أعادت التصريحات المتوتّرة بين حكومتي العراق وإقليم كردستان، بشأن الاتفاقات السياسية التي كانت أساسا لتشكيل حكومة محمد شياع السوداني، المخاوف من أزمة جديدة بين الطرفين، إذ اتهمت حكومة أربيل بغداد بـ”انتهاك” تلك الاتفاقات، مطالبة بإرسال مستحقاتها المالية، فيما ردت حكومة السوداني بتأكيد إيفائها بالالتزامات.
وكان الأكراد قد وضعوا شروطاً عدة على تحالف “الإطار التنسيقي” مقابل التصويت لحكومة السوداني، تتعلّق بحلّ المشاكل العالقة بين إقليم كردستان وبغداد، أبرزها حصة الإقليم في الموازنة المالية الاتحادية العراقية.
وبلغت حصة الإقليم في الموازنة المالية لسنوات 2023 و2024 و2025، التي صوت عليها البرلمان العراقي في حزيران (يونيو) الماضي، نحو 16.609 ترليون دينار.
“سياسة تجويع”
وبدأ التصعيد الجديد عندما اتهم المتحدث الرسمي باسم حكومة كردستان بيشوا هورامي حكومة السوداني، الاثنين، بـ”عدم الإيفاء بالتزاماتها الماليّة” و”ممارسة سياسة تجويع” حيال الأكراد، معتبراً أنّها “خلطت قوت المواطنين بالمسائل السياسية”.
وأضاف هورامي أنّ “الحكومة العراقية قررت إرسال 500 مليار دينار عراقي (الدولار يعادل 1552 دينارا)، إلى الإقليم، وهذا لا يكفي لدفع رواتب الموظفين”.
ومساء أمس الخميس، اتهم رئيس حكومة الإقليم مسرور البارزاني حكومة بغداد بـ”انتهاك التفاهمات السابقة”، وقال في منشور على “إكس” إنّ “امتناع الحكومة الاتحادية في بغداد عن إرسال مستحقاتنا المالية المثبتة في الموازنة المالية الاتحادية انتهاك للاتفاقات الدستورية، ويلحق الضرر بمواطنينا ويقوض الثقة”.
“مماطلة… وظلم كبير”
بدوره، قال “الحزب الديموقراطي الكردستاني” إنّ بغداد “تماطل” في تنفيذ الاتفاقات مع الأكراد، وإنّ هناك من “يعرقل التنفيذ”.
وأضاف الحزب في بيان صادر عن مكتبه السياسي: “مرّت 9 أشهر على الاتفاق وتشكيل الكابينة الحكومية، ولم تُنفّذ النقاط المتعلقة بإقليم كردستان، وتجري عرقلة تنفيذ تلك النقاط”، موضحاً أنّه “جرى تنفيذ بعض النقاط بشكل مخالف للاتفاق، فيما لم تنفذ بعض النقاط الأخرى”.
وأشار إلى أنه “حين قيام الحكومة الاتحادية بإعداد مشروع قانون الموازنة بالاتفاق مع حكومة الإقليم، جرى تحديد حصة الإقليم بالموازنة، لكن جرى تغيير نص المشروع كاملاً خلال جلسة التصويت في البرلمان”.
وتابع: “مورس ظلم كبير بحق الإقليم، ورغم ذلك لم تُنفّذ البنود المتعلقة به حتى الآن”، مطالباً بـ”ارتكاز إدارة الحكم وصنع القرار على مبادئ الشراكة والتوافق والتوازن، وأن يكون دور ممثلي المكونات السياسية أساسياً في اتخاذ القرارات الحاسمة. كذلك تنفيذ قانون المجلس الاتحادي كما هو منصوص عليه في الدستور”.
وطالب المكتب السياسي للحزب بـ”الإسراع بإعداد مشروع قانون النفط والغاز وفق الاتفاقية المشتركة بين إقليم كردستان وبغداد، وإنهاء العمل بالقانون السابق، وفصل مسألة رواتب موظفي كردستان عن المسائل الأخرى”، داعياً إلى أن يتقاضى هؤلاء الموظفين رواتبهم الشهرية “أسوة بجميع الموظفين العراقيين”.
بغداد تردّ
في المقابل، رد المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، اليوم الجمعة، على الاتهامات الكرديّة، مؤكّداً أنّ بغداد “نفذت التزاماتها المالية كاملة” تجاه الإقليم، و”بذلت جهوداً كبيرة” لتقديم الحلول.
وقال في بيان إنّه “لغاية نهاية شهر حزيران (يونيو) الماضي، بلغت الأموال في ذمة الإقليم أكثر من ثلاثة أضعاف حصته، حسب الإنفاق الفعلي للدولة، في حين لم تسلّم حكومة الإقليم الإيرادات النفطية وغير النفطية كما أوجب تسليمها قانون الموازنة الاتحادية”.
وأضاف: “بالرغم من عدم التزام حكومة الإقليم، أخذت الحكومة الاتحادية قراراً بعدم تحميل المواطنين العراقيين في الإقليم تبعات عدم الالتزام، وعملنا بما يسمح به القانون باتخاذ قرار في مجلس الوزراء بإقراض الإقليم لحين حسم مشاكله المالية أصولياً”، مشدداً على أنّ “الالتزام بالقوانين الفيدرالية والاتفاقات المبرمة في ظل الدستور أقصر طريق لاستكمال التحويلات المالية وتعزيز الثقة”.
وتُعدّ الملفات العالقة بين بغداد وأربيل إحدى أبرز المعضلات التي تواجهها الحكومات العراقية المتعاقبة، أبرزها رواتب موظفي إقليم كردستان، والتنسيق الأمني في المناطق المتنازع عليها، والاتفاق على آلية تصدير النفط من حقول الإقليم، وغيرها.
المصدر: النهار العربي