إنهاء القتال في السودان.. اختبار لدبلوماسية الدولار الخليجية

اعتبر جيمس دورسي، كبير الباحثين في كلية “إس راجاراتنام” للدراسات الدولية التابعة لجامعة “نانيانغ” التكنولوجية بسنغافورة، أن إنهاء القتال في السودان يمثل اختباراً لقدرة دول الخليج على استخدام “دبلوماسية الدولار” لإقناع الأشقاء العرب الأفقر بالتوافق مع سياسات دول مثل السعودية والإمارات.

ومنذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي، يشهد السودان قتالا بين الجيش بقيادة الفريق عبدالفتاح البرهان وقوات “الدعم السريع” شبه العسكرية، بقيادة محمد حمدان دقلو (حمديتي)؛ مما أودى بحياة أكثر من 600 مدني وأصاب ما يزيد عن 51 ألف، إلى جانب نزوح حوالي 700 ألف.

وقال دورسي، في تحليل بموقع “مودرن دبلوماسي” الأمريكي (Modern Diplomacy) ترجمه “الخليج الجديد”، إن “دول الخليج تخشى أن يستمر القتال بين الجيش والدعم السريع؛ مما قد يشعل حربا أوسع في البحر الأحمر تهدد مصالحها الاستراتيجية”.

والخميس، توصل الطرفان خلال مباحثات في السعودية إلى اتفاق بشأن تدابير إنسانية لتخفيف معاناة السكان، فيما تتواصل المفاوضات المباشرة بينهما على أمل التوصل إلى وقف لإطلاق النار وحل النزاع عبر الحوار.

وبين البرهان وحميدتي خلافات أبرزها بشأن المدى الزمني لتنفيذ مقترح لدمج “الدعم السريع” في الجيش، وهو بند رئيسي في اتفاق مأمول لإعادة السلطة في المرحلة الانتقالية إلى المدنيين، بعد أن انقلب عليهم البرهان، حين كان متحالفا مع حميدتي، عبر فرض إجراءات استثنائية في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، أبرزها حل مجلسي السيادة والوزراء وإعلان حالة الطوارئ.

اليد العليا

و”في إشارة إلى أن أيام المحادثات لم تقرب بين الجانبين، لم يتصافح المفاوضون، العميد البحري محجوب بشرى أحمد رحمة، والعميد عمر حمدان، شقيق حميدتي، بعد التوقيع على وثيقة إعلان المبادئ في جدة”، بحسب دورسي.

وأضاف أنه “مع اقتناع الطرفين بأن لهما اليد العليا، ليس لدى أي منهما حافز لتطبيق وقف طويل الأمد للقتال، وحتى الآن لم يلتزم الجيش ولا الدعم السريع بالعديد من اتفاقات وقف إطلاق النار”.

وقال دبلوماسي سعودي إن “الوقف الدائم لإطلاق النار ليس مطروحا على الطاولة، كلا الجانبين يعتقد أنه قادر على الفوز في المعركة”.

وأردف دورسي: “لا يوجد لاعب خارجي، السعودية والإمارات ومصر والولايات المتحدة وروسيا، يريد إطالة أمد الصراع، حتى لو دعم معظم اللاعبين الجيش والدعم السريع في جهودهما لإحباط الانتقال إلى الحكم المدني بعد الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بالرئيس عمر البشير (1989-2019)”.

واستدرك: “مع ذلك، فإن مصر، التي تعتمد على المساعدات المالية والاقتصادية الخليجية، والإمارات لديهما علاقات طويلة الأمد مع الأطراف في السودان، على الرغم من إصرار القاهرة وأبوظبي على أنهما لم تنحازا لأي طرف”.

وتابع أن “رؤية القاهرة للسودان تدفعها إلى دعم البرهان والجيش كحليف لا غنى عنه في نزاعها الطويل مع إثيوبيا حول سد النهضة المثير للجدل، بينما لطالما عملت الإمارات مع حميدتي”.

وأردف أن “حميدتي أرسل مرتزقة للقتال في اليمن، (ضمن تحالف عربي منذ 2015) بقيادة السعودية (تشارك فيه الإمارات)، ووضع نفسه كحصن ضد الإسلاميين الذين هيمنوا على حكومة البشير ويعتقد أنهم مؤثرون في الجيش.

ومضى قائلا: “كما تسهل الإمارات صادرات الذهب المربحة لحميدتي عبر دبي، وفي الوقت نفسه، أبقت خطوطها مفتوحة مع الجيش والبرهان”.

وأفادت وسائل إعلام عربية بأن الإمارات، وفي ظل مخاوف من انهيار محادثات جدة وتصعيد القتال، سعت ماليا إلى إغراء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الذي تعاني بلاده من أزمة اقتصادية متفاقمة وغير مسبوقة، للتراجع عن دعمه للبرهان، وفقا لدورسي.

المصدر | جيمس دورسي/ مودرن دبلوماسي – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى