تركيا تبدأ ملاحقة السوريين المخالفين من حمَلة “الكيملك” بعد انتهاء فترة سماح

عدنان عبد الرزاق

بعد ساعات قليلة، تنتهي المهلة التي منحتها الحكومة التركية للسوريين الذين يعيشون في غير الولاية التي استصدروا منها بطاقة الحماية المؤقتة (الكيملك)، ثمّ تبدأ عملية ترحيل كلّ من يُضبَط مخالفاً إلى سورية. وقد وُصف الأمر بأنّه إلزام للسوريين بالعودة الطوعية لأسباب قسرية.

وقد أعلنت السلطات التركية، اليوم الأحد، عن فرض عقوبات جديدة على السوريين الذين يتمتّعون بالحماية المؤقتة وغير المسجّلين في مدينة إسطنبول، إذ إنّ المهلة المحدّدة تنتهي صباح يوم غد الاثنين في 25 سبتمبر/ أيلول الجاري. ويهدف القرار بحسب السلطات التركية إلى ضمان تنفيذ سياسات الهجرة واللجوء في تركيا، وتطبيق القانون.

وبموجب هذا القرار، سوف يُعاقَب المخالفون ويُنقَلون إلى مراكز إيواء مؤقتة، وفقاً للقانون رقم 6458 المتعلق بالأجانب والحماية الدولية، ثمّ يرحّلون إلى الشمال السوري وليس إلى الولايات التركية التي استصدروا منها “الكيملك”، بحسب ما كان يُتوقَّع في السابق.

يقول رئيس تجمّع المحامين الأحرار في تركيا غزوان قرنفل لـ”العربي الجديد” إنّ “المستثنين من القرار هم الآتون إلى إسطنبول من الولايات التركية المنكوبة بزلزال شباط/ فبراير الماضي، والذين حصلوا في حينه على تصاريح مرور باسم إذن سفر”. لكنّه يشير إلى أنّ “إذن سفر لاحقاً استُحصل عليه بعد الزلزال، لن يمثّل داعياً للاستثناء. وبالتالي قرار اليوم يطاول الوافدين من ولايات الزلزال العشر الذين يحملون إذن سفر جديداً”.

يضيف قرنفل: “كنّا نأمل أن تُسوّى أوضاع القاطنين بإسطنبول الحاصلين على بطاقة حماية من ولايات أخرى، عبر أذونات عمل، لأنّهم أسسوا منذ سنوات حياتهم في إسطنبول وسجّلوا أولادهم في مدارسها ومراكز عملهم فيها”.

ويرى رئيس تجمّع المحامين الأحرار أنّ “القرار اليوم سوف يساهم في هدم ما أسّسته قبل سنوات، لتبدأ من الصفر في ولايات جديدة”، مشبّهاً القرار بأنّه “ترحيل غير مباشر”. ويشرح أنّ “الأسر السورية سوف تخسر مصادر رزقها وتواجه صعوبات في الحصول على مسكن في ولايات جديدة، تعاني أصلاً من قلّة الفرص وسبل تأمين العيش فيها شبه معدومة. وهذا ما سوف يدفع تلك الأسر إلى المغادرة طوعاً، وهو المطلوب تركياً، خصوصاً مع تشديد الإجراءات الحدودية مع أوروبا والتهديد الأوروبي بتعديل الاتفاق الموقّع مع تركيا في عام 2016، في حال لم تتشدّد أنقرة على حدودها وتوقف الهجرة”.

ويلفت قرنفل إلى أنّ “المنفذ الوحيد اليوم هو الحدود البرية مع شمال سورية غير الخاضع لسيطرة النظام السوري، وهذا يخدم برنامج العودة الطوعية الذي تعمل عليه الحكومة التركية”.

من جهته، يرى الناشط التركي فهري آيت أنّ بلاده “منحت المخالفين فترة طويلة وكافية لتسوية أوضاعهم والعودة إلى الولايات التي حصلوا فيها على بطاقة الحماية”، ويشدّد لـ”العربي الجديد” على أنّ “ليس في الأمر استهداف، لأنّ الحكومة تحاول ضبط المخالفات والهجرة غير النظامية وتحاول توزيع اللاجئين في المدن التي وصلوا إليها بداية”.

