ثانيا. الممارسه السياسيه…
1. لم يخرج الاسلام عن التداول في المجال السياسي العربي والاسلامي بصفته عقيدة ينطلق منها المصلحين والثوار والمفكرين لاجل التغيير وحل المشكلات الاجتماعيه والسياسيه والبحث عن الحياة الافضل. وهذا يطال العقائد الاخرى سواء الماركسيه او اللبراليه .. وهذه العقائد مع الاسلام كانت الملهمه للتنويريين والثوريين والتحريين في بدايات القرن العشرين. سواء في مواجهة سلطات استبدايه قهريه او مستعمر غربي طال اغلب البلاد العربيه…
2. افترقت الدعوة والعمل السياسي الاسلامي لمسارين. الاول دعوي سلمي متدرج مجتمعي فردي .. والاخر تغييري جذري منظم يعمل كبنيه حزبيه.وسري واصبح بعد فترة عنفي بسبب بنيته الفكريه او بسبب الرد العنفي للانظمه وعلاقة الصراع المتبادل… لذلك كان الجهاز الخاص في تنظيم الاخوان المسلمين سباقا في استعمال العنف في مصر .ورد السلطه هناك بقتل حسن البنا نفسه. وكذلك مرحلة الخلاف مع عبد الناصر ومحاولة اغتياله. واعتقال اغلب الجهاز الخاص وتبلورة في السجن كتوجه سياسي عنفي اسلامي. وتعمد به سيد قطب كرمز ومفكر ومنظر عبر كتابه معالم في الطريق. وعبر عمله التنظيمي ومن ثم اعدامه وتحوله…ل(شهيد).. وايقونه ثوريه اسلاميه..
3. تبلور الخط العنفي في التيار الاسلامي في اغلب البلاد العربيه. فمصر انجبت الجماعه الاسلاميه وتنظيم الجهاد. وكان لها منظروها واتباعها وعمدت نشاطها باغتيال السادات. وكان مصيرها بين السجن والمنافي واغلب قياداتها سيكونون قيادات القاعده في المستقبل كايمن الظواهري ..وهم بين ملاحقين او مقتولين على يد الانظمه او الامريكان.. العدو الذي اعتمدوه من بعد خروج السوفييت من افغانستان وضرب برجي التجارة العالميه .والصراع العالمي ضد (الارهاب الاسلامي)…
4. استطاعت الانظمه الاستبداديه العربيه. ان تستأصل الحركات العنفيه الاسلاميه في اغلب البلدان كمصر وسوريا خاصة.. واصبح رموزها وكوادرها متوزعين في العالم وتبحث عن معاركها لمحاربة الانظمه (الكافره). وخاصة انها تجذرت فكريا وتبلورت ودخلت في صراع لا رجعة عنه.. وكان الاحتلال السوفييتي لافغانستان المناسبه التي استغلتها امريكا والانظمه الاستبداديه التابعه لها. فجيشت الشباب المسلمين من الحركات الاسلاميه العنفيه واجواءها الفكريه وبعض المفكرين الاسلاميين. لمحاربه (الملحدين السوفييت). وجمعت لاول مرة بين البنية الفكريه للسلفيه الاسلاميه برمزية محمد بن عبد الوهاب وامتدادها لابن تيميه. لتهتم بالسياسه وتتورط بها.. متقاطعة مع جذريه سيد قطب ممتدة لابي الاعلى المودودي..
5. في افغانستان التقت المصالح المباشرة لامريكا والانظمه التابعة لها. ودعمت الجهاديين الاسلاميين وقدمت لهم الامداد لمحاربة السوفييت. وتبلور تجمعا اسلاميا عالميا عابرا للاوطان. فيه من السوريبن ابو خالد السوري وابو مصعب السوري.. . ومن المصريبن ايمن الظواهري وسيد امام.. ومن السعوديه اسامه بن لادن وغيره. وكذلك من الجزائر.. ومن فلسطين عبد الله عزام. وابو محمد المقدسي.الخ.. وكلهم كان لهم ادوار فكريه وتنظيميه وقتاليه على الارض. وكان لهذا التجمع الاسلامي الجهادي الذي سيسمى قاعدة الجهاد العالمي. اثرة البالغ بربطهم ببعضهم وتبلور مشروعهم المستقبلي لمحاربة الانظمه الكافره ومحاربة امريكا. وخاصة بعد ان تبين لهم ان امريكا استخدمتهم لمحاربة السوفييت ثم ضيقت عليهم وحاربتهم..
6.من افغانستان انطلق التيار الجهادي العالمي لمحاربة امريكا والدول الكافره. وكانت ذروة الصراع بتفجير مركزي التجارة العالمي. الذي استدعى عملا امريكيا ادى لاحتلال افغانستان والعراق. (ضمن استخدام دولي للحدث لتحقيق اجنده امريكيه خاصه). والذي جعل الجهاديين امام معركة مباشرة مع الوجود الامريكي في البلدين. وكانت استراتيجية القاعده استدراج امريكا للمعركه المكشوفه (وهذا ما حصل) ومحاربتها. ولكن ذلك لم يكن بهذه السهوله بل كلف اثمان باهظه على كوادر القاعده بين قتل واعتقال وملاحقه. ومع ذلك بدأ العمل بكل الوسائل للصراع مع امريكا والدول التابعه لها…
7. تغلغل كوادر القاعده في العراق منذ ماقبل احتلاله عبر فصيل انصار الاسلام الكردي الذي كان حليفا للقاعده التي تشكلت في افغانستان. وحضر ابو مصعب الزرقاوي الى العراق. وادار معسكرات للتدريب ولاستقبال الجهاديين من كل العالم. تحضيرا للمعارك القادمه مع الامريكان القادمين لاحتلاله.. وهذا ماحصل فمجرد احتلال الامريكان للعراق واجهته المقاومه العراقيه. والتي كان منها الزرقاوي والقاعده. وقامت تحالفات بين المجموعات الجهاديه. وعمل الزرقاوي على منحنيين. الاول تجميعي للمجاهدين وتجييرهم لصالح القاعده. والثاني اعتماد العمليات الانتحاريه الاستعراضيه. والتي توغل في القتل وتستبيح دماء العراقيين المتواجدين في الحيز الجغرافي لعملياتها. وفي ذات الوقت بدأت تنظر للسماح بقتل المسلمين ان كان الهدف قتل العدو حسب نظرية التترس بالمسلم. وهنا قتل من الشعب الكثير بحجة ان العمليات تطال الامريكان وحلفاءهم . والاسوأ حصل عندما تم تكفير الشيعه كشيعه. واستهدافهم وقتلهم وتدمير مراقدهم الدينيه. وهذا اضاع بوصلة المقاومه وكان مقدمه لاصطفافات طائفيه صراعيه في العراق بين السنه والشيعه. على اعتبار ان الشيعه كفار ومناصرين للامريكان.. ولم يخفى ان تدخل القاعده هذا كان له دور سلبي جدا على التحرك السلمي الذي حصل في العراق. ضد الحكم الطائفي. وتبعيته للامريكان وايران ايضا. واعطت الحجه للسلطات العراقيه ان تضرب بقوة ضد الحراك. وليتحول لصراع اهلي ادى لما نحن عليه في العراق من صراع طائفي دموي يلبس لبوس صراع بين داعش كممثل للسنه .و السلطه (الشرعيه) كتعبير طائفي عن الشيعه. وتبعيتها لايران واستخدامها من قبل امربكا وروسيا ايضا..
8. ان تحالف بقايا جيش وامن نظام صدام حسين مع القاعده في العراق وتغلغلهم في البنيه التنظيميه لها. والاستفاده من شبكه علاقاتهم وخبرتهم السابقه وامتدادهم جعلهم العمود الفقري للقاعده في العراق. خاصة بعد مرحلة قتل الزرقاوي واستلام قيادة التنظيم للعراقيبن. سواء في مرحلة ابو عمر البغدادي او بعده مرحلة ابو بكر البغدادي. وذلك عبر بنية عسكريه على رأسها حج بكر وكثير من الضباط العراقيين السابقين الذين اصبحوا قيادة القاعده الحقيقيين. والذين استلاحوا كل الوسائل لاجل دعوتهم التي تبلورت بعد ذلك بدولة العراق الاسلاميه. والتي استباحت وكفرت كل مختلف عنها واعتمدت اسلوب الاغتيالات والتفجيرات الانتحاريه والمفخخات. والاعدامات المشهديه خاصة للاجانب من صحفيين وغيرهم. واستدعت ردا غربيا تبلور في التحالف الدولي ضد الارهاب . وتمت اضاعة البوصله في العراق فالكل يصارع الكل وجوديا والعراق دمر والشعب كله شهيد..
