هذة القصيدة من ديوان (بكامل ياسمينها الصادر في طبعته الثالثة عام2015)
للشام حزنُ الماس إذ يقسو الهوى
وغرام ما تهفو القساوة حين يغويها الحَزَنْ .
هي فرحة ُ النسرين ِ ما استهدى القطا
وبلاد ُ ما بين النداوة ِ والطراوة ِ والشَجَن ْ .
* *
وشاّمتي فيروزُ ما قبل التشكّل ِ والتجمّل ِ
وانتماء ِ الدّر للألق الفريد ِ علىَ الزمنْ .
وترصدُ النَسَمَ المُشاكس في مساءات الليالي
إذ تهفهف ياسمينَات ُ البيوت ِ
يهبُّ كي يحوي التغنج َ فرط َ ما رصدَ الرشاقة َ وافتتنْ .
* *
والشام لاتغفو
فذاك هديلها ويمامُ ما تتعثر الأقدام في أرض الديار ِ
بأجنح العطشى وما روّى الغليلَ , وما تآنس واقترنْ .
* *
والشام لو حَمَلَتْ نساءُ الأرض قاطبة ً
وغطّتْ بالأمومةِ جُرحَ ( أوزون ) المواتِ وما وَهَنْ
كانت شآمي وحدها أمَّ الحياة ِ
لفرط ما تحنو ويأويها يمام مطمئن ,
غيرُ النباتات التي
في أي زيتون ٍ يكادُ يضيء – قبل القطف من دمها – الفننْ.
* *
بالشام يعلو الغيمُ من ورع التقى ,
والى تراب صلاتها يدنو التَصوّفُ كلما
جفنٌ تهيّمَهُ من العشق الوسنْ .
* *
والشام ما جَمَعَ الحبيبُ بذهنه عَذْبَ الكلام ِ الحلو ِ
من سلوى ومَنّْ .
ليذوب في اللقيا
وينسى روحه
ينسى الكلام وأين , كيف, متى , ومَنْ.
* *
والشام لو عثرت خطاي هنيهة ً
نفضتْ غبار تعثري
من لهفةٍ أهدتْ لروحي قبلة ً
ولمشيتي وزنا وقافية وإيقاعا ً وفنْ .
ستُّ الورود البيض ِ لاتُنسى فَمنْ
لاقى على درب الحرير بخورها وتمورها
وحريرها وعبيرها
شَحَنَ البضائع كي يقايضَ وانشحنْ .
* *
والشام ياليت الذي ما زارها
أو شمَّ من شرفاتها أزرارها
يدري ويلمس كيف أن نهارها
يمتد من فوق التمنّي عنده
ليذوق في أسماعه طعمَ الوطنْ .
* *
والشام لو تدعوكَ في الصبح الندي ِ لقهوة ٍ
جلبت بومضة طرفها وعذارها
نجدا ً تفوح بهيلها وعرارها
تسري لتـُلقي بين كفّيك اليمنْ .
* *
والشام أرضعت المدنْ ,
إذ لاتهون مدينة ٌ مرّتْ بثدييها لحين ٍ لا ولنْ .
ولكم أراها للغزاة ِ كمثل ما
جلستْ تغنّي جدتي
ويفرُّ من حول الرحى بيمينها
حَبُّ تطاير وانسحنْ .
* *
هذي شآم الوارفينْ
هذي شآم الفلِّ و الشعراء ِ مذ وُجِد الكلام مدمشقينْ
والله لو طحنوا الحجارةَ والرُقى
لشممتَ فوحَ الهيل ِ في السوق ِ العتيق ِ
على هفيف السائحينْ
في آخر الدنيا بهم
مسكٌ ونعناعٌ تيبّس مرة ً
لكن ينعمهُ الحنينْ .
هذي الشآم الزنجبيلُ وجوْزةُ الطْيب ِ
المضّمخ ِ من أيادي الطَيبينْ .
هذي الشَـاَم اللونُ والكونُ المدوّنُ في سجلَّ الفاتحينْ .
هذي ِ التي بجنانها قد قال رب العالمينْ:
( والتين و الزيتونِ… والبلدِ الأمينْ ) .