راشيل والمقاومة وأميركا..

د- عبد الناصر سكرية

حينما سحقت جرافة صهيونية عظام الصبية الأميركية الناشطة في الدفاع عن حقوق الإنسان الفلسطيني ؛ لأنها فقط اعترضت على هدم منزل عائلة فلسطينية ؛ لم يرد حتى مجرد خبر في الإعلام الأميركي والإعلام الغربي الإستعماري ؛ وحينما داس جندي صهيوني رأس فتى عربي فلسطيني حتى قتله ؛ لم يتحدث أحد من إعلام غرب حقوق الإنسان عن تلك الجريمة…الغرب الاستعماري هو الذي أنشأ دويلة الكيان المصطنع لتخدم أهدافه الخبيثة في حربه الشاملة المستمرة على العروبة والإسلام..لتكون ذراعه في نهضة وتحرر ووحدة العرب وإنكار هويتهم القومية التوحيدية ..سوف نحرر فلسطين آجلا أم عاجلا وستندحر دويلة الكيان بانهيارها من الداخل..هذا درس في علم التاريخ والاجتماع الحضري..وسوف نستعيد فلسطين لأمتها العربية وطنا لكل أبنائها مسلمين ومسيحيين..

إن أية مساعي لخلق دويلة دينية مذهبية في فلسطين ولو على أنقاض دولة الكيان الغاصب ؛ سوف تسقط وتفشل وهذا أيضا درس في التاريخ و الإجتماع الحضري وجغرافيا الأوطان والأمم والصراعات الدينية..أما مجرد التفكير في إلحاق فلسطين المحررة بأي مشروع أو كيان أو هوية غير أمتها العربية ؛ فلن يكون أكثر من محاولة اقتحام فاشلة في مواجهة  تاريخ فلسطين وهويتها وإنتمائها..

المعارك البطولية الراهنة في فلسطين المحتلة مصدر فخر وإعتزاز بهذا الشعب العربي المقاوم البطل المتمسك بأرضه التاريخية والمتمسك أيضا بهويته العربية ومصيره العربي..ولن تفلح كل محاولات فصله عن عروبته وإنتمائه العربي بذريعة التخاذل الرسمي والتواطؤ والتطبيع الأبله الذي لا يدرك درسا واحدا من دروس التاريخ القريب والبعيد.إن كل تنكر للعروبة سوف يؤذي فلسطين وقضيتها..وأي تلاعب بحاجة المقاومة الفلسطينية إلى الدعم لا يخدم إلا أعداء فلسطين وقضيتها..فلسطين ليست للمتاجرة والمساومة والإستغلال..

ما لم تكن القيادة السياسية للمقاومة الفلسطينية واعية مدركة ملتزمة بكل هذه الحقائق التاريخية المصيرية؛ وأولها الأهداف الإستعمارية التي وقفت وراء إنشائها وإغتصاب أرض فلسطين ؛ ولا تزال تقف وراء تبنيها الكامل وإستخدامها لخدمة الأهداف ذاتها : تدمير الأمة والقضاء على كل آمالها في التحرر والتوحد والتقدم.. يخشى أن تستثمر أطراف أخرى ، غير فلسطين ، هذه التضحيات العظيمة التي يقدمها شعب فلسطين العربي ولا أحد سواه..فلا تعطي ما يجب أن تؤدي إليه من نجاحات في دحر الإحتلال ومشروعه التدميري التوسعي لصالح وحدة المصير العربي ؛ وليس لصالح مشاريع توسعية أخرى لا علاقة لها بفلسطين وهويتها وتاريخها…

دروس البطولات القائمة كثيرة ..أولها ضرورة انهزام المشروع الصهيوني أمام إرادة شعب فلسطين الأبي..

كما إصرار أمريكا وكل الغرب الإستعماري على حماية العدوان الذي أقامه ضدنا ولا يزال يتبناه رغم كل حديثه الصاخب عن الديمقراطية الزائفة وحقوق الإنسان الفارغ من أي مضمون إنساني حقيقي..فمن البلاهة المراهنة على دعم أمريكي لأية قضية إنسانية تحررية ؛ أو استغراب إنحياز الإعلام الغربي وفروعه إلى الشعب الفلسطيني أو حتى لمبدأ الدفاع المشروع عن النفس ..أو حتى إلى جانب أي صاحب حق أينما كان..أو التزامه بالحقيقة أينما وجدت فهو إعلام مملوك لأعداء الشعوب وقضاياها التحررية..كذلك حال المراهنة على سلام ممكن مع دولة الكيان .فهي مصدر خطر وجودي على جميع العرب مهما أبدت من ود كاذب مع هذا الطرف أو ذلك..فلن تعطي أحدا إنجازا حقيقيا من أي نوع حتى أؤلئك المطبعين معها ..فهي تعمل لتخريب كل البلاد العربية دون استثناء وهذه تجربة مصر كامب ديفيد وتجربة السلطة الفلسطينية وأوسلو ماثلة لمن لهم عيون ترى وعقول تفكر..

يخطئ من يظن أن قضية فلسطين منفصلة عن كل قضايا الحرية والوطنية والتنمية والبناء الاقتصادي وبناء الإنسان وتحرير الأرض العربية المحتلة كلها..مصير عربي واحد ونبضه الحي المتوهج في فلسطين..أو منفصلة عن قضايا التحرر الإنساني الحقيقي في كل مكان..

كل التحية والإجلال لأبطال فلسطين المقاومين الأحرار ولسوف يكون النصر حليفهم رغم فداحة الأثمان التي يدفعها شعب فلسطين بأجمعه جراء وحشية عدوان بني صهيون ..والشكر والتقدير لكل من يدعم فلسطين لوجه الله وليس لوجه أطماع توسعية أو فئوية أو تقسيمية مذهبية أو عصبيات دينية طائفية..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى