بعد نحو ستة أشهر من كارثة زلزال 6 فبراير/ شباط الماضي، ظهرت مشاكل جديدة تحتاج إلى معالجة مستعجلة كي تعود الحياة إلى سابق عهدها في مناطق الشمال السوري، من بينها الأضرار التي لحقت بخطوط الصرف الصحي، ما يزيد مخاوف الناس من احتمال تسرّبها إلى مياه الشرب، وينذر بانتشار الأمراض.
يقول رئيس المجلس المحلي في مدينة أرمناز، فراس دنون، لـ”العربي الجديد”: “كنا نعاني في الأساس من تسرّب مياه الصرف الصحي إلى آبار، وبتنا بعد الزلزال نخشى مخاطر تضرّر خطوط رئيسية للصرف الصحي، وزيادة تسرّب المياه الملوّثة، ما يفاقم انتشار مرض الكوليرا الذي يعاني منه السكان منذ مدة”.
بدوره، يقول حامد العمر، وهو من أهالي أرمناز، لـ”العربي الجديد”: “تدمرت خطوط كثيرة في شبكة الصرف الصحي التي توصل المياه إلى المنازل، وتواجه تلك الصامدة مخاطر استمرار الهزات الارتدادية”.
وفي مدينة حارم بريف إدلب، تزداد مخاوف الأهالي من تضرر خطوط الصرف الصحي، علماً أنهم اضطروا قبل الزلزال إلى تجنب شرب المياه السطحية بعدما أصدر المجلس المحلي تعميماً تحدث عن تلوّثها بسبب تسرّب مياه الصرف الصحي إليها.
ويقول رائد العبد الله لـ”العربي الجديد”: “تشتهر حارم بوفرة مياهها السطحية التي شكلت نعمة للأهالي في الماضي، ثم نقمة أخيراً بسبب سهولة وصول الملوّثات إليها، وهو ما يخشونه بعد الزلزال، ما يحتم بحثهم عن مصادر بديلة للمياه”.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، طالب فريق “منسقو استجابة سورية”، في نداء وجهه إلى المنظمات الإنسانية العاملة في شمال غربي سورية، بإصلاح الأضرار الموجودة في شبكة الصرف الصحي بمدينة حارم من أجل منع اختلاطها بمياه الشرب. وذكر بيان أصدره حينها أن “عدد الإصابات بمرض الكوليرا في حارم بلغ 109، نسبة 42 في المائة منها في صفوف النازحين”.
لكن رئيس مجلس حارم، محمد السيد علي، يصرّ على أن مخاوف الأهالي غير مبررة بالكامل، ويقول لـ”العربي الجديد”: “لم نرصد حتى الآن أضراراً كبيرة في خطوط الصرف الصحي، لكن ذلك لا يعني أنها سليمة، إذ يجب نقل كميات من الأنقاض لفحصها”.
ورصدت وزارة الإدارة المحلية تضرّر 67 خطاً للصرف صحي في مناطق الزلزال، ويقول مسؤول العلاقات العامة في الوزارة، محمد غزال: “إذ لا يمكن تأكيد سلامة الخطوط عبر المعاينة بالنظر فقط، علماً أن غالبية مشاكل الخطوط المتصدعة تظهر بعد فترة من الزمن، وبعد حدوث التسرّب”. لكن مصادر أهلية ترجح أن تكون الإحصاءات الأولية للأضرار غير دقيقة.
وليس الحال أفضل في مناطق أخرى، إذ رصد أهالي منطقة الأتارب بريف حلب أضراراً كبيرة في خطوط الصرف الصحي يكلّف إصلاحها الكثير من الوقت والمال. ويقول عبد اللطيف عرابي لـ”العربي الجديد”: “رصدنا وجود تسرّب في خطوط الصرف الصحي داخل منازل، علماً أننا لم نكتشف هذه المشكلة فور وقوع الزلزال بسبب ابتعاد الناس عن المنازل لفترة، وقلة وجودهم لاستعمالها. وتبدو المشاكل أكثر وضوحاً اليوم بعدما بدأت بقع المياه تظهر على الجدران نتيجة وجود نش من خطوط متكسرة”. يُضيف: “سيُضعف استمرار المشكلة تماسك الكتل الإسمنتية، لذا يجب التحرك بسرعة لتكسير الأرضيات واستبدال الخطوط التالفة وإعادة ترميمها”.
من جهته، تعرّض سامي العلي لمشكلة مشابهة في مدينة سرمدا إثر انسداد خطوط الصرف الصحي وفيضانها داخل منزله بسبب الضغط، ما أتلف مفروشات، ومنعه من استعمال البيت حتى حلّ المشكلة.
ويروي سكان مناطق منكوبة بالزلزال أن تجاربهم ومعاناتهم السابقة مع القصف تجعلهم شبه متأكدين من عدم سلامة خطوط الصرف الصحي، وتسرّب المياه الملوّثة إلى آبار الري وخطوط مياه الشرب. كما أنهم مقتنعون بأن الضغط الذي تسبب به الزلزال على طبقات الأرض يفوق قوة القنابل والصواريخ، فلا بدّ من أن تظهر مشاكل في هذه الخطوط لاحقاً، علماً أنها مخفية تحت باطن الأرض، وتستحيل معاينتها كلها”.
ويفيد تقرير نشرته منظمة الصحة العالمية بأن “نسبة 1.4 في المائة من الأشخاص عانوا أو يعانون من إسهال سببه مياه ملوّثة، علماً أن المياه الجوفية تتسبب في وفاة 1.8 مليون شخص سنوياً”.
وكانت منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) تحدثت عن ارتفاع وفيات مرض الكوليرا إلى 21 والمصابين إلى 567، وطالبت بإجراء فحوصات مستمرة لموارد المياه في إدلب، علماً أن عدد العائلات المتضررة من الزلزال يقدّر بنحو 334821 يتجاوز عدد أفرادها 1.8 مليون.
المصدر: العربي الجديد