من شأن توقيع اتفاقية دفاع مشترك بين الولايات المتحدة والسعودية أن يقوض أهداف واشنطن الثلاثة الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط، بحسب إميلي فرويد، في تحليل بمجلة “إنترناشونال بوليسي دايجست” (IDP) الأمريكية ترجمه “الخليج الجديد”.
فرويد قالت إنه “في الوقت الذي تغمر فيه الصور الصادمة (للضحايا) من إسرائيل وفلسطين وسائل الإعلام (…)، فإن الأمر يستحق التفكير في نوع آخر من الدمار الجوي الذي أصاب أطفال الشرق الأوسط”.
وتابعت: “فاليمن مثلا يعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم، إذ قُتل أو شوه نحو 20 ألف مدني في حملة القصف المستمرة منذ سنوات بقيادة السعودية، والتي غذتها الأسلحة التي زودتها بها الولايات المتحدة”.
ومنذ أشهر يشهد اليمن تهدئة من حرب اندلعت قبل نحو 9 سنوات بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي بقيادة الجارة السعودية، وقوات الحوثيين، المدعومين من إيران، والمسيطرين على محافظات ومدن بينها العاصمة صنعاء منذ 2014.
وأضافت فرويد أنه “في هذا المشهد المضطرب، تريد الولايات المتحدة أن تكون قوة للسلام الإقليمي، وينبغي لهذا الهدف أن يوجه نهجها في التعامل مع صفقات الأسلحة، وخاصة مع السعودية”.
وأردفت أنه “على مدى 80 عاما، ظلت الولايات المتحدة تعتبر السعودية شريكا استراتيجيا، إلا أن هذه العلاقة تهدد على نحو متزايد الأهداف الأمريكية الرئيسية وهي: الاستقرار في الشرق الأوسط، وأمن الطاقة، وتعزيز الديمقراطية العالمية”.
وزعمت أنه “بعيدا عن التصرف كحليف، خفضت السعودية إنتاج النفط لتمويل الجهود العسكرية الروسية في أوكرانيا، وانتقدت الاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة لتقييد طموحات إيران النووية”.
فرصة للتفكير
“طوال عام 2023، كان الدبلوماسيون الأمريكيون يعملون على إبرام اتفاقية دفاعية (مع السعودية)، من المحتمل أن تقدم ضمانات أمنية متبادلة، مقابل اعتراف السعودية بإسرائيل. وبينما أدى الصراع الحالي (في فلسطين) إلى إخراج هذه المفاوضات عن مسارها مؤقتا، فإن التوقف المؤقت يوفر فرصة للتفكير”، كما أضافت فرويد.
ورأت أن “الوعد بالدفاع عن المملكة في حالة وقوع هجوم، قد يدفعها إلى التصرف بشكل غير متوقع؛ مما يجر الولايات المتحدة إلى مستنقع إقليمي”.
وزادت: “ببساطة، تحصل السعودية بالفعل على فوائد من هذه العلاقة الثنائية أكثر مما تحصل عليه الولايات المتحدة. وبمجرد أن ينقشع ضباب الحرب، فلا ينبغي لأمريكا أن تقدم تنازلات إضافية”.
وقالت إنه “بدلا من ذلك، ينبغي على الولايات المتحدة الاستفادة من هذه الفجوة لإعادة ضبط استراتيجيتها”.
و”يجب على واشنطن أن تربط مبيعات الأسلحة المستقبلية بمراقبة صارمة للاستخدام النهائي، مع الاحتفاظ بالحق في وقف عمليات النقل أو استعادة الأسلحة التي أُسيء استخدامها. وهذا سيضمن أن الأسلحة الأمريكية الصنع لن تسهل تجاوزات السعودية”، كما أردفت فرويد.
أهداف استراتيجية
وتحتاج الولايات المتحدة، بحسب فرويد، إلى “شراكات دفاعية تتماشى مع أهدافها الاستراتيجية. والتخلي عن اتفاقية الدفاع المشترك مع السعودية من شأنه أن يحرر الموارد التي يمكن إعادة توجيهها نحو الإصلاح والتحديث العسكري”.
ورأت أنه “من شأن هذا التركيز المعدل أن يمكّن المملكة من حماية نفسها بشكل أفضل أثناء التعاون في تحقيق الأهداف المشتركة لمكافحة الإرهاب”.
وقالت إنه “في ظل إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن، قطعت السياسة الخارجية الأمريكية خطوات واسعة في تعزيز الديمقراطية، ومكافحة الأنظمة الاستبدادية، ومناصرة حقوق الإنسان. لكن عندما يتعلق الأمر بالسعودية، يوجد تناقض صارخ في أهداف السياسة هذه”.
واعتبرت فرويد أنه “من خلال رفض فكرة اتفاقية الدفاع، فإن الولايات المتحدة تضفي المصداقية على مبادراتها المؤيدة للديمقراطية على مستوى العالم، بما في ذلك أوكرانيا (التي تواجه حربا روسية منذ فبراير/ شباط 2022)”.
ومضت قائلة إنه “من خلال وضع شروط صارمة للتعاون، ستثبت الولايات المتحدة نفسها كشريك ملتزم، ما يسمح لها بمواصلة ردع إيران، ودعم النمو الاقتصادي السعودي، وحماية مصالحها دون الاعتماد فقط على المملكة لتأمينها”.
و”في بيئة تنتهك فيها السعودية القانون الدولي لحقوق الإنسان، وقفت الولايات المتحدة متواطئة ضمنيا. والآن هو الوقت المناسب لتجاوز هذا الوضع المثير للقلق، والإدانة عند الضرورة (للتصرفات السعودية)، والتعاون عندما يكون ذلك ممكنا، مع تمسك دائم بالقيم الأمريكية”، كما ختمت فرويد.
المصدر | إميلي فرويد/ إنترناشيونال بوليسي دايجست – ترجمة وتحرير الخليج الجديد
هل توقيع اتفاقية دفاع مشترك بين الولايات المتحدة والسعودية ستقوض أهداف واشنطن الثلاثة الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط ؟ قراءة وتحليل دقيق لمنعكسات توقيع هكذا اتفاق .