يضيف الناشط التركي أنّ “السوريين في إسطنبول، على سبيل المثال، يزيدون عن نصف مليون، في حين لا يزيد عدد اللاجئين في بعض الولايات عن المئات”، مشيراً إلى أنّ “القرار سوف يهدّئ الاحتكاك وشعور بعض الأتراك بغلبة عدد السوريين، وبالتالي يؤدّي إلى تقليل العنصرية التي تستخدمها أحزاب معارضة، وبشدّة في هذه الفترة”.

في سياق متصل، أصدرت الحكومة التركية قانوناً جديداً يفرض غرامات على الأشخاص الذين يستقبلون مهاجرين غير نظاميين في منازلهم أو أعمالهم. وتتراوح الغرامة ما بين 100 ألف ومليون ليرة تركية (ما بين 3700 و37 ألف دولار أميركي)، بحسب عدد المهاجرين الذين يستقبلهم أتراك. أمّا العائلات الأجنبية التي تستقبل المهاجرين فيُصار إلى ترحيلها بتهمة تهريب المهاجرين غير النظاميين.

وتهدف الغرامة إلى الحدّ من ظاهرة الاستقبال هذه في تركيا، والتي تُعَدّ مشكلة كبيرة في البلاد، لا سيّما أنّ عدد المهاجرين غير النظاميين فيها يُقدَّر بنحو أربعة ملايين.

وتنصّ المادة 82 من القانون الجديد على أنّه “يُعاقَب بالحبس مدّة لا تقلّ عن سنة ولا تزيد عن خمس سنوات، وبغرامة لا تقلّ عن 100 ألف ليرة (نحو 3700 دولار) ولا تزيد عن مليون ليرة (نحو 37 ألف دولار)، كلّ من أدخل أو ساعد على إدخال أو نقل أو إيواء شخص غير شرعي في تركيا”.

كذلك تنصّ المادة 83 من القانون على أنّه “يُعاقَب بالحبس مدّة لا تقلّ عن سنة ولا تزيد عن خمس سنوات، وبغرامة لا تقلّ عن 50 ألف ليرة (نحو 1850 دولاراً) ولا تزيد عن 500 ألف ليرة (نحو 18.5 ألف دولار)، كلّ من أقدم على أيّ عمل من شأنه تسهيل دخول أو نقل أو إيواء شخص غير شرعي في تركيا”.

ويأتي القانون الجديد في إطار الجهود التي تبذلها الحكومة التركية للحدّ من الهجرة غير النظامية التي تُعَدّ مشكلة كبيرة في البلاد، إذ تُنسَب للمهاجرين غير النظاميين مشكلات عديدة، مثل الجريمة والبطالة والضغط على البنى التحتية.

وتثير الغرامات التي فرضها القانون الجديد جدالاً واسعاً في تركيا، فثمّة من رأى أنّه مبالغ فيها وأنّها سوف تؤدّي إلى تفاقم مشكلة الهجرة غير النظامية. لكنّ آخرين رأوا أنّ الغرامات ضرورية لردع الأشخاص عن استقبال المهاجرين غير النظاميين.

ويرجّح مراقبون أن يقلّل القرار الجديد من عدد المهاجرين غير النظاميين في تركيا، إذ إنّ العائلات التركية سوف تتردّد قبل استقبال مهاجرين غير نظاميين في منازلها أو أعمالهما خشية دفع غرامات. كذلك يرون أنّ القانون الجديد سوف يؤدّي إلى تحسين الأمن في تركيا، إذ يقلّل من فرص حصول المهاجرين غير النظاميين على وظائف أو سكن أو رعاية صحية، الأمر الذي يقلّل من احتمالات ارتكابهم الجريمة.

المصدر: العربي الجديد

زر الذهاب إلى الأعلى