9. لم يخف على المتابع ان هناك قوى دوليه واقليميه. رضيت بدور القاعده بالعراق لخلط الاوراق ولتبرر تدخلها. سوار استخباراتيا او عبر القاعده نفسها او عبر جيوشها. فلم يخف الدور الايراني في احتضان القاعده بعد احتلال افغانستان. وتوجيه اعمالها ضد امريكا وحلفاءها فقط. وكذلك امريكا التي عملت لتضمن مصالحها عبر ادارة صراع الدم في العراق. وتارة تدعم الطرف الشيعي وتارة الطرف السني. وترعى كل الوقت الاكراد في شمال العراق. وتتحرك لصناعة التحالف الدولي لمحاربة الارهاب في العراق وبعده في سوريا. عبر الجو والذي يؤدي لصب الزيت على النار ودون حلول حقيقيه.. وكذلك الدور الروسي الذي عمل لاعادة صياغة المنطقه دعما للنظامين المستبدين في سوريا والعراق. عبر جسر امداد دائم من الدعم العسكري. والتدخل عبر الطيران خاصة في سوريا تحت دعوى الدفاع عن الانظمه الشرعيه ومحاربة الارهاب.. ذلك لتضمن مصالحها الاستراتيجيه ولو دمرت البلدين وقتلت وشردت الشعبين..
10. هناك شواهد تؤكد على الاختراق الامني للقاعده في العراق وبعدها في داعش. وهناك ايضا سماح غير مباشر لتواجدها ونموها وتوسعها. سواء عبر الانسحابات من المدن وتسليمها بعتادها وبنوكها وحقول نفطها في سوريا والعراق. وكذلك الافراج عن كوادرها بالسجون عبر عمليات مشبوهة اردفت القاعده بالالاف من المقاتلين الجاهزين في معركة القتل اليومي في العراق وسوريا. هناك الكثير من الشواهد والتأكيد صعب لكن العبرة بالاعمال. فالقاعده وداعش للان تخدم اعداء الشعب في سوريا والعراق اكثر مما تخدم الشعب بكثير…
11. عندما بدأت الثورة السوريه بالعمل المسلح في مواجهة النظام الاستبدادي السوري الذي استباح دماء الشعب السوري. سارعت القاعده في العراق لارسال كوادرها لسوريا لقتال النظام وتجهيز سوريا لتكون دولة اسلاميه على طريقة القاعده. وكانت جبهة النصرة التي عملت على الارض بتقيه.. فهي تعلن التحاقها بالقاعده بداية. وكانت على علاقة ايجابيه مع اغلب الثوار في سوريا. وابتعدت عن العمليات الانتحاريه التي تطال الناس المدنيين ورفضت القتل التكفيري. والتزمت نسبيا باجندة الثورة مع غيرها من ثوار الارض. واصبحت رقما مهما في الصراع مع النظام. خاصة بعد ان اصبحت جزء من جيش الفتح الذي كان له شرف تحرير ادلب وريفها.. لكن القاعده في العراق ببنيتها الفكريه والعسكريه لم ترضى عن النصرة وحاولت احتواءها. وفشلت وظهر الخلاف بين البغدادي والجولاني للعلن. ولم يستطع تدخل الظواهري ان يحل الخلاف واكد على كون القاعده في العراق هي للعراق فقط. وان النصره هي فرع القاعده في سوريا.
12. ظهر طور جديد بعد الخلاف بين النصرة والدوله الاسلاميه في العراق والشام داعش. التي اعلنت فك ارتباطها مع القاعده والظواهري. وكفرت النصرة وكفرت بقية الثوار وكفرت كل السياسيين السوريين. وهدرت دم الكل.. واعتبرت ان اولوية حربها هو مع النصرة والثورة بصفتهم مرتدين. واولوية محاربة المرتدين على محاربة الكفار. وتحركت داعش في سوريا في مناطق الثوار فاخذت اغلب دير الزور وامتدت لمدينة الرقه وريفها. واخذت مدينة تدمر وريفها. وتحاول التمدد في حلب وريفها. كما حاولت في ريف دمشق والقلمون والريف الحمصي. وجمدت صراعها مع النظام نسبيا. وركزت على حربها على الثورة السوريه وجبهة النصرة معها… وادى هذا لخلط اوراق شديد دولي واقليمي وفي ظرف الثورة السوريه. فالعالم وجد عذرة بتشكيل تحالفه الدولي لمحاربة الارهاب. وكذلك روسيا التي تدخلت في سوريا والعراق وبالقوة وضربا للثورة السوريه. تحت دعوى محاربه ارهاب داعش. واعيد انعاش آمال النظام الاستبدادي السوري ليكون طرفا في محاربة الارهاب وتقبله بكل جرائمه. والعمل جماعيا على محاربة الارهاب. وبداية ضياع الثورة السوريه وتغييب اهدافها وهدر كل الدم السوري وتضحيات الشعب دون جدوى…
13. لم تنتهي المشكله عندما توضح ارتباط جبهة النصرة بالقاعده سواء باقرار الظواهري او الجولاني. بل انتقلت لطور جديد. فاقرار الجولاني باعتبار النصرة فرع القاعده في سوريا. احرج الثورة التي قامت لقتال النظام الاستبدادي السوري. ورفع المظلوميه عن الشعب وبناء دوله العدل والكرامة والحريه والديمقراطيه وفقا لمطالب الشعب السوري. وليس لبناء الدولة الاسلاميه على طريقة القاعده. وليس لمحاربة امريكا. وليس لبناء دولة الخلافه عبر العالم كله. وهذا وضع النصرة امام خيار اما ارتدادها عن بيعتها للقاعده .والتحاقها بالثورة السوريه واجندتها. او بداية صراع ببني في الثورة السوريه قادم . والحرب من الروس والامريكان والتحالف الدولي ضد النصرة وداعش في سوريا. وكله سينعكس بالسوء على الشعب السوري وثورته…
14. ان وضوح الرؤيه حول داعش وتكفيريتها وعملها ضد الشعب في سوريا والعراق. وخدمتها المباشرة وغير المباشره لاجندات كل الاعداء. وقتلها للشعبين في سوريا والعراق يجعلها في موقع العدو الذي يجب محاربته واستئصاله. وكذلك بالنسبة للنصرة فامامها خيارات مفتوحة لاعادة تموضعها فكريا وسياسيا وعسكريا مع الشعب السوري وثورته.وفك ارتباطها الفكري والتنظيمي مع القاعده. او هي اقرب لان تكون الهدف القادم في الصراع. وخاصة ان اغلب منتسبيها من الشباب السوري الذي قام لنصرة شعبه وثورته. وليس لنصرة القاعدة واجندتها. اما ان تتجاوز سلبياتها او الصراع قادم والخاسر هو الشعب السوري. ومهمة الثوار والسياسيين والمفكرين العمل لمنع هذا الصراع الضار على كل الاصعده ..
15. ان تتبعنا لمسار القاعده وبعدها داعش والنصرة. واقتفاءنا للبينية الفكريه والحركيه لها. لا يلغي ان نراها ضمن لعبة السياسه العالميه والاقليميه. وانها شاءت او رفضت هي جزء من اجندات هذه القوى والدول. بعضعا صانعها والكل يستخدمها.. ونعترف ان الحساب الختامي للفكر الجهادي العالمي ولعمله العنفي كان سيئا على الشعوب الاسلاميه وخاصة العربيه. سواء لجهة وصم الاسلام بالعنف والاجرام. او لتبرير تدخل كل العالم عندنا واستباحة بلادنا ودماءنا. او تحويلنا في كل العالم لمتهمين مفترضين كارهابيين او رعاة ارهاب. بينما لم تنجح هذه الحركات في ان تصنع اي نموذج حياتي او تنظيمي مقبول. بل هي تتوغل اكثر في الوحشيه والعنف واستباحة دماء واعراض وحقوق كل الناس…
.اخيرا معركتنا كشعب وثورة سوريه متعددة الاوجه. فهي:
. تنويريه اسلاميه علميه. تسترد الاسلام من محتليه . واعادته كرساله من رب الناس للناس. للعمل وفق مقاصدية الاسلام لبناء حياة الحريه والعدل والكرامة الانسانيه والحياة الافضل والتقدم.. وهي مهمة مفتوحه دائما..
.ومعركتنا ايضا باستمرار ثورتنا على النظام الاستبدادي المجرم الذي قتل وشرد واعتقل بالملايين. ودمر اغلب سوريا. وحولنا لمجرد بشر لا يحصلون ادنى حقوق وجودهم الانساني.
.ومعركتنا مستمره مع كل الاحتلالات المناصرة للنظام والتي لولاها لسقط من زمن بعيد. روسيا وايران وحزب الله والمرتزقه الطائفيين. اعداء على الارض السوريه يقتلون الشعب السوري. معركتنا للتحرر منهم .
.ومعركتنا مع كل الدعوات التقسيميه المتسترة بادعاءات حقوق الاقليات او الاثنيات او المذاهب او الاديان. وال ب ك ك الكرديه و ال ب ي د وقوات سوريا الديمقراطيه نموذجها يقتل ويشرد كتطير عرقي. ويخدم اجندة النظام وروسيا والتقسيم في سوريا وبرعاية امريكية عبر الصمت الدولي…
.معركتنا مستمرة لاسترداد حريتنا وحقنا بالعيش الكريم وبناء العدل والحياة الافضل وبناء دولتنا الديمقراطيه دولة المواطنة المتساويه والحقوق والحريات والقانون وتداول السلطه..
.دولة انسانية الانسان.. وانها لثورة حتى النصر..