المئة مقارنة بالعام الماضي، في حين شهدت الصادرات الإيرانية إلى سوريا تراجعاً ملحوظاً بنسبة 32 في المئة، ولم تتجاوز الصادرات الإيرانية إلى السعودية حاجز الـ 500 مليون دولار.

ويأمل مسؤولو النظام السوري والإيرانيون خلال تصريحاتهم المختلفة  إيصال معدلات التبادل التجاري إلى أرقام يصفها بعض المحللين الاقتصاديين بالصعبة، والتي تبلغ قيمتها مليار دولار، في الوقت الذي لم تتجاوز الصادرات الإيرانية إلى سوريا العام الماضي حاجز 250 مليون دولار.

وبحسب تقرير سابق لموقع “تلفزيون سوريا” تبلغ الصادرات الإيرانية إلى سوريا قرابة سبعة أضعاف صادرات حكومة النظام إلى إيران.

وفي أحدث تقرير له، نشر موقع “إيكو إيران” تقريراً أكد فيه أن وضع وحدات الإنتاج الصناعي التي أنشأها المستثمرون الإيرانيون في سوريا، خلال السنوات التي سبقت الحرب، خاصة شركات صناعة السيارات، غير واضح بعد الحرب.

وبحسب فهد درويش، “رئيس الغرفة التجارية السورية- الإيرانية المشتركة”، فإن التجارة بين إيران وسوريا كالسهل الممتنع، ولا يمكن رفع الحظر عن واردات السيارات الإيرانية إلى سوريا بمجرد التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين.

المصدر: موقع تلفزيون سوريا

تعليق واحد

  1. عوائق لوجستية بالإضافة الى المادية والعقوبات وعدم الجدية والفساد ظواهر أدت الى تهاوي التبادل التجاري بين سورية ونظام ملالي طهران وليعصف بخلافات بينية بـ ”غرفة التجارة السورية – الإيرانية” وتضع رئيسها الإيراني في موقع المساءلة . ،

زر الذهاب إلى الأعلى