مشروع رؤية سياسية للثورة السورية..   .1.سوريا قبل الثورة : || ثانيا المعارضة السورية :

أحمد العربي

.1. ان البنية السياسية الحزبية حديثه في سوريا. تشكل بعضها في اواخر مرحلة الاستعمار الفرنسي كالحزب الشيوعي والإخوان المسلمين.وبعضها عشية الاستقلال وما يليه. ومن خلال تطور الحالة السياسية السورية بتفاعلاتها مع الواقع والسلطة الحاكمة. فبعضها انشق على نفسه والبعض الآخر توالد وبعضها مات سياسيا وبعضها ولد ضمن المناخ العام..

2.كان اغلب  السياسيين السوريين من منابت فكرية متنوعة فبعضها يريد العودة لبناء دولة الإسلام كالإخوان المسلمين. وكذلك من تأثر بالفكر الماركسي وتجربة الاتحاد السوفييتي كالحزب الشيوعي السوري. ومن تأثر بالفكر القومي الأوروبي الفرنسي والالماني فنشأ حزب البعث وكذلك القوميين السوريين. وكذلك الأحزاب الناصرية التي تشكلت بعد انتهاء الوحدة السورية المصرية وكذلك وجود بعض الرموز الفكرية والسياسية ممثلة بحالات نخبوية. وبقايا مصالح العائلات الرأسمالية والإقطاعية تستند بالعمق الى فكر ليبرالي رأسمالي غربي..

.3. كانت كل هذه الافكار والتحزبات تتحرك على ارضية تشوق الناس للخروج من عصر الاستعمار وتبعيته والتخلف التاريخي والبحث عن التحرر والحرية والعدالة والتقدم. وعين الكل على الأمم المتقدمة لنكون على مثالها…

.4. كان مناخ السياسة في سوريا عشية الاستقلال متداخلا بين القوى الداخلية والدول الاستعمارية التي تركت المنطقة حديثا. وعلينا التركيز على دور الاستقطاب الدولي بين معسكر اشتراكي ورأسمالي. وكذلك وجود (اسرائيل) على ارض فلسطين وما خلق من جرح وطني وقومي.. الذي دفع الدول حديثة الاستقلال ان تخوض اول معركة ضد إسرائيل في 1948 .وتكشف هشاشة بنيتها الوطنية والعسكرية وأنها أمام وجود لمستعمر مدعوم (اسرائيل).سيطبع وجوده على مناحي الحياة في منطقتنا العربية لعقود طويلة ومنها سوريا حتى الآن..

.5. كانت سوريا مسرحا ثلاثة انقلابات عسكرية متتالية. حسني الزعيم و سامي الحناوي و أديب شيشكلي، لها علاقة في ترتيب البيت السياسي السوري. وتدخل القوى الخارجية الغربية. لتصنع دولا عسكرية استبدادية تابعة لها.. لكن العسكر الغير متمكنين والذين لا يحظون بالشرعية الشعبية سرعان ما تواروا من المشهد السياسي السوري، حيث تنازل أديب الشيشكلي عن الحكم ، وعادت الديمقراطية الوليدة. والتي سرعان ما أذعنت للارادة الشعبية والحزبية وسعت للوحدة مع مصر بتجربة فريدة معاصرة .هي موضع مواقف متناقضة مع وضد إلى الآن من كثير من سياسيي سوريا. لكن الوحدة التي حصلت عند اغلب الشعب المعاصرين لها  كانت حلما رائعا تمنت استمراره…

.6.في الوحدة حلّت الأحزاب ودخل بعضها في سجون الوحدة والبعض في بنية دولتها.. وعندما حصل الانفصال بمساعدة الدول المعادية للوحدة. تداعت الأحزاب لتتخذ موقفا. وعجز الانفصال عن تحقيق مصلحة الشعب. قامت القوى العسكرية التي اعتبرت نفسها على خط عبد الناصر وكذلك حزب البعث وخاصة جناحه العسكري (اللجنه العسكريه) (الأسد وجديد وعمران والمير وغيرهم..) على اسقاط الانفصال وعودة الوحدة كشعار معلن. بينما كان البعث يعمل على استثمار مشاعر الناس بضرورة عودة الوحدة ومن ثم بناء سلطته الخاصة مستحوذا على السلطة وهذا ما يتأكد بعد حين..

.7. أُسقط الانفصال بتعاون الضباط البعثيين والناصريين.ومن اول ايام الانقلاب تمت عمليات ازاحة من مواقع عسكرية واعادة ضباط الى الجيش خاصة البعثيين  و تسريح البعض. وهيمن البعث وحاول الناصريين أن يستولوا على الحكم وفشلوا عبر حركة حركة جاسم علوان. واستقرت السلطة للبعث….

.8. بين 1963 حتى 1970 كانت مرحلة صراعات في السلطة البعثية نفسها. اُبعد بعض الضباط. وأسقطت تبعية الحزب للسياسيين عفلق والبيطار. وأصبحت السلطة  للأسد الأب في السبعين بحملة تصفيات داخلية واصبح البعث منذ ذلك التاريخ مجرد اداة بيد السلطة المطلقة للعصبة العائلية الحاكمة ورمزها الاسد الاب..

.9. بعد استلام الاسد السلطة.عمل على الحوار مع الأحزاب السياسية الموجودة في سوريا. ما اُطلق عليها وطنية وقومية واشتراكية. موهما إياهم بأنه يريد مشاركة وطنية في حكم البلد. دخل الحزب الشيوعي وكذلك الاتحاد الاشتراكي الناصري بحوار ما أطلق عليه الجبهة الوطنية التقدمية.والتي تبين انها مجرد واجهة لهيمنة البعث والأسد على السياسة السورية.عندما أعلن أن حزب البعث قائد الدولة والمجتمع. وانسحب اغلب جسم الأحزاب من الجبهة وبقي فيها بعض القلّة الذين أسسوا الى تبعية مطلقة للنظام وسياساته حتى الآن .مجرد أدوات انتهازية بمكتسبات زهيدة وصاروا عمليا خارج المعادلة الوطنية السورية..

.10. دشن الاسد بشق أحزاب الجبهة مرحلة سياسية جديدة مع الأحزاب المعارضة السورية. فهي اما تابع مع مكتسبات ذات طابع انتهازي. وأما معادي يتم ضربه حسب الحاجة وحسب صالح النظام. وعمل النظام على تجفيف منابع الأحزاب بالاعتقال.ومنع النشاط في الجيش والطلاب لغير البعث .وربط اي عمل او توظيف اوامر له علاقة بالدولة بكون المواطن بعثيا. حصل حملة تبعيث مصلحي يتطور لدور انتهازي وليكون جزء من بنية السلطة السياسية والأمنية…

.11. في تطور لاحق وضمن تفاعلات الداخل والخارج. وتحول السلطة لطبيعتها العصبية الطائفية والدور الخارجي وقمع النظام تحركت الطليعة المقاتلة و جماعة الإخوان المسلمين ضد النظام. والتي عمل الطرفان على تحميلها بعدا طائفيا استفاد منها النظام بسحق الطليعة الجماعة وحاضنتها الشعبية بمجازر ما زالت تتكشف حتى الآن. وامتلأت السجون وحورب كل المعارضين السياسيين واعتبر كل معارض للنظام وقتها في خانة الأعداء واعتقل بعض الشيوعيين (مكتب سياسي وعمل شيوعي وعمال ثوري) وبعض الناصريين.ونكل بهم ولكن أقل من الإخوان الذين حكم عليهم بالموت وكثيرين عاشوا رعب الاعتقال وبعضهم تجاوز اعتقاله العشر سنوات…

.12. خرجت سوريا بعد انتهاء قمع النظام لكل القوى السياسية السورية في الثمانينات وأصبح أي انتماء سياسي معارض يشكل عملا انتحاريا.وأصبحت السياسة.كاهتمام معدومة شعبيا واقتصرت على بعض المثقفين والسياسيين .واصبحنا امام حالة افراد معارضين وان اعتبروا أنفسهم يمثلون احزابا وليست أحزاب وقوى فاعلة على الارض .

.13. في هذه المرحلة اصبح المناخ الدولي في الثمانينات. في صراع النظام العالمي وتدخل روسيا في افغانستان. وبعدها تدخل الاسلاميين ضدهم واستقطابهم من كل مكان ومنها سوريا. وتداعيات ذلك عالميا .وبعد ذلك من نشوء القاعدة والحرب مع الغرب. والتدخل ضد العراق ثم احتلاله وموقف أمريكا والغرب من فلسطين تاريخيا. وبعدها غزة ولبنان كل ذلك دفع الى مواقف معادية للغرب و امريكا على خلفية اسلامية. كان له امتداد في سوريا خاصة بعد احتلال العراق.. كانت هذه المجموعات هي طور جديد في السياسة السورية… ولو بشكل غير  مباشر ضد النظام الذي تعامل معها كعدو ، اعتقلها وامتلأت السجون مجددا .وكانت هذه نواة الحالة الاسلامية الجهادية ظهرت بعد حين في الثورة السورية..

.14.استمر الموات السياسي في سوريا حتى نهاية حكم الاسد الاب .نظام يحتل المجال السياسي بالكامل. وبعض المعارضين الشيوخ كمستقلين او منضوين في التجمع الوطني الديمقراطي الناصريين.( جمال الاتاسي) والشيوعيين( رياض الترك) وبعث الديمقراطي (جديد) وعمال ثوري ( ياسين الحافظ) و اشتراكيين عرب..وكان حضورا رمزيا دون اي فاعلية…

.15. استلم الأسد الابن حكما وراثيا بعد وفاة الاب. حاول أن يصنع شرعية له. دخل من باب الإصلاح وباب التطور والتحديث.. وتلقف السياسيين والمثقفين ونشطاء المجتمع المدني الفرصة. ونشأت المنتديات وجمعيات حقوق الانسان والمجتمع المدني التي تحركت جديا للعمل لتحول ديمقراطي .وبدأ الحراك يتجذر ويمتد في كل سوريا في ما اسمي ربيع دمشق…. لكن النظام سرعان ماارتد عن تعهداته وبدأ بالتشديد والتنكيل بهذه الظواهر .وحصلت ملاحقات أمنية واعتقالات وتطور السجال. وظهرت مجموعات سياسية ومدنية وحقوقية وكان أهمها إعلان دمشق .الذي حوى أوسع طيف ديمقراطي سوري ومن كل المشارب. من اخوان مسلمون و شيوعيون وناصريون وقوى وطنية ليبرالية وكذلك بعض الأحزاب الكردية وغيرهم . وتوافقت على الخيار الوطني الديمقراطي لسوريا. لكن النظام حاصر الحاله الوليدة و ناشطيها اعتقال وملاحقة. ومنع واقعيا من تطور الدعوة وجعلها مجرد حلم مستحيل التحقيق…

.16.هذا واقع المعارضة السورية عشية ربيع سوريا وثورتها، حلم كبير وإمكانية معدومة و نظام يتحكم بكل مفاصل الدولة والمجتمع والحياة نفسها .

2013-09-08

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. اغفلت حزب الشعب والحزب الوطني حيث كان اعضاء هذين الحزبين يشكلان وفد التفاوض مع فرنسا للوصول الى الاستقلال .

زر الذهاب إلى الأعلى