تابع المتظاهرون والمتظاهرات في محافظة السويداء، صباح الأربعاء، فعالياتهم المعتادة في ساحة الكرامة، تزامناً مع دخول الاحتجاجات يومها الـ46.
وتجمع مئات المتظاهرين، الأربعاء، في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء، مطالبين كالعادة بتطبيق القرار الأممي 2254، ومندّدين ببيان أمير دار عرى، لؤي الأطرش (أحد الموالين للنظام في السويداء)، الذي اتهم القائمين على الحراك بـ”انحرافهم عن المطالب ولجوئهم إلى الخارج”. ويأتي هذا بعد أن شهدت مدينة شهبا، مساء أمس الثلاثاء، تظاهرات كبيرة.
ورفع المتظاهرون لوحات تؤكد على سلمية الاحتجاجات، كما دعوا المكونات السورية للالتحاق بهم، وكالعادة كانت النساء العنصر الفاعل والمحرض الرئيسي في الساحة من خلال الهتافات الجديدة التي تطالب بمجتمع خال من الاستبداد والفساد.
وخلال التظاهرات، كرر المشاركون شعارات الوحدة الوطنية، فيما وجه البعض منهم الدعوات للتظاهر في بلدات “سليم والهيات” شمال السويداء.
إلى ذلك، أعلن مجلس نقابة محامي السويداء، أمس الثلاثاء، احتجاجه على بيان المحامي العام “فؤاد سلوم”، الذي أوقف العمل في دائرة القضاء العام والقصر العدلي، منعاً لتنفيذ المحامين اعتصامهم داخل القصر.
يُذكر أن لمحامي السويداء دور فعال ووجود كبير في الحراك الشعبي الدائر في المحافظة، ويشكل وجودهم حالة من الأمان لمعظم المتظاهرين، إذ عمل عدد كبير منهم على الدفاع عن الملاحقين أمنياً والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين منذ بداية الثورة السورية.
وقال أحد المشاركين في التظاهرات، ويُدعى مدحت أبو رسلان، في حديثه مع “العربي الجديد”، إنّ “جميع الساحات تشهد وقفات مسائية، وفي كل بلدة توجد (ساحة كرامة)”.
وأضاف أن “الناس ترى في هذا التنوع والمشاركة الكبيرة الفرصة الأمثل لإعادة الإلفة والمودة بين الناس، خصوصاً بعدما عبثت بها الأجهزة الأمنية والعصابات التابعة لها خلال الأعوام الماضية”، مؤكداً: “بهذه المشاركات نحيي النسيج الاجتماعي والأعراف والتقاليد الأصيلة لأهالي المنطقة”.
من جهته، رأى الناشط الإعلامي علي الحسين، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “حراك السويداء حقق على أرض الواقع عدداً من المفاعيل المهمة اجتماعياً وسياسياً قد يراها البعض غير مجدية، لكن لو تمعنّا بها سنرى أنها أحدثت أثراً كبيراً على الصعيدين المحلي والوطني من الناحيتين المذكورتين”، موضحاً: “على الصعيد الاجتماعي، أعاد الحراك علاقات اجتماعية كانت مقطوعة بين مواطنين كانوا يصطفون سابقاً كلاً مع جهة من جهات الصراع، كما أنه أعاد أيضاً إحياء عادات وتقاليد وموروثات كادت تندثر نتيجة تراكم القطيعة وسنوات الحرب بين أبناء المحافظة”.
أما على الصعيد السياسي، فيعتبر الحسين أن “الحراك استطاع من المنظور الداخلي أن يخطو بالمحافظة أول خطوة نحو التعددية الفكرية والسياسية، إذ وفق هذا الحراك بين تيارات عدة وجمع بينها على هدف واحد، وهو ضرورة الانتقال السياسي السلمي للسلطة”، مضيفاً: “في المقابل دحض الحراك زيف ادعاءات النظام السوري بحماية الأقليات”.
وفيما يتعلق بتأثير الحراك على الملف السوري في الخارج، أشار الناشط الإعلامي إلى أن “الانتفاضة الشعبية تمكنت من إعادة فتح الملف السوري إقليمياً ودولياً، ويتضح ذلك من خلال المكالمات التي تلقاها الشيخ الهجري، الذي دعم الحراك منذ انطلاقته”.
وأضاف أن “الانتفاضة الشعبية في السويداء أعادت إحياء روح الثورة السورية بشعاراتها الداعية للخلاص السياسي والمطالبة والمؤكدة على وحدة الصف السوري، وتفعيل التعددية السياسية في البلاد، والمطالبة باستقلال القضاء ومكافحة الفساد والتسلط الأمني”.
المصدر: العربي الجديد