شي يعرض المساعدة لإعمار سورية واستعادة وضعها الإقليمي

الأسد في الصين يعقد شراكة استراتيجية… وقاآني في دمشق يشارك في مناورات عسكرية. فيما كان الرئيس الصيني شي جينبينغ، يعلن توقيع اتفاقية «شراكة استراتيجية» مع سوريا، خلال لقائه نظيره السوري بشار الأسد، في مدينة هانغجو، شرق الصين، عشية دورة الألعاب الآسيوية، كُشف النقاب عن زيارة غير معلنة قام بها قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني إلى دمشق منذ أيام شارك خلالها في مناورات عسكرية. والصين ثالث دولة غير عربية يزورها الأسد خلال سنوات النزاع المستمر في بلاده منذ عام 2011، بعد روسيا وإيران، أبرز حلفاء دمشق، واللتين تقدمان لها دعماً اقتصادياً وعسكرياً غيّر ميزان الحرب لصالحها.

واستقبل الرئيس الصيني، نظيره السوري، في هانغجو (شرق) الجمعة، على هامش دورة الألعاب الآسيوية، التي من المقرر أن يحضر الأسد حفل افتتاحها السبت ضمن أكثر من 12 من كبار الشخصيات الأجنبية، وفق «رويترز».

وقال شي، وفق تقرير لشبكة «سي سي تي في» التلفزيونية الرسمية عن الاجتماع: «سنعلن بصورة مشتركة إقامة الشراكة الاستراتيجية بين الصين وسوريا، التي ستصبح محطة مهمة في تاريخ العلاقات الثنائية».

ووقف الأسد قبالة شي محاطاً بوفد مكوّن من 9 أشخاص، في غرفة مزيّنة بلوحة جدارية ضخمة تمثّل سور الصين العظيم، وقد تمّ رفع العلمين الصيني والسوري.

ورأى شي أن العلاقات بين بكين ودمشق «صمدت في وجه التغيرات التي طرأت على الأوضاع الدولية، وازدادت صداقتهما قوة… في مواجهة الوضع الدولي المليء بعدم الاستقرار وعدم اليقين، الصين مستعدّة لمواصلة العمل مع سوريا، والدعم القوي المتبادل بينهما، وتعزيز التعاون الودّي، والدفاع بشكل مشترك عن الإنصاف والعدالة الدوليين».

وأكد أن «الصين تدعم معارضة سوريا التدخل الأجنبي… وستدعم إعادة إعمار سوريا». والصين التي تعدّ أحد حلفاء الرئيس السوري، منحته دعمها في مجلس الأمن، عبر الامتناع بانتظام عن التصويت على القرارات المعادية للحكومة السورية. الرئيس السوري أعرب عن تطلّعه لـ«دور الصين البنّاء على الساحة الدولية، ونرفض كل محاولات إضعاف هذا الدور عبر التدخل في شؤون الصين الداخلية، أو محاولات خلق توتر في بحر الصين الجنوبي أو في جنوب شرق آسيا».

وقال الأسد: «هذه الزيارة مهمة بتوقيتها وظروفها حيث يتشكّل اليوم عالم متعدد الأقطاب سوف يعيد للعالم التوازن والاستقرار، ومن واجبنا جميعاً التقاط هذه اللحظة من أجل مستقبل مشرق وواعد… العلاقات السورية – الصينية صامدة أمام تغيرات الأوضاع الدولية منذ 67 عاماً، وأن الصداقة بين البلدين لا تزال راسخة مع مرور الزمن». ووصف إقامة الشراكة الاستراتيجية السورية – الصينية بـ«حدث مفصلي مهم في تاريخ العلاقات الثنائية في وجه الأوضاع الدولية غير المستقرة».

وتمنى الأسد أن يؤسس هذا اللقاء لتعاون «واسع النطاق وطويل الأمد في مختلف المجالات»، ليكون «جسراً إضافياً للتعاون يتكامل مع الجسور العديدة التي بنتها الصين». وفق ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا). وفي وقت سابق يوم الجمعة، أفاد التلفزيون السوري بأن الزعيمين عقدا قمة ثنائية في مدينة هانغجو شرق الصين. وقدم شي الدعم لسوريا لتحسين علاقاتها مع الدول العربية الأخرى. وقال خلال الاجتماع إن الصين تدعم التسوية السياسية للقضية السورية وتحسين علاقاتها مع الدول العربية الأخرى. وأضاف: «الصين على استعداد لتعزيز التعاون مع سوريا من خلال مبادرة (الحزام والطريق)… لتقديم مساهمات إيجابية في السلام والتنمية على الصعيدين الإقليمي والعالمي».

وذكر تلفزيون الصين المركزي (سي سي تي في) إن بكين تدعم جهود سوريا في إعادة الإعمار وتعزيز بناء القدرات في مجال مكافحة الإرهاب. لكن المحللين يشككون في وجود رغبة كبيرة بين الشركات الصينية للاستثمار في سوريا، بالنظر إلى ضعف أمنها ووضعها المالي السيئ. كما أن أي استثمار صيني أو غيره في سوريا يخاطر أيضاً بإشراك مستثمر في العقوبات الأميركية بموجب قانون قيصر في عام 2020، الذي يمكنه تجميد أصول أي شخص يتعامل مع الدولة المنبوذة، وشهد العام الحالي تغيرات على الساحة الدبلوماسية السورية تمثلت باستئناف دمشق علاقتها مع دول عربية عدة، واستعادة مقعدها في جامعة الدول العربية، ثم مشاركة الرئيس السوري في القمة العربية في جدّة في مايو (أيار) للمرة الأولى منذ أكثر من 12 عاماً.

وتأتي زيارة الأسد في وقت تلعب بكين دوراً متنامياً في الشرق الأوسط، وتحاول الترويج لخطتها «طرق الحرير الجديدة» المعروفة رسمياً بـ«مبادرة الحزام والطريق»، وهي مشروع ضخم من الاستثمارات والقروض يقضي بإقامة بنى تحتية تربط الصين بأسواقها التقليدية في آسيا وأوروبا وأفريقيا. وانضمت سوريا في يناير (كانون الثاني) 2022 إلى مبادرة «الحزام والطريق». وأدت الحرب في سوريا إلى تدمير هائل للبنية التحتية وتدمير العديد من القطاعات الحيوية للاقتصاد، بما في ذلك النفط، فيما تخضع الحكومة السورية لعقوبات دولية قاسية.

قاآني في دمشق

كشفت وسائل إعلام إيرانية عن زيارة غير معلنة قام بها قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني إلى دمشق منذ أيام.

ووصفت وكالة «فارس» الإيرانية الزيارة بأنها «حساسة ومهمة»، وجاءت في إطار جولة إقليمية تشمل دولاً عدة. وأفادت الوكالة يوم الجمعة بأن القائد العسكري الإيراني شارك في مناورات عسكرية إيرانية – سورية مشتركة، في «إطار التصدي المشترك للتحديات والاضطرابات الأمنية والعسكرية في سوريا».

وأفادت الوكالة بقيام قاآني خلال زيارة دمشق التي استمرت لأيام، بعقد لقاءات رسمية وعسكرية وأمنية وأخرى، مع شخصيات شعبية، فضلاً عن جولة ميدانية لـ«مناطق عملياتية مختلفة» داخل سوريا. ونقلت «فارس» عن قاآني قوله إن العلاقات بين طهران ودمشق «استراتيجية وشاملة وعميقة»، مؤكداً وقوف طهران إلى «جانب الشعب والقيادة في سوريا في مواجهة التحديدات».

المصدر: الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى