بعد مسيرة مرتزقة مجموعة “فاغنر” الروسية إلى موسكو التي جرت في الفترة من 23 إلى 24 يونيو/ حزيران من هذا العام فتحت مينسك أبوابها أمام المقاتلين. وبني حديثاً معسكر ميداني قرب بلدة أوسيبوفيتشي لإيواء ثمانية آلاف من قوات فاغنر ليتدربوا هناك ويقوموا بتدريب الجيش البيلاروسي. ما وراء قرار نقل أشهر شركة عسكرية روسية إلى بيلاروسيا؟ على الرغم من إعلان بريغوجين عن نقل قوات فاغنر إلى إفريقيا، القارة التي باتت مكاناً معتاداً بالنسبة إلى المرتزقة الروس لأداء الخدمة العسكرية، فمن الواضح أن أوروبا، في المقام الأول دول الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي المجاورة لبيلاروسيا وهي ليتوانيا ولاتفيا وبولندا، قد تواجه تهديداً جديداً هجيناً. ما كان الكرملين بحاجة إلى نقل المرتزقة إلى بيلاروسيا للتدرب نظراً لوجود عدد كافٍ من ميادين التدريب العسكري والمجندين المحتملين في روسيا نفسها. ويبدو أن بوتين يريد نقل جيش من القتلة المدربين إلى الحدود مع أوروبا يمكن استخدامه كأداة لزعزعة استقرار المناطق الحدودية لدول الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي مع بيلاروسيا.
لقد أصبحت الجيوش الخاصة الروسية بالفعل نوعاً من الظواهر العسكرية بحيث يمكن لمجموعة صغيرة الحجم وجيدة التسليح غير منتمية إلى القوات النظامية أن تؤدي المهام القتالية بشكل أكثر فاعلية، وخاصة خوض المعارك الحضرية، فضلاً عن ممارسة الإرهاب وارتكاب جرائم حرب لإثارة الذعر وإحباط معنويات السكان المدنيين. سبق أن ظهر في يونيو/ حزيران 2017، مقطع فيديو لمرتزقة روس من مجموعة فاغنر يقومون بتعذيب مواطن سوري بوحشية وقطع رأسه وحرقه. ونظراً لعدم انتماء المجموعة إلى الجيش الروسي النظامي، في حال غزت قواتها أراضي بولندا أو ليتوانيا المتاخمة لبيلاروسيا فيطرح السؤال حول إمكانية تطبيق المادة 5 من ميثاق حلف النانو.
ولذا، قد يصبح المرتزقة الروس مصدراً للتهديد الهجين على أوروبا بحيث يمكنهم تحقيق اختراقات باستخدام مجموعات استطلاعية تخريبية صغيرة. كما يمكن استخدام المرتزقة للاستيلاء على مرافق مختلفة إستراتيجية للبنية التحتية، على سبيل المثال محطة ريفني للطاقة النووية في أوكرانيا. كما علم أن مرتزقة مجموعة فاغنر شاركوا في الاستيلاء على مناجم ملح سوليدار بمقاطعة دونيتسك. لذلك، فإن استخدامهم في الاستيلاء على منشآت مماثلة في أوكرانيا والدول الأوروبية المجاورة لبيلاروسيا أمر محتمل.
لم يأخذ الغرب النوايا العدوانية الروسية مأخذ الجد واليوم قد يواجه تهديداً هجيناً قرب حدوده. يتعين على الناتو بصفته المنظمة العسكرية الرئيسية في العالم المعاصر اتخاذ خطوات لازمة رداً على التهديدات الناشئة في الوقت المناسب ومنها تعزيز الإمكانات العسكرية لدول البلطيق وبولندا. وبدورها، يجب أن تتلقى أوكرانيا، التي أيضاً تواجه هذا التهديد على حدودها الشمالية، الأسلحة اللازمة وهي الطريقة الوحيدة لوقف المرتزقة الروس. في ظل وجود التهديد الروسي واسع النطاق لا بد من تعزيز الحدود بين الاتحاد الأوروبي وبيلاروسيا وفعل الغرب كل ما في وسعه لحماية أراضيه.
المصدر: polskienowiny.pl