(قسد) وحروبها المستمرة شمال شرق هل تنتهي؟

رأي الملتقى

إذا ما استطاعت (قسد) ومن يدعمها من أميركان، وتحالف دولي، إنهاء ما سمي بانتفاضة العشائر العربية المتواجدة في تلك المنطقة، ضد هيمنتها وتغولها على كل ما هو موجود شمال شرق سورية، من عرب تحت أمرة قيادة قسد، أو خارج ذلك، وكورد ليسوا منضوين ضمن هياكل (قسد) وتابعيتها، فإن المشهد السياسي السوري في المنطقة الشرقية سوف يتمخض عنه في قادم الأيام المزيد من مثل هذه الانتفاضات، ومن الممكن أن تنتج وسواها تموضعات سياسية ومحلية قد لاتروق للأميركان، ولا لقيادات (الاتحاد الديمقراطي) ومن لف لفهم، ممن أتى من جبال قنديل خارج سورية، ومارس ضد السوريين شتى أنواع العسف والقتل والتهجير والسيطرة على أرزاق الناس وأملاكها في سياق سياسات التغيير الديمغرافي واضحة المعالم التي قامت بها منذ سنوات عصابات قنديل، تحت ذريعة محاربة الإرهاب والقضاء على فلول (تنظيم الدولة) ثم الدعم الدولي الكبير الذي تلقته ومازالت هيئات ومنظمات (قسد) كخدمة للاستراتيجيات الأميركية في الاقليم، عبر الاستمرار في عمليات التغول على أهل المنطقة، وهم في غالبيتهم من العرب العشائر الذين لايقبلون الضيم وسيثأرون لشعبهم ساعة تحين الفرصة.

لعل ماجرى خلال الأيام المنصرمة من حرب حقيقية بين (قسد) ومعظم العشائر العربية في مناطق دير الزور وسواها، يؤشر ويوضح مستوى وحجم الاحتقان الذي كان يعتمل داخل المجتمعات العربية، رغم تواجد القسم الكبير منها طوعًا أو كرهًا تحت وضمن تكوينات تنظيم (قسد) العسكري، وبالطبع فإن مايسمى  بالمجلس العسكري في دير الزور كان في تركيبة الجزء العسكري ضمن (قسد) وفي تركيبتها البنيوية التي تصر أميركا على تواجدها، حتى تتمكن من ادعاء تمثيل كل المكونات، فما بالك بالمكون الأكبر في تلك المنطقة، وهو المكون العربي العشائري، إذ لم تكن القضية بالأساس هي اعتقال(أبو خولة) رئيس المجلس العسكري في دير الزور، بل هناك ماهو أكبر وأوسع من ذلك، ويعود إلى العسف الكبير والظلم الأكبر والتهميش الذي يعيشه العرب ضمن (قسد) وفي كل المساحات الجغرافية التي تسيطر عليها تشكيلات (قسد) بحماية وتوجيه أميركي.

ويبدو أن التدخلات الدولية والإقليمية أرادت للمسألة أن تنتهي وتتوقف ولو مؤقتًا حرصًا على استمرار الهيمنة الأميركية واستمرار ضبط الحالة السياسية والعسكرية هناك، بذريعة مكافحة (داعش) والارهاب، وحتى لا تكون هذه الانتفاضة مصدر ضغط أو معيق لتلك السياسات، وسط صراعات كبرى تطال التواجد الأميركي والروسي في سورية، بعد حرب (داحس والغبراء) الغربية الروسية في أوكرانيا، ومايمكن أن تجره على مستوى العالم بكليته من دمار وتموضعات جديدة تنتفي فيها القطبية الأحادية الأميركية التي طالما حكمت العالم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي مع مطلع التسعينيات من القرن الفائت.

الاطلالة اليوم على ما جرى من قتال وصراع غير متكافئ بين العشائر العربية و(قسد) خلال الأسابيع الماضية يبرز للعيان عدة مسائل يمكن أن تتمحور حول ما يلي:

_ المسألة الأولى أن تركيبة (قسد) كانت وسوف تبقى تركيبة هشة وغير متماسكة، وتنذر دائمًا بالمزيد من حالات الانهيار والتفكك، من حيث أنها لم تقم على أسس موضوعية ولا مبدئية، في الإنشاء، ومازال يعتمل داخلها الكثير من التفاعلات والإشكالات التي ستنتج بالضرورة انفجارات بين الفينة والأخرى تزيد المسألة سوءً إذا ما استمرت نفس السياسات التي تقودها (قسد) ضد العرب في المنطقة الشرقية.

_ المسألة الثانية أن هيمنة العنصر الكوردي (القنديلي اللا وطني) القادم من خارج سورية لن يعتبر من قبل أهل المنطقة إلا احتلالاً وهيمنة وتغولًا على العنصر العربي العريق، الذي يعتبر أن لا هيمنة ممكنة على شعبه من أناس ليسو سوريين، ولا يمثلون الشعب السوري، ومن ثم فإن الانتفاض العربي سيبقى بعوامله الكامنة متوفرًا، ويتمظهر إلى السطح كلما سنحت له الظروف المحيطة بالتحرك، أو مورس عليه المزيد من القهر والسلب والنهب  والهدر وكم الأفواه وسرقة ثرواته أمامه في وضح النهار وعلى قارعة الطريق.

  • النقطة الأخرى أنه لن يكون بمقدور منتجات قنديل وتوابعهم أن يقنعوا السوريين شمال شرق، ولا في كل الجغرافيا السورية، أنهم ينتمون إلى الثورة السورية، وهم الذين كان قد أنشأهم قبلاً نظام القتل الأسدي وأوجدهم ليكونوا أداة من أدواته العسكرية والعصبوية التي يستخدمها وقت يشاء، ولحظة يجد نظام الأسد أنها قد أصبحت مواتية للاستخدام.
  • علاوة على ذلك فإن تأجيج المعارك وبث فيها روح الاستمرار كانت سياسة إيرانية وأسدية واضحة المعالم، ظهرت وبانت خلال المعارك، حيث كانت الميليشيا الإيرانية تحرك بعض المعارك وترسل السلاح من أجل إنجاز محاولاتها المستميتة للسيطرة والحلول بدلًا من ميليشيا (قسد) فيما لو أتيحت لها الفرصة.
  • كما أرادت ميليشيا الأسد والإيرانيين أن تُشغل الناس في سورية بمعارك (قسد) مع العشائر في محاولة منها لتحويل الأنظار عما يجري من ثورة عارمة وانتفاضة سورية في ربيع سوري متجدد في الجنوب السوري/ السويداء ودرعا، وهي حالة أقلقت ومازالت السلطة الأسدية المتحكمة بدمشق.

في العموم فإن المعركة في شمال شرق لم تنته بعد، حتى لو انخفض أوارها أو سعيرها، ومازالت نفس العوامل التي أنتجتها موجودة وبإلحاج، وسوف يكون هناك في مستقبلات الأيام الكثير من الانتفاضات والتحركات ضد (قسد) وإرهابها، حتى يحق الحق وتعود تلك المناطق إلى أهلها وشعبها السوري الموحد، بدون هيمنة من (قسد) وكل داعميها، وسيكون هناك ما نشهده عبر المزيد من الزلازل التي ستقوض أركان ميليشيات (قسد) عاجلًا أم آجلًا.

 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. قراءة دقيقة وواضحة لطبيعة المعارك الدائرة بشرق الفرات وريف دير الزور بين العشائر العربية وما يسمى قوات سورية الديمقراطية “قسد” التي مكونها الاساسي من عصابات قنديل نتيجة الظلم الذي ألحقته بالمكون العربي وباقي اطياف المجتمع السوري وحتى الكردي من التهميش والاستبداد ، إن انتفاضة العشائر العربية ايست الاولى ولن تكون الاخيرة لحين انهاء اسبابها .

زر الذهاب إلى الأعلى