تجدد التصعيد ضد السوريين في تركيا مع اقتراب الانتخابات البلدية

عدنان عبد الرزاق

عاد ملف اللاجئين السوريين في تركيا لصدارة المشهد تزامناً مع استعدادات الأحزاب للانتخابات البلدية التركية المقررة في مارس/آذار 2024، فضلاً عن قرار اعتماد اللغة العربية ضمن لغات الوصفات الطبية الإلكترونية، لتصبح أحدث الأسباب التي توظفها بعض الأصوات المعارضة في هجومها على اللاجئين السوريين البالغ تعدادهم 3.4 ملايين، بحسب آراء المراقبين.

ويرى الباحث التركي سمير صالحة أن النظر إلى حلول لـ”الإخوة السوريين” الموجودين في تركيا هو واجب اليوم، لأن استمرار الغرق بالتوصيف واستغلال بعض “أطياف وأحزاب المعارضة” لهذا الأمر، زاد موجات الكراهية وبدأت آثاره تنعكس على الداخل التركي، سياحة واقتصاداً ومجتمعاً.

توقع الدكتور صالحة زيادة نبرة “استغلال اللاجئين” كلما اقتربت الانتخابات البلدية التي ستشهدها تركيا في 31 مارس/آذار المقبل

ويشير صالحة، في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى أن بلاده التي استقبلت أربعة ملايين ونيف من اللاجئين بعد الثورة عام 2011، لم تميّز بين السوريين ومواطنيها، ولكن طول الفترة الزمنية وتراجع مستوى المعيشة، والأهم اعتماد اللاجئين ورقة سياسية من عديد من الأحزاب، خاصة قبيل الانتخابات الرئاسية وأثناءها، زاد تأجيج المسألة وحولها إلى “ممسك وكرة” تتقاذفها الأطراف السياسية، مستشهداً بتصريحات رئيسة حزب الجيد الأخيرة ضد السوريين.

وتوقع الدكتور صالحة زيادة نبرة “استغلال اللاجئين” كلما اقتربت الانتخابات البلدية التي ستشهدها تركيا في 31 مارس/آذار المقبل، داعياً لتحييد هذا الأمر وتسريع العودة الطوعية للسوريين، بعد تأمين المناخ الملائم والحماية لهم بالمناطق المحررة شمالي غرب سورية.

وكانت رئيسة حزب “الجيد” المعارض ميرال أكشنار قد اتهمت أمس حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتورط في محاولات إقامة “سورية صغيرة” داخل تركيا، وأن حكومة أردوغان “تروّج” لتهديدات تنظيمي “داعش وحزب العمال الكردستاني” لإثارة مخاوف الشعب، فقضية اللاجئين برأيها، ليست قضية عادية، بل هي مسألة أمن قومي تؤثر على الثقافة الوطنية والقيم التي تمتلكها تركيا، مطالبة بـ”ضرورة إعادة جميع اللاجئين إلى بلادهم من خلال التفاوض مع الحكومة السورية والجهات الدولية”.

وصفات الدواء بالعربية

وكان وزير الصحة التركي فخر الدين كوجة قد أضاف، أمس الأحد، خمس لغات جديدة، بما في ذلك اللغة العربية، إلى نظام الوصفات الطبية الإلكترونية في تركيا، وهو ما أثار استياء فئات من المجتمع التركي، اعتبرت أن الأمر محاولة لتعريب تركيا وتسهيل وجود اللاجئين فيها.

وتصاعدت الاعتراضات على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تداول مغردون هاشتاغ “العربية” بكثرة، معتبرين أن الدستور التركي ينص على أن اللغة الرسمية هي اللغة التركية، ويتعين على الوزارة تنفيذ الدستور، داعين اللاجئين العرب للتكيف والاندماج وتعلم التركية، قائلين “إن قدوم السوريين إلى بلادنا ليس مسألة أنصار ومهاجرين، بل هو هدف لتعريب البلاد”.

