المفكر العربي ومدير عام المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات الدكتور عزمي بشارة في مقابلة تلفزيونية مع قناة العربي
قال المفكر العربي والمدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الدكتور عزمي بشارة، إن الحرب الهمجية والشاملة على شعب بأسره في غزة أمر غير مسبوق، وإن الرفض العلني الدولي لوقف إطلاق النار يعني الموافقة على جريمة حرب طويلة.
وأضاف بشارة، في مقابلة خاصة مع تلفزيون العربي، مساء السبت، أن ما يتحمله أهالي قطاع غزة فوق طاقة البشر، مردفاً: “ننام على خبر قصف مستشفى ونصحو على قصف مدرسة من دون أن نسمع إدانات”، وأن “هذا النوع من الحروب الشاملة على شعب بأسره غير مسبوق وما يتحمله الناس في غزة هو فوق طاقة البشر”.
وأضاف أنّ ما يجري في غزة وضعت له قاعدة غير أخلاقية، مضيفاً أن الأميركان كانوا يطلقون على ضحاياهم تسمية “أضرار جانبية”، لكن الأضرار (في قطاع غزة) مقصودة ووضعت لها قواعد ويجري العمل عليها لمعاقبة السكان وتهجيرهم إلى مناطق محددة في القطاع.
ودان بشارة ما صرح به علانية الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ عن عدم “وجود مدنيين أبرياء في غزة”، ووصف تصريح الأخير بأنه “همجي وبربري”، مؤكّداً أن استهداف المدنيين في قطاع غزة مقصود ومتعمد منذ بداية الحرب.
وأشار بشارة إلى أن الرفض العلني لوقف إطلاق النار يعني الموافقة على جريمة حرب طويلة وممتدة، كما تحدّث عن مبالغة باتصال بايدن بذوي الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، وأن تصرف الرئيس الأميركي يدل على “نفاق” قد يجتمع معه “أسباب سياسية”.
وشدّد المفكر العربي على أنّ هذه الحرب اللاأخلاقية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على القطاع وضع لها قادة الاحتلال قاعدة غير أخلاقية عند وصفهم الفلسطينيين بأنهم “حيوانات بشرية”.
وحول الهجوم البري على غزة، قال بشارة إن الجيش الإسرائيلي يُجري الهجوم البري على مراحل، مشيراً إلى أن الاجتياح دفعة واحدة ربما يكون مصيدة وإن القيام باجتياحات متعددة من دون انسحاب وتقطيع أوصال غزة عبر مد خط باتجاه الشاطئ لقطع غزة إلى شمال وجنوب، هو الأسلوب الذي يجري حالياً.
المقاومة في غزة ستشتد
وأكّد أن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة حقيقية وستشتد، مضيفاً أن صمودها كان متوقعاً، في حين أن إسرائيل تعوض عن فشلها الاستخباراتي بالقصف الهمجي الواسع.
وبشأن الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، ذكر بشارة أن حماس أعلنت أنها مستعدة لإطلاق سراح الجميع مقابل جميع المعتقلين الفلسطينيين في سجون إسرائيل لكن صنّاع القرار في إسرائيل لا يوافقون على ذلك.
وأوضح المفكر العربي أنّ المشكلة لا تكمن في عدد الأشخاص الذين يطلق سراحهم ولا عدد الأسرى الفلسطينيين الذين قد يطلق سراحهم في المقابل، لأن لدى إسرائيل مشكلتين وهما: الهدن والوقود، فهي ترفض تطبيق هدن تتجاوز مدتها 24 ساعة، كما ترفض إدخال الوقود إلى القطاع، وذلك في محاولة لمواصلة الضغط على الشعب في غزة واستمرار العقاب، لأن التضييق على الشعب يضيق على المقاومة عموما ويؤدي إلى الهجرة ومغادرة المكان.
وأكد بشارة أن مصلحة الدول والقوى في المنطقة، تكمن في ألّا تحقق إسرائيل أهدافها من الحرب على غزة. واعتبر أن الشروط الثلاثة لتوقف إسرائيل عدوانها تُختصر بأن يُضرب الإجماع الإسرائيلي حول الحرب، وبأن يختلّ الاتفاق الأميركي ــ الإسرائيلي على هدف العدوان، أي القضاء على حركة حماس، وأن تتخذ البلدان العربية الرئيسية خطوات حقيقية من نوع التهديد الجدي بقطع العلاقات مع إسرائيل.
وأضاف: “إذا أكملت إسرائيل مخططها مع الولايات المتحدة، فإن تعاملها مع الجميع، سيختلف بما فيها مع أردوغان ومع الدول العربية، ويجب أن يفهموا هذا جميعا. في منطق آخر، إذا تم تحقيق مخطط الغطرسة الإسرائيلية فلن يكون لها حدود في علاقتها مع أحد، حتى مع الأردن ومع مصر ومع الجيران جميعا، الجميع لديه مصلحة، ألا تحقق إسرائيل نواياها”.
عزمي بشارة: حزب الله أصبح أكثر لبنانية ولا نية لإيران بدخول الحرب
وأشار المفكر العربي إلى أن دخول حزب الله اللبناني في الحرب لن يغيّر الأوضاع في غزة، وإنما سيقتصر على زيادة الثمن الذي تدفعه الدولة العبرية.
وقال بشارة: “طبعا هذا ربما لم يكن في اعتباراته في الماضي، لكن الآن أصبح في اعتباراته لأن حزب الله أصبح أكثر لبنانية مما كان، والحزب كقوة سياسية تلبّنت أكثر من السابق. قوة سياسية، بمعنى دخلت الحكومة بعد 2006 وأصبحت ضمن موازين القوى اللبنانية، وأنا متأكد أنهم ساهموا بترسيم الحدود مع إسرائيل، يعني ترسيم الحدود لم يحدث بدون موافقته”.
وتابع حديثه: ” حزب الله تصرف ببراغماتية على مستوى المجتمع اللبناني كقوة تريد أن تكون حاكمة ومسيطرة في لبنان”.
أما فيما يتعلق بالموقف الإيراني، فيرى المفكر العربي أن إيران ليس لديها نية لخوض الحرب.
وقال: “أنا أعتقد أن كتائب القسام لم تشاورهم، ولم تشاور حزب الله، ويمكن حتى لم تشاور القيادة السياسية في الخارج، للحفاظ على سرية المعلومات”.
وأضاف: “لإيران مواقف أخرى عدا دعمها لحركات المقاومة، وموقفها الحقيقي من إسرائيل، لكن لديها مواقف في بلدان أخرى في المنطقة العربية لا علاقة لها لا بالمقاومة ولا بفلسطين، وهي مواقف متعلقة بمصالحها الاستراتيجية في المنطقة، يعني مواقفها في اليمن والعراق وسوريا، هي مواقف لها علاقة بأمنها القومي ومصالحها، وهي مستعدة أن تنشئ ميليشيات في دول ذات سيادة، ومستعدة أيضاً أن تراهن على المشاعر الطائفية”.
عزمي بشارة: تضامن السوريين مع غزة محل تقدير ونظام الأسد خارج المعادلة
علّق المفكر العربي والمدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الدكتور عزمي بشارة، على موقف السوريين ونظام بشار الأسد من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المُحاصر.
وقال بشارة في مقابلة خاصة على التلفزيون العربي، مساء السبت، إنّ سوريا في ظل نظام الأسد باتت خارج المعادلة، وأصبحت مرتعا لطائرات الاحتلال الإسرائيلي واحتراقاته.
وأضاف أنّ “سوريا باتت الآن ساحة للميليشيات من كل أرجاء العالم في ظل حكم بشار الأسد، لعدم قدرته على إدارة الأزمة بالإصلاح والتفاهم والمساومات والتنازلات، وإصراره على شنّ حرب شاملة على شعبه بهذا الشكل الذي أصبحت فيه سوريا عبارة عن خراب حقيقي.
الدكتور عزمي بشارة
عزمي بشارة: تضامن السوريين مع غزة محل تقدير ونظام الأسد خارج المعادلة
وعن استمرار النظام السوري في قصف إدلب تزامناً مع استمرار القصف الإسرائيلي على غزّة، أكّد بشارة أنّ “للنظام السوري هموم أُخرى، وأنّ معاركه الحقيقية الهادفة للحفاظ على حكمه هي ضد السوريين في الشمال السوري لا في غزة”.
كذلك أشار المفكر العربي عزمي بشارة إلى أنّ الشعب السوري يدرك تماما أهمية قضية فلسطين لـ بلاد الشام، ويدرك معاناة الفلسطينيين، رغم كل ما عاناه ويعانيه من ظلم (في إشارة إلى القصف والمجازر التي يواصل ارتكابها بحقه نظام الأسد وحلفاؤه، منذ 12 عاما).
وشدّد بشارة على أنّ أهمية قضية فلسطين تأتي من كونها آخر قضية استعمارية في الشرق الأوسط، لذا يُفترض أن توحّد الشعوب والأنظمة العربية، مشيدا بتضامن الشعب السوري مع غزّة، إذ قال: “في الحقيقة أقدّر أنّه في هذه الظروف، فإنّ السوريين متضامنون بهذا الشكل مع أهل غزة”.
المصدر: تلفزيون سوريا