على كثافة المعاني التي يطرحها المقال فقد كان ملفتا أن يجعل للمقابلة بين أوهام ورؤى حسن نصر الله، وبين آفاق ونواتج الجامعة الأمريكية واليسوعية، ولا يرى البعد الثالث من الصورة وهو المتجسد علميا بجامعة بيروت العربية ودلالاتها ودورها في إظهار وجه بيروت ولبنان العروبي الأصيل.
ولعل مما لفت أيضا أنه أدخل على حديثة عن انتفاء التمييز في جانب الجامعة الأمريكية مصطلح الجندرية جنبا إلى جنب مع مصطلح الطائفية والمناطقية والمذهبية …الخ، وإدخال هذا المصطلح لا يأتي بكل عفوي ولا يعبر عن براءة في العرض، وإنما وضع المصطلح في مكانه وبشكل مقصود، وهذا المصطلح يختزن في عمقه كل مفاهيم الشذوذ الجنسي، “المثلية بأشكالها”، وتدمير العائلة من خلال اصطناع أشكال موهومه للعائلة قائمة على ذلك الشذوذ.
ولعل ما يدعم احساسنا بأن هذا كله مقصود أن يطرح في غياب مقصود أيضا لذكر جامعة بيروت العربية، وبتزامن من إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن أن ” الولايات المتحدة” باتت “أمة المثليين”، أي أمة الشذوذ الجنسي، مجتمعا، ومفاهيم وقيما، وملجأ، وقبل ذلك وبعده قوة دولية تعمل وتريد أن تفرض قيمها الشاذة على العالم ، أي “عولمة هذه القيم”، لتصبح هذه قيم الاستعمار الثقافي الجديد.
إن حسن نصر الله، وممثلي هذا الفكر يتنافسان على تدمير مجتمعاتنا، وجرها إلى الضياع، إلى خارج ميدان التأثير الحقيقي لها، وهو الميدان الذي يتجلى في هويتها الحضارية “العربية الاسلامية”، وفي مشروعها لبناء دولة تتحمل عبء بناء هذا المشروع في محيطها العربي والاسلامي، والعالم الثالث، لتشع بذاك على العالم كله، وإذا كانت ظروف وطنني العربي الراهنة محبطة، فإن هناك فرصا جدية تلوح في الأفق، إضافة فإن مصائر ومشروعاتها لا تبنى ولا تتوقف على مراحل الاحباط والهزيمة وإنما على ما تختزن كل أمة من امكانات وفرض ومقومات مادية وقيمية، ومن تاريخ داعم.