لماذا اخترنا الديمقراطيه…للدولة والمجتمع..؟ ليس حديثا نظريا.وليس ترفا.. انه من صلب الثورة السوريه…

أحمد العربي

اولاً . هناك لغط مقصود.حول كثير من المفاهيم.مثل الديمقراطيه والعلمانيه.والارهاب والدوله الدينيه.والاقليات.وحقوق الانسان..انه برج بابل معاصر يخلط الحابل بالنابل.ويحضرة مع القتل والتدمير وضياع الاتجاه.ويدفع الكل للانخراط بالتفاعل.عن (علم وجهل). وتحويل كل ذلك لمعركة موازيه لمعارك الواقع.( واشد شراسة احيانا).وبديلة عنه ايضا.واهم نتيجة لهذا اللغط هو فقدان الرؤيه وتضييع الجهد..وخلق صراعات عبثيه. تخدم الاعداء في صراع الوجود في ثورتنا.للحريه والكرامة والعدالة والدولة الديمقراطيه…

ثانياً . الديمقراطيه.كتعبير ومفهوم قديم من الاف السنين..وتراكم له معنى في الذهن الجمعي.(حكم الشعب نفسه وبنفسه ولنفسه.).طبعا لم تكن الديمقراطيه كواقع.بنصاعة المفهوم نظريا. والتطبيق اصابه ككل فكرالعطب والتشويه والاستخدام السيئ ايضا..هذا واصبحت الديمقراطيه..بعد مضي الزمن والتجربه.مفهوما مقننا ومحددا ومتوافق على مضمونه..اصبح يعني مرجعية الشعب بالحكم..وان المجتمع متوافق على دستور يرضي ويحقق مصلحة الجماعة الوطنيه .وان يكون هناك قانون يضبط الحياة الجمعيه.وان السلطات الثلاث.التشريعيه والتنفيذيه والقضائيه..منفصله عن بعضها ومتكامله بدورها ومحكومة بالانتخاب ومرجعية الشعب بدستورة .وقانونه ومجلسه النيابي.وان السلطة التنفيذيه.تتبع مطلقا للسلطه التشريعيه.ويضبط الكل القضاء العادل..ويعود كل ذلك للشعب مصدر السلطات في الديمقراطيه..وتداول للسلطة في زمن محدد متوافق عليه.وصحافة حرة تمثل ضمير الجماعة الوطنية في متابعة الموضوعات الاجتماعيه..ومجتمع مدني واهلي حي..يمثل رديفا للدولة في الاهتمام بالصالح العام..كتكامل وتفاعل…كل قضايا المجتمع تحت خيمة الحريه .فالجمعيات والنوادي والنقابات والمنظمات الخاصه والعامه كلها لها حق الوجود والفاعليه..طالما هي ضمن الدستور والقانون ومصلحة الجماعة الوطنيه المتوافق عليها…هو مجتمع نموذجي تطمح الانسانية له…
.لكن كيف وصلنا الى هنا..؟…ماهي الملابسات..؟

ثالثاً . لم يكن تاريخ العلاقات داخل الجماعات وفيما بينها.بالصورة المطلوبة.كتعامل يحقق داخلها الحرية والعدل والصالح العام. فالسلطة عبر التاريخ..هو هيمنة عصبة على مقدرات المجتمع وبالقوة واستخدامها للمجتمع لصالح هذه العصبة ..وكذلك بالصراع مع الاخر كمجتمعات اخرى ودول..وفي كل الاحوال.كان الناس (عموم الناس) هم الضحايا..وكانت هذه السلطات تغطي نفسها دوما..بشرعية ما .دينية او دنيويه..لتبرر قهر جماعتها الوطنيه.او الاعتداء على الغير واستغلاله..ولم يسلم اي فكر او دين بالتاريخ من هذا الواقع.فالمسيحية والاسلام واليهودية(المعاصرة). واللبرالية والشيوعية والقومية ..كلها استخدمت ادوات (شرعية) بيد الانظمة وهي توغل بدم شعوبها..والشعوب الاخرى ايضا…لذلك كان البحث عن ضابط للدولة خارج وفوق كل العقائد..ويحقق مصلحة الجماعة الوطنيه..وكانت الديمقراطيه كمفهوم اجرائي..ممكن تطبيقه في اي مجتمع وكائنا ما كانت افكار شعبه..لان كل العقائد والاديان.تتفق بالعمق على الصالح العام والخير والحرية والعدالة وكرامة الانسان والحياة الافضل…

رابعاً . في تاريخنا العربي الاسلامي.ومن بعد عصر الرسول الكريم .والخلافة الراشده.دخلت الدولة(الاسلاميه) تحت سيطرة العصبة (امويين وعباسيين ودول المماليك والفاطميين وغيرهم.. والعثمانيين اخيرا).التي استخدمت الدين وعنفوانه النفسي وعمقه المجتمعي.لتصنع هيمنتها ومصالحها الخاصة..ومفاسدها ومجونها..تتدرع بالدين يحميها وفقهاء سلطان ينظرون لها..وهي في غيها مستمرة..لا يغطي عليها امتدادها في الارض .(لنشر الدين).فكل الجماعات انتشرت في الارض قبلها وبعدها..ولا يغطي ذلك ايضا تقدمنا في العلم والريادة به لمرحلة ما.(وهذا نعتز به)..لكن الحساب الختامي كان لمصلحة السلطة التي صادرت كل مكتسباتنا التاريخيه..ووجدنا انفسنا بعد الف ومئات من السنين..متخلفين ومستعبدين وضحايا للفقر والتخلف والمرض..وزاد على ذلك مستعمر من الغرب دخل على خط استعبادنا وللان لم نخرج من هذه المعادله…

خامساً . الاسلام..بجوهره وبتجربة الرسول.ص. عبر بعمقه عن انتصار الانسان كجماعة وافراد للخير والعدل والحرية والصالح العام..والقرآن الكريم والنصوص بمضمونها العام وسلوك الرسول الكريم.كانت تتحرك ضمن هذه الخلفية التي حكمت تجربة عشرين عاما للرسول الكريم.ولم تكن الدعوة للدين الجديد الا ممارسة فعلية لذلك..فعبادة الله تعني تساوي البشر وتساميهم وتعاليهم .بعلاقتهم مع الخالق.والدعوة للدين كممارسة من الرسول كانت لزرع قيم المساواة والعدل والخير ضمن الجماعة المسلمة ومع الاخرين..لذلك حورب الدين الجديد بدايه. ثم التحق به عموم الناس .واستمر اصحاب المصلحة بالظلم والتفاوت واستغلال البشر ضده حتى النهايه..وحتى عندما التحقوا به عملوا لاستخدامة كفكر متغلب .لاعادة انتاجه لمصلحة عصبة مهيمنه ضد الناس وضد مضمون الدين ايضا….في الاسلام..لم تكن طريقة الحكم مقننه..النص القرآني يقول .وامرهم شورى بينهم.وشاورهم في الامر..وبالحالتين ان امر الحكم يعود للجماعة ويحقق مصلحتها بالتوافق والتراضي..والمتابعة من الناس.وهذا ما حصل في عصر الرسول الكريم والخلفاء الراشدين(نسبيا)…ونحن هنا نرفع الغطاء مطلقا عن اي فكر يدعي ان حكم الاسلام .دينيا.بمعنى الارادة الحاضرة لله عبر بشر.(مرفوض هذا عقلا وشرعا). من يمارس الحكم بشر مسؤولين امام بشر.وحول امور حياتيه ممكنة الادراك ممكنة التحقق وممكنة المحاسبه ايضا..وان التذرع بان حكم الناس قد يجعلهم يخالفون نصوص الهيه .(تحل حراما وتحرم حلالا).وهذا مجرد سجال نظري.وواقع الحال ان قيم الاسلام تغلغلت في الضمير الجمعي(لكل الناس). فكيف ستتوافق الجماعة الوطنية على تحليل السرقة ..او قتل الانسان بغير حق. او الزنى او الاضرار بالناس.(لن يحصل هذا)..ان تاريخ السلطة التي استخدمت الدين لتغطي قهرها واستغلالها للناس.يجعلنا نقطع مع انظمة حكم تدعي انها تحكم لما يريد الله تعالى..او تمثل ارادته المباشرة.هو تدليس .على الاسلام واعتداء عليه وعلى الجماعة المسلمه ايضا..واننا في هذا العصر .نتحدث عن الخيار الديمقراطي بصفته استمرار لخيار الشورى الاسلامي .الذي يحقق الصالح العام والعدالة والمساواة والحياة الافضل..كما فصلنا سابقا..

سادساً . لم تكن الديمقراطيه كمفهوم وممارسة .عندما اعيد تداولها معرفيا وممارسة .ناصعة  .فهي ايضا محملة بكثير من الاشكالات.ومعلق بها كثير من مشاكل البشر وحتى (مآسيها)..فالديمقراطيه المعاصره استخدمتها الطبقه الرجوازيه.التي استثمرت التطور العلمي في المجتمع والانتاج الاقتصادي.وكانت الديمقراطيه.واللبراليه والعلمانيه والقوميه..روافعها الفكريه في مواجهة .استبداد الحكام (ملوك وامراء مقاطعات).ورجال الدين (بابا الكنيسه ورجال الكهنوت التابعين له.والذين كانوا(كرجال دين وحكم). يتقاسمون السيطرة على المجتمعات الاوربيه كاملة كاستعباد كامل تقريبا…وانتصرت البرجوازيه..بروافعها العلمانيه واللبراليه والديمقراطيه والقوميه..وصنعت دولها القوميه..والتي تأخذ بالفكر اللبرالي الرأسمالي ( ضمان مصلحة الراسماليين).والتي تأخذ موقفا محايدا من الدين وتحيده عن امور السياسة والحكم وفي بعض الاحيان عن امور المجتمع.وهذه هي العلمانيه.( وهي متنوعه ومختلفه بالتجربه ايضا..في مواقع مختلفه)..والنتيجة ان الغرب الاوربي وبعده الامريكي ايضا.صدر نفسه للعالم ككتله واحده..وظهر بحديه المتناقضين.الراسمالي الاستغلالي والاستعماري..والذي انعكس على البشريه باستعمار وحروب وكوارث ما زلنا للان ندفع ثمنها..فالرأسماليه تتحرك لمصلحتها .باي شكل وضد اي خصم ونحن كعرب وعالم ثالث ضحية ذلك..ووجهها الاخر العلمي والديمقراطي والمتقدم في الوسائل والاساليب والتكنلوجيا..في حياة الانسان لمستويات لم تكن تخطر في الخيال الانساني سابقا….مطلوب ان نفك الارتباط بين الديمقراطيه والرأسماليه فكرا وسلوكا.وان تكون الديمقراطيه.اداة الحياة والدوله في ممارسة الحكم.لتحقيق الحياة الافضل للجماعة الوطنيه والانسانية جميعا.وتكون راعية للعداله وكرامة الانسان كما هي راعية لحريتة وحقه في قول رأيه وممارسته ايضا…

سابعاً . اصبح واضحا لنا اننا عندما تحركنا لاهدافنا بالحرية والعدالة والكرامة والحياة الافضل.وضد الدولة الاستبداديه.وطلبنا الدولة الديمقراطيه.لتحقيق ذلك.كان في علمنا ديننا الاسلامي.وحضه على هذه القيم ولتحقيق هذه الاهداف..ومتحررين من استغلال الحكام المستبدين تاريخيا للدين ولمصالحهم الخاصة.وايضا رافضين لاي مدعي معاصر لتطبيق حكم ديني.مع الاحتفاظ لكل العقائد (دينيه او قوميه او اشتراكيه او ليبراليه او ماركسيه ).ان تناضل لتنفيذ برامجها السياسيه والمجتمعيه.طالما هي تنطلق من الديمقراطيه كفكر وسلوك وكاحتكام للجماعة الوطنيه .

.اخيرا هذه اطلالة على موضوع يحتاج انارة من كل الاتجاهات..ونحن في ثورتنا.نتحرك لتحقيق اهدافنا في اسقاط النظام المستبد الوحشي.والعمل لاسترداد كرامة انساننا وحريته وحقه بالعدالة والحياة الافضل..واننا نرى ان الدولة الديمقراطية هي وسيلتنا لذلك.بمرجعية الشعب كل الشعب.وفي كل وقت لكل شؤون الدولة ورعاية مصالح العباد..هذا اقصى طموحنا ونعمل له..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى