مرت الذكرى الثانية عشرة للثورةالسورية المباركة، وهذا الانفجار المجتمعي الكبير، الذي جاء نتيجة الضغط الذي ولّد الانفجار بلحظة تاريخية، وهو حالة حتمية لكل ما عاشه ويعيشه هذا الشعب، ومن اللامنطقي طرح تسويات دون إزالة أسباب هذا الانفجار.
انطلقت تلك الثورة بعناوين حضارية، ثم ما لبثوا أن أغرقوها بالمشاريع الضيقة والصغيرة وكل الأمراض والأهداف الفكرية الأيديولوجية الضيقة المريضة، وبقيت تلفظ هذا الخبث مرة تلو مرة، دون إنصاف حقيقي لمطالب هذا الشعب المحقة، ونتيجة مطالب هذا الشعب، مُورست ضده كل الانتهاكات لجبره وعودته لبيت الطاعة مسلوب الحقوق الإنسانية البشرية البسيطة، وبنفس الوقت بقيت البنية الداخلية للقوى الوطنية بُنى ضعيفة وهشة، تتجاذبها الصراعات الفكرية والمكسبية، والأهداف الدولية.
وبقينا بحالة استهجنت دور الضحية، وحالة من التشتت والتفرق والتحطيم الذاتي والتآكل الداخلي، دون تدعيم حالة البنية الداخلية وفرض قيادة حقيقية فاعلة تمتلك الخبرة والقدرة القادرة على تغيير قواعد الصراع التي تم تثبيتها بصورة مضرّة بسورية والسوريين، وحتى بالمنطقة، وتستنزف ما تبقى، وتحولت لحالة التدمير الذاتي نتيجة الجمود السياسي، وانسداد أفق الحل، وهناك شعور عام بضرورة تغيير هذا الواقع لكن دون معرفة حقيقية أو قدرة على تغيير هذا الواقع، فبقيت بحيز الرغبات في عالم التنظير والمحاولات غير الجادة أو غير الصحيحة.
بعد كل هذه السنين نحن أحوج ما نكون إلى ذهنية جريئة بالتفكير والتنفيذ
فالثورة ليست هدف بذاته، وإنما هي وسيلة لتحقيق هدف، وقد انحرفت المفاهيم لجعل الثورة هدف بذاته.! بل هي حقيقة أداة تغيير، تُستعمل بها كل الأساليب لتحقيق هذا الهدف من التغيير خلال زمن لا ينبغي أن يطول، وإلا ستكون ارتداداتها سيئة.
واليوم تحولت الساحة السورية إلى حالة الدولة الفاشلة في سورية، تعاني من فشل إداري ذريع في الجغرافيات الثلاث أو الأربع المتمركزة في سورية، وهذا خلق فراغ أمني كبير بات يهدد المنطقة ككل، وهو أسوأ حالة حصلت في المنطقة، مع انسداد أفق الحل ودون مبادرات وخطوات جادة وجريئة للبنية الداخلية لقوى الثورة والمعارضة.
لذلك أقول وفي هذه الذكرى، أن علينا دور كبير لإيصال صوتنا وأن المبادرات لابد أن تنصف السوريين لتكون واقعية قابلة للحياة.
وآن الأوان لقوى المعارضة أن تلملم جراحها وطاقاتها، وتتوقف عن حالة التحطيم الذاتي، والتآكل الداخلي، لتثبت قدرة وإمكانية وحضور بظل ما يجري وسيجري.
قضيتنا قضية حق وقضية عادلة لكنها تحتاج مدافعين أكفاء، وسعي حثيث جاد.
والعالم يحترم القوي والمنظم، ومن هو قادر أن يمنح مصلحة ويحترم صاحب الإرادة المصمم على هدفه.
أما بحالة الترهل هذه والتعثر فندور في حلقة الضياع، وصحيح أن السنين طالت لكن الفرص أكبر في ظل دولة تتعثر في أن تؤمن وقود وبصل للشعب.!
حتى صارت مثالاً للتندر، لكن هذه الفرصة تحتاج قوى ببنية منظمة وقوية قادرة تستفيد من كل الظروف لذات الهدف.
المصدر: إشراق