ضاعف الهجوم على الوجود السوري في تركيا الإحصاءات التي نقلتها وسائل إعلام تركية، اليوم الاثنين، عن رئيس بلدية هاتاي لطفي ساواش، والتي أشار فيها إلى أن “70% من الأطفال الذين يتوجهون إلى المدارس الابتدائية في منطقة الريحانية هم من الجنسية السورية”.

وأضاف ساواش، في تصريحاته، أن المستشفى الكبير في المدينة يشهد ولادة 28 طفلًا يوميًا، 26 منهم من الجنسية السورية، معرباً عن قلقه من تحول الأتراك إلى أقلية في بعض المناطق، ومطالباً جميع الأطراف المعنيين للتعاون بشكل فعال من أجل إيجاد حلول دائمة لهذه القضية، وتعزيز التعايش السلمي والمشترك في المدينة.

تسييس قضية اللاجئين في تركيا

بدوره، يرى رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار بتركيا غزوان قرنفل أن سبب تعالي النبرة ضد اللاجئين اليوم يتزامن مع بدء التحضير للانتخابات البلدية، متوقعاً زيادة التحريض خلال الفترة المقبلة.

ويعقب قرنفل على تصريح والي هاتاي بأن الأرقام مبالغ بها أولاً لضرورات انتخابية واستمالة الشارع، متسائلاً عن سبب إغلاق المدارس السورية بتركيا، الذي وصفه بالخاطئ والأفضل لو بقيت المدارس السورية تحت إشراف مديرية التربية التركية.

ويضيف قرنفل، في حديث لـ”العربي الجديد”، أنه من الطبيعي أن يكون عدد اللاجئين السوريين كبيراً بالولايتين الحدوديتين هاتاي وعنتاب اللتين تأويان نحو مليون سوري، وذلك بسبب القرب من الحدود وتشابه البيئة وتكلم بعض سكان الولايتين اللغة العربية.

ويدعو رئيس تجمع المحامين لإصدار قوانين صارمة تحد من استغلال ورقة اللاجئين التي وصلت في بعض الأوقات لحد الإساءة والقتل، وعدم تكريس مقولة العودة الطوعية قبل تأمين المناخ المناسب والآمن للعائدين، قائلاً “تصوروا معظم الأطفال السوريين المولودين بتركيا لا يجيدون العربية.. أو ليس بإعادتهم قسراً أو عدم تأمين مدارس لهم جريمة للمستقبل؟”.

وبحسب جمعية اللاجئين، يبلغ عدد السوريين حملة “الكيملك” المقيمين تحت بند “الحماية المؤقتة” في تركيا، نحو 3 ملايين و329 ألف سوري بعد ترحيل نحو 600 ألف “طوعياً” خلال العام الأخير.

وتتوزع الفئات العمرية للسوريين بتركيا، بحسب مديرية إدارة الهجرة، كالآتي: الرجال نحو 52.61 بالمئة من إجمالي عدد السوريين، وتبلغ نسبة النساء السوريات 47.39 بالمئة.

ويزيد عدد الرجال السوريين عن عدد النساء السوريات بـ173.586 رجلاً، فيما يكون أكبر فرق بين عدد الرجال والنساء هو 37 ألفاً و410 أشخاص في الفئة العمرية 25-29 ويتناقص هذا الاختلاف مع زيادة الفئة العمرية. أما في معظم الفئات العمرية التي تزيد عن 45 عاماً، فيبدو أن عدد النساء يفوق عدد الرجال.

وتشير جمعية اللاجئين إلى أن عدد السوريين الذين يعيشون في المدن بلغ 3 ملايين و264 ألفاً و508 أشخاص، وتتركز إقامة السوريين في المدن الكبرى غرب الأناضول مثل إسطنبول وأنطاليا وأيدين وبورصة وتشاناكالي ودوزجي وأدرنة وهاتاي وعنتاب وإزمير وكيركلاريلي وكوجالي وموغلا وسكاريا وتكيرداغ ويالوفا.

المصدر: العربي الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى