استراحت دولة الكيان الصهيوني بمختلف مؤسساتها. وحكوماتها المتتالية للإجراءات والتجهيزات والتقنيات والأسلحة التي توافرت للكيان حتى باتت تعتبر نفسها محصنة ضد أي هجوم، وضد كل هجوم.
لم يخطر في بال أحد في ذلك الكيان الشاذ، ولا في عواصم العالم الغربي أو الشرقي، ولا في العواصم العربية، أن تستطيع المقاومة القيام بمثل هذه العملية، وقد لا تكون هذه الرؤية نابعة من استهانة بقدرة وشجاعة المقاومة، وإنما من ثقة بقدرة وتنوع وتكامل عناصر القوة التي توفرت للكيان من استخبارات، وتجهيزات للحدود، ووسائط دفاع جوي، وجاهزية قتالية. وأسلحة برية وجوية وبحرية، وقدرة سيبرانية، وتقدير قائم على معرفة متراكمة ومتكاملة للمجتمع الفلسطيني بكل تعقيداته، وتعاون أمني مع السلطة الفلسطينية، ومع المحيط العربي لم يسبق له مثيل.
ومع كل هذا الذي ذكرنا، -وهو جزء مما توفر للإسرائيليين – أمكن للمقاومة أن تقوم بما قامت به، وأن تفتح بإرادتها ووعيها وتخطيطها معركة هائلة مع هذا الكيان استدعت هذا الاستنفار المتوحش للغرب الاستعماري العنصري الغاشم.
وحين قررت واشنطن أن ترسل حاملة الطائرات الأحدث لديها والتي تحمل اسم الرئيس الأمريكي الراحل جيرالد فورد، التي باتت الآن تمخر عباب البحر الأبيض المتوسط، فإنها أرادت أن تظهر أعلى أشكال الدعم لهذا الكيان.
وحينما تتحرك حاملة الطائرات هذه فإن قوة نيران هائلة من البوارج والمدمرات والغواصات، تصحبها حماية لها، واستكمالا لطبيعتها القتالية، واستعدادا لأي طارئ.
ووجود مثل هذه القوة الهائلة كفيل بأن يوفر لها الأمن، إذ ليست بحاجة الى المزيد، وهي المسلحة بمستويات متعددة ومتكاملة من الأسلحة، وتحمل على ظهرها وفي باطنها عشرات الطائرات المقاتلة من أحدث الطرازات وأقواها، وصواريخ محملة بذخائر تقليدية وغير تقليدية، مما يبعث عند القيادة السياسية والعسكرية الأمريكية حالة عالية من الاطمئنان.
السؤال هنا، ماذا لو تم استهداف حاملة الطائرات هذه، أو إحدى القطع البحرية المرافقة لها؟.
هل هذا ممكن؟
الجواب المنطقي أنه في مثل المستوى الراهن من الصراع ليس ممكنا.
لكن مثل هذا الجواب يستند الى قواعد التفكير المنطقية، وإلى إدراكنا لطبيعة هذا الهدف، ولعوامل عديدة عسكرية وعملياتية وسياسية
لكن التفكير “خارج الصندوق”، يعني خارج المألوف، والمعتمد، والمقعد، قد يعطي جوابا مختلفا.
عظمة المقاومة الفلسطينية، وعظمة عملية “طوفان الأقصى” أنها جعلت من الحكمة أن يكون مثل هذا النوع من التفكير حاضرا على طاولة البحث، ليس من أجل درئه، فهو بطبيعته غير ممكن التوقع، وإنما من أجل وضعه في الحساب ليكون قيدا موضوعيا يرشد كل تحرك أهوج قد تغري به عناصر القوة الغاشمة التي تتوفر لهذه القوة العظمى أو تلك، تدفعها للاستهانة بقدرات الشعوب وبإمكانياتها.