قضى 15 سورياً غرقاً فجر الإثنين الماضي قبالة السواحل الجزائرية أثناء سفرهم على متن قارب باتجاه السواحل الإسبانية.
وينحدر معظم المتوفين من مدينة كوباني السورية وأربعة آخرون من مدينتي عفرين ورأس العين، فيما نجا الطفل محمود محمد رشو (17 سنة) بعد تمكنه من السباحة لساعات وإنقاذه من قبل صيادين جزائريين.
الهجرة عبر البحر
وتحدث محمد رشو، والد الطفل الناجي من مدينة كوباني، لـ “اندبندنت عربية” عن ظروف غرق المركب بعدما روى ابنه ما جرى في الرحلة، إذ كان رفقة ثلاث عائلات كردية وأشخاص آخرين قصدوا الجزائر بغية الهجرة عبر البحر إلى الدول الأوروبية.
وذكر رشو على لسان ولده أن هذه العائلات استعدت للسفر فجر الإثنين الماضي وانطلقت من سواحل ولاية تيبازة نحو البحر، وكان عدد الركاب 18 شخصاً بمن فيهم نساء وأطفال رضع، “لكنها بعد الإبحار بنحو 20 كيلومتراً عادت للشاطئ وحملت ستة جزائريين آخرين وأبحرت من جديد”.
وأضاف رشو بحسب رواية ولده أنه بعد قطع نحو 30 كيلومتراً في عرض البحر بدأت السفينة بالغرق في الماء، مما دفع الركاب إلى إلقاء أنفسهم مع أهاليهم وأطفالهم وأمتعتهم وسط العتمة في مياه البحر المالحة.
صدمة الغرق
لحظات عصيبة عاشها الطفل لدى غرق المركب الذي كان سيقلهم إلى الشواطئ الأوربية، وأثناء محاولته النجاة سمع محمود صراخ أحد رفاقه الذي كان يغرق ويقول له “أنقذ نفسك وأكمل السباحة”، وهو صوت لا يزال محمود يسمع صداه في أذنيه حتى الآن، حيث يرقد في الاحتجاز في مستشفى سيدي غيلاس غرب ولاية تيبازة.
كما أخبر محمود والده من خلال اتصال هاتفي عبر أحد الصيادين الذين أنقذوه، أنه سبح لـ 20 كيلومتراً بمساعدة سترة الإنقاذ فقط، لكن جسده تعرض للحرق بفعل أشعة الشمس والمياه المالحة والوقود المتسرب من القارب الغارق، مضيفاً أن الصيادين انتشلوه وبعدها فقد وعيه جراء التعب وابتلاعه مياه البحر.
مناشدة لإعادة ابنه
وقال والد محمود إنه يريد استعادة ولده بأية طريقة، و”يملك صوراً لبطاقته الشخصية وجواز سفره”، وأنه يريد أن يكمل علاجه في المنزل ويكون قريباً من عائلته التي تعيش صدمة الحادثة.
كما ناشد الوالد السلطات الرسمية بذل الجهود والتسهيلات لإعادة ولده إلى مدينة كوباني في أقصى شمال سوريا.
جثث في المستشفى
من جهتها أعلنت وسائل إعلام جزائرية أن خفر السواحل انتشل أربع جثث للغرقى نقلت إلى مستشفى سيدي غيلاس، فيما واصلت فرقة غطاسي الوحدة البحرية للحماية المدنية بشرشال البحث عن مفقودين في البحر شمال بلدية الأرهاط بدائرة الداموس.
غير أن مصادر محلية في شمال شرقي سوريا، واستناداً إلى ذوي الضحايا، ذكرت أن 15 جثة وصلت إلى المستشفى ذاته وهي بانتظار نقلها إلى سوريا.
“المهجرون يغرقون معاً”
وطاولت مأساة الغرق أيضاً شيار خليل، الثلاثيني الذي فر من المعارك التي شهدتها مدينته عفرين أثناء العملية العسكرية التركية “غصن الزيتون” عام 2018، إلى مدينة القامشلي في أقصى شمال شرقي سوريا، حيث استقر فيها رفقة زوجته وطفله الرضيع، لكن رصاصة طائشة أنهت في صيف عام 2021 حياة زوجته أثناء الاحتفال بنجاح طلاب الشهادة الثانوية العامة، ليعيش شيار وابنه وحيدين إلى أن تزوج لاحقاً بسيدة نزحت هي الأخرى من مدينة رأس العين، ورزقا أيضاً بطفل.
وبسبب الأوضاع الاقتصادية والرغبة في حياة أفضل قرر الزوجان الهجرة إلى إحدى الدول الأوربية، واستقر بهم الترحال في الجزائر حيث كانوا يأملون في الانطلاق منها نحو إحدى الدول الأوروبية، لكن رحلتهم انتهت في مركب الهجرة هذا، والعائلة انتهت رحلتها داخل ثلاجات الموتى بمستشفى سيدي غيلاس الجزائري، بانتظار إعادتها للمكان الذي فرت منه.
المصدر: اندبندنت